
المذكرة 1/3 بشأن إصلاح
المنظومة القانونية للانتخابات
من: رئيس
العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان
إلى:
السيد وزير الداخلية
الوضع
الراهن والاشكالات المحتملة:
لا يمكن التمحيص في هذا
الموضوع دون الاعتراف بتقدم الآليات القانونية لمكافحة الفساد الانتخابي، وفي نفس
الوقت لا يكمن أبدا حجب العين على حقيقة أن الفساد الانتخابي سريع في تطوير نفسه
مما جعل من الآليات القانونية عاجزة على ردع المخالفين وكشف جميع أشكال الفساد
(مثل شراء الأصوات، استغلال النفوذ، التزوير...) بدليل أن هذه المشاهد تتكرر كل
موسم انتخابي، وهو راجع لعدة أسباب من ضمنها أن العقوبات المضمنة في القوانين غير
رادعة، أو أن آليات التحقيق والمتابعة بطيئة ومعقدة، مما يقلل من فعاليتها.
المبادئ
الحقوقية الدولية:
تؤكد المادة 21 من
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على "انتخابات نزيهة"، وهو ما يستلزم
بيئة خالية من الفساد.
كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية يضمن "حرية التعبير عن إرادة الناخبين" الأمر الذي لا يمكن
تحقيقه في ظل وجود فساد انتخابي، هذا بالإضافة إلى كون اتفاقية الأمم المتحدة
لمكافحة الفساد (UNCAC)،
دعت بإلحاح إلى وضع قوانين صارمة لمكافحة الرشوة، والتلاعب بالأصوات، والتزوير في
السجلات الانتخابية...
إن مكافحة الفساد
الانتخابي هي التزام دولي تفرضه الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد، مثل اتفاقية
الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وقد ظل مطلب تعزيز
الآليات القانونية لمكافحة كل أشكال الفساد الانتخابي مطلب الهيئات الأممية، من
بينها:
v
برنامج الأمم
المتحدة الإنمائي (UNDP)، والمقررة الخاصة للأمم المتحدة حول الفساد
اللذان دعيا إلى ضمان الشفافية في تمويل الحملات الانتخابية والإفصاح عن مصادر
الأموال.
v لجنة
حقوق الإنسان للأمم المتحدة، والاتحاد البرلماني الدولي بالتعاون مع الأمم
المتحدة، طالبا بتشكيل مفوضيات انتخابية مستقلة قادرة على
تنظيم الانتخابات والإشراف عليها دون تدخل من السلطات التنفيذية.
v مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، أوصايا بإشراك المجتمع
المدني والمنظمات غير الحكومية في مراقبة الانتخابات، بما في ذلك مراقبة مراكز
الاقتراع والإبلاغ عن المخالفات.
v دعت كل من لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة، والهيئات
الأممية المعنية بالمراقبة الانتخابية إل تمكين
الناخبين والمرشحين من الطعن في نتائج الانتخابات بسهولة، وتوفير إجراءات قضائية
سريعة وفعالة لمعالجة الشكاوى.
التجارب
المقارنة والمقترحات:
تعتمد العديد من الدول
استراتيجيات شاملة لمكافحة الفساد الانتخابي:
•هيئات
مستقلة لمكافحة الفساد: إنشاء هيئات مستقلة
ومتخصصة في مكافحة الفساد، تتمتع بصلاحيات واسعة للتحقيق والمتابعة القضائية في
جرائم الفساد الانتخابي ( البرازيل، كوريا الجنوبية، جنوب إفريقيا...).
تشديد العقوبات:
فرض عقوبات جنائية وإدارية صارمة على مرتكبي جرائم الفساد الانتخابي، بما في ذلك
السجن والغرامات المالية الكبيرة والحرمان من الحقوق المدنية والسياسية (الولايات
المتحدة ، المملكة المتحدة، الهند، البرازيل ، جنوب إفريقيا..).
•حماية
المبلغين: أستراليا والهند وأمريكا وجنوب إفريقيا
كلها لديها منظومة قانونية بمثابة حصن يوفر حماية قانونية ومادية للمبلغين عن
الفساد الانتخابي، وتشجيع المواطنين على التبليغ عن أي ممارسات مشبوهة.
•مراقبة
المجتمع المدني: إشراك منظمات المجتمع المدني في
مراقبة العملية الانتخابية ورصد المخالفات، وتوفير آليات قانونية لتقديم تقاريرها
وشكواها إلى السلطات المختصة (كينيا ، الفليبين ، البيرو...).
•التوعية
والتحسيس: تعمل جل الدول الديمقراطية على إطلاق
حملات توعية وتحسيس واسعة النطاق للمواطنين والمرشحين والأحزاب حول مخاطر الفساد
الانتخابي وعقوباته.
مقترحات
العصبة:
1.
تعزيز الإطار
القانوني للانتخابات: تعديل القوانين الانتخابية والقانون
الجنائي لتشديد العقوبات على جميع أشكال الفساد الانتخابي (شراء الأصوات، استغلال
النفوذ، التزوير، استخدام المال الحرام...) وتوسيع نطاق المسؤولية الجنائية لتشمل
كل الفاعلين، بما في ذلك المواطنين الذين ثبت تلقيهم لرشوة أو إتاوة مقابلة
التصويت لمرشح معين.
2.
إنشاء هيئات
مستقلة لمكافحة الفساد الانتخابي: منح الهيئات الوطنية المستقلة
صلاحيات واسعة للتحقيق ومتابعة الجرائم الانتخابية، وإحالة الملفات للجهات
القضائية، مع ضمان استقلاليتها التامة وتوفير الموارد اللازمة.
3.
تعزيز الشفافية
في تمويل الحملات الانتخابية: إلزام جميع الأحزاب والمرشحين بالإفصاح
الكامل عن مصادر التمويل الانتخابي، ومراقبة دقيقة من الهيئات الرقابية المختصة.
4.
ضمان نزاهة
الانتخابات وحرية التعبير الانتخابي: الالتزام
بالمبادئ الدولية (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية) لتوفير بيئة انتخابية خالية من الفساد والضغط، وحماية حرية
اختيار الناخبين.
5.
إشراك المجتمع
المدني في الرقابة: الاعتراف بالدور الرقابي للمنظمات غير
الحكومية، ومنحها صلاحية مراقبة الانتخابات ورصد المخالفات، وتوفير آليات قانونية
لتقديم تقاريرها وشكاواها إلى السلطات المختصة.
6.
توفير آليات
الطعن والشكاوى الانتخابية: تمكين الناخبين والمرشحين من الطعن في
نتائج الانتخابات بسهولة، وضمان إجراءات قضائية سريعة وفعالة لمعالجة المخالفات.
7.
تشديد العقوبات
على الفساد الانتخابي: فرض عقوبات جنائية وإدارية صارمة تشمل
السجن، الغرامات المالية الكبيرة، وحرمان المتورطين من الحقوق المدنية والسياسية.
8.
حماية المبلغين
عن الفساد الانتخابي: اعتماد منظومة قانونية شاملة توفر
الحماية القانونية والمادية للمبلغين عن المخالفات الانتخابية، وتشجيع المواطنين
على الإبلاغ دون خوف من الانتقام أو التهديدات.
9.
تعزيز دور القضاء
والنيابة العامة: تسريع البت في القضايا المتعلقة بالفساد الانتخابي
وضمان متابعة مرتكبي الجرائم الانتخابية بفعالية واستقلالية.
10.
حملات توعية
وتحسيس المواطنين والمرشحين: إطلاق حملات شاملة لتوعية جميع الأطراف
حول مخاطر الفساد الانتخابي وعقوباته القانونية، لتعزيز مشاركة واعية ونزيهة.
11.
توسيع نطاق
التجريم والمسؤولية القانونية: ضمان شمول جميع الفاعلين في الفساد
الانتخابي، سواء كانوا أفرادًا أو أحزابًا أو مؤسسات، وعدم السماح بالإفلات من
العقاب.
12.
ضمان استقلالية
وفعالية الهيئات الرقابية: منح الهيئات الوطنية المستقلة صلاحيات
مستقلة، وتوفير الموارد البشرية والمالية الكافية لضمان فعاليتها في مكافحة الفساد
الانتخابي.
خاتمة
إن إصلاح المنظومة
الانتخابية في المغرب يمثل لحظة تاريخية حاسمة لتعزيز المسار الديمقراطي وتوطيد
دولة الحق والقانون، كما أن التوجيهات الملكية، والمبادئ الدستورية، والالتزامات
الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان، كلها عوامل تدفع نحو إصلاح شامل وعميق يضمن
انتخابات شفافة، نزيهة، وتشاركية.
لقد أثبتت التجارب
الدولية أن إشراك المجتمع المدني في هذه العملية هو ضرورة حتمية لضمان شرعية
الإصلاحات وفعاليتها واستدامتها.
والعصبة المغربية للدفاع
عن حقوق الإنسان، وهي تقدم هذه المذكرة إلى السيد وزير الداخلية، تجدد التذكير على
أن هذه المذكرة هي أولية وستليها مذكرتان أخريتان، وتؤكد كذلك على قناعتها الراسخة
بأن الانفتاح على المجتمع المدني، وخاصة الجمعيات الحقوقية، في المشاورات المتعلقة
بإصلاح المنظومة الانتخابية، سيمكن من صياغة قوانين انتخابية تعكس تطلعات الشعب
المغربي، وتستجيب للمعايير الدولية، وتساهم في بناء ديمقراطية حقيقية يشارك فيها
الجميع.
إن المقترحات المقدمة في
هذه المذكرة، والتي تشمل التقطيع الانتخابي، وشروط الترشح، وتعزيز حضور النساء
والشباب، وتمويل الحملات والأحزاب، والوصول إلى الإعلام العمومي، واللوائح
الانتخابية، وآليات الرقابة ومكافحة الفساد، قد يكون بعضها مضمن في القوانين
الانتخابية الجارية، لكنها لم تعط أكلها وظلت حبرا على ورق أو أن المسالك
الإجرائية لتفعيلها غير واضحة أو معقدة مما يحد من جدواها، لذلك فقد آثرنا التسطير
بالبنط البارز عليها حتى يتم أخذها بعين الاعتبار، خاصة وأنها تعد خطوات عملية
نحو تحقيق الهدف النبيل – انتخابات حرة نزيهة -، وهي، بنفس القدر، مدخل لتفعيل
الآليات الاقتراحية الموكولة الى المجتمع المدني عامة والى الجمعيات الحقوقية على
وجه التحديد.
وعليه فإن العصبة تلتزم بمواصلة ممارسة دورها في
هذا الإطار، كما تدعو وزارة الداخلية، إلى أن تولي هذه المذكرة الاهتمام اللازم،
وتفتح قنوات حقيقية للحوار مع مكونات المجتمع المدني، إيماناً بأن التعاون
والتشارك هما السبيل الأمثل لبناء منظومة انتخابية قوية، تخدم مصلحة الوطن
والمواطنين، وتساهم في تعزيز مكانة المغرب كنموذج ديمقراطي في المنطقة.
المكتب المركزي
ملتزمون بالدفاع عن
حقوق الإنسان
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك