"هِمَمْ" تدق ناقوس الخطر..حرية الصحافة بالمغرب على حافة الانهيار

"هِمَمْ" تدق ناقوس الخطر..حرية الصحافة بالمغرب على حافة الانهيار
تقارير / السبت 03 مايو 2025 - 20:30 / لا توجد تعليقات:

 أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا

في بيان شديد اللهجة توصلت "أنتلجنسيا المغرب" بنسخة منه، حذّرت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين ـ هِمَمْ ـ من استمرار تدهور أوضاع حرية الصحافة بالمغرب، في ظل ما وصفته بـ"تصعيد القمع الممنهج" ضد الصحفيين والمدونين والنشطاء، وتزايد المحاكمات والمتابعات باستعمال القانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر، ما يمهد لانهيار منظومة حرية التعبير بشكل كامل.

وقالت الهيئة إن اليوم العالمي لحرية الصحافة يأتي هذه السنة في سياق قاتم، تسوده الانتهاكات والاغتيال المعنوي والتشهير والرقابة، مؤكدة أن ما يعيشه الصحفيون في المغرب يُنذر بأزمة ثقة حادة بين المجتمع والمؤسسات.

وجاء في البيان أن الصحفيين المغاربة يتعرضون لاستهداف واسع النطاق، من بينهم حميد المهداوي، حنان بكور، لبنى الفلاح، ومحمد يوسفي، إلى جانب المدونين مناهضي التطبيع، الذين تتم متابعتهم بسبب التعبير عن مواقف سياسية مناصرة للقضية الفلسطينية.

وأوضحت الهيئة أن التضييق لم يعد مقتصرا على المحاكمات، بل بات يمتد إلى التهديد، والتشهير، والتجويع الاقتصادي، والمنع من العمل، والرقابة على المؤسسات الإعلامية المستقلة، محذّرة من التواطؤ الرسمي في تقويض الإعلام المهني الحر عبر دعم مالي مشبوه يهدف لتدجين المنابر.

وقالت هِمَم في بيانها إن استمرار السلطات في سياسة القمع وسدّ كل منافذ التعبير الحر، سيفاقم الوضع الحقوقي ويزيد من تأزيم العلاقة بين السلطة والمجتمع، مطالبة بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، وعلى رأسهم النقيب محمد زيان ومعتقلي حراك الريف، والمدونين محمد بوستاتي ورضوان القسطيط.

كما جدّدت الهيئة تأكيدها على دعمها اللامشروط لحرية الصحافة والرأي، ورفضها التام لتحويل الإعلام إلى أداة دعائية مغلقة تخنق التعددية وتطرد الكفاءات إلى المنافي.

نص البيان كاملا:

الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين ـ هِمَمْ ـ

بيان اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 ماي 2025

يحتفي العالم، وخاصة رجال ونساء الإعلام والصحافة، يوم 3 ماي من كل سنة، باليوم العالمي لحرية الصحافة. وقد أقرت الأمم المتحدة هذا اليوم في عام 1993، بناء على توصية من المؤتمر العام لليونسكو جاءت تفاعلا مع إعلان ويندهوك للصحفيين الأفارقة لسنة 1991؛ وأكبر ما يرتبط بحرية الصحافة والنشر هو ضمان حق المجتمع في الاطلاع، وحقه في التوصل إلى الرأي والرأي الآخر، وتفعيل الرقابة المجتمعية على الحاكمين بالتمكين من التحري المستقل ومن نشر ما قد يرغب الحاكمون في حجبه من معطيات ومقاربات.

ويعتبر هذا اليوم الأممي، مناسبة لوضع الأنظمة والحكومات أمام مسؤولياتها في مجال احترام حرية الصحافة، وفرصة سنوية للتذكير بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة وتقييم مؤشرها في جميع أنحاء العالم، والدفاع عن وسائل الإعلام في مواجهة الاعتداءات على استقلاليتها، وإحياء ذكرى الصحفيين الذين قضوا نحبهم أثناء ممارستهم مهنتهم، وتوثيق الاعتداءات والانتهاكات التي استهدفت استقلالية وسائل الإعلام والصحفيين، والدفاع عن الإعلاميات والإعلاميين ضحايا الاضطهاد.

وتحل هذه المناسبة في ظل تعمق الانقسامات والنزاعات وتزايد الانتهاكات، وهو ما يقوي الحاجة لصحافة حرة كشرط أساسي لحرية الناس، وضرورة مجتمعية تؤسس للمساءلة والعدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان.

ويأتي الاحتفاء باليوم العالمي لحرية الصحافة هذه السنة في سياق جد خاص، إذ يواجه الصحفيون ووسائل الإعلام تحديات كبرى ليس أقلها: القتل والتنكيل بهم والتحريض عليهم في مناطق النزاع أو الأحداث العنيفة؛ الاغتيال المعنوي والتحرش بهم على شبكات التواصل الاجتماعي، والحجب والرقابة والتحرش القضائي والاقتصادي والإداري الذي تمارسه السلطات، والرقابة الذاتية التي يولدها هذا الوضع. وبلغ استهداف الصحفيين في العالم عبر المحاكمات والسجن والاستهداف المعنوي والإيذاء الجسدي والتصفية مستويات غير مسبوقة.

ونال الصحفيون الفلسطــ-ـــينيون المحليون، والعاملون في مجال الصحافة والإعلام عموما، نصيبا كارثيا من هذه الانتهاكات الصارخة، على مدار عام ونصف مضى، من حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهــ-ـيــ-ـــوني ضد الشعب الفلســ-ــطينـي في قطاع غـــ-ـزة وغيره. وقد أضحت المنطقة، بإجماع المراقبين، أخطر الأماكن في العالم للتغطية الإعلامية، بحيث يواجه العاملون في مجال الصحافة والإعلام خطر القتل والاختطاف والاحتجاز بشكل يومي وممنهج، أدى إلى استشهاد أكثر من 200 صحفيا وصحفية.

وفي المغرب، لا تشذ وضعية حرية الصحافة والإعلام على الاتجاه في منحدر سلبي، إذ تتواتر حالات الاعتقالات والمتابعات بسبب الرأي، وتضييق مساحات حرية التعبير، والتحكم في وسائل الإعلام، ومحاكمة الصحافيين بالقانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر، وتنامي حملات التشهير ضد الصحفيين وعرقلة عملهم وتقييد وصولهم إلى المعلومات، وفرض الهشاشة الاقتصادية على المؤسسات الإعلامية والعاملين في القطاع.

وفي هذا الإطار، ما فتئت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين ـ هِمَمْ ـ ، عبر رصدها وتتبعها لحالة حرية الصحافة في المغرب، تحذر من الاتجاه الخطير للقمع المنهجي لحريات الرأي والتعبير والصحافة والإعلام، وتسجل استمرار انتهاك حرية الصحافة والصحفيين بوتيرة مقلقة، في ظل النقص الحاد في الضمانات الدستورية والقانونية التي تكفل حماية حقهم في ممارسة عملهم الحيوي.

و الهيئة المغربية، إذ تحيي عاليا التضحيات الجسام التي يستمر في تقديمها الصحفيون والصحفيات المدافعون والمدافعات عن الحق في الرأي والتعبير، المؤمنون/المؤمنات بنبل وقداسة رسالتهم واستقلاليتهم رغم البيئة الصعبة التي يشتغلون فيها، تسجل ما يلي:

تواصل المتابعات القضائية للصحفيين في إطار القانون الجنائي عوض قانون النشر والصحافة، وتهم هذه الوقائع بالأساس منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي؛

استمرار المحاكمات المتكررة للصحفي حميد المهداوي جراء سيل من الشكايات والمتابعات والاستدعاء للمجلس التأديبي على خلفية ممارسته العمل الصحفي وانتقاده للسياسات العامة للسلطات العمومية؛

استمرار اعتقال المدونين بسبب ما يعبرون عنه من آراء مناهضة للتطـ ـبيع وانتقاد تخاذل الأنظمة كما حدث للناشطين والمدونين محمد بوستاتي ورضوان القسطيط، الذين انتقدا التطــ:ـبيع وناصرا القضية الفلســـ:ـطينية العادلة؛

استمرار متابعة الصحفية حنان بكور، التي توبعت بتهمة "توزيع وقائع كاذبة، بقصد المس بالحياة الخاصة للأشخاص باستعمال الأنظمة المعلوماتية" بسبب تدوينة؛

تواتر التضييق على الصحافية لبنى الفلاح، مديرة جريدة الحياة اليومية، عبر محاكمتها في قضية مقال لم تنشره جريدتها بعد إثبات ذلك بطرق قانونية، وتعرضها لعقوبات تأديبية علاوة على تلقيها تهديدات وتعرضها لحملة تشهير؛

متابعة الصحفي المتدرب محمد يوسفي في حالة سراح من أجل جنح تتعلق بالقانون الجنائي عوض قانون الصحافة والنشر على خلفية انتقاده عبر وسائط التواصل الاجتماعي لمسؤولين بجماعة العيون إثر منعه من تغطية نشاط دبلوماسي بالمدينة؛

استمرار متابعة المدون محمد الدغاي بناء على شكاية تقدم بها المندوب العام لإدارة السجون؛

تواتر حملات التشهير بمستويات غير مسبوقة، من تخوين، وسب وقذف، وانتهاك للأعراض، وتهديد بالاعتقال، في انتهاك صارخ لقوانين زجر الجرائم الإلكترونية، ضد عدد من الصحافيين المستقلين وعائلاتهم، كما هو الحال بالنسبة للصحفيين توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وحميد المهداوي وعلي لمرابط؛

مضي الدولة المغربية في مخطط التحكم في وسائل الإعلام بشكل كامل وتقويض استقلالية المهنة، حيث تسمح الهوامش الواسعة لتدخل الجهاز التنفيذي بالحد من حرية الصحفيين وتحييد المنسوب النقدي والرقابي المستقل لديهم، والرفع من منسوب الرقابة الذاتية داخل وسائل الإعلام الخاصة وتعزيز تبعيتها للسلطة؛

استمرار الحكومة منذ سنة 2021، في أداء رواتب الصحفيين العاملين في عدد لا يستهان به من المؤسسات الإعلامية الخاصة من المالية العامة، وهي الممارسة التي بدأت كدعم مؤقت خلال أزمة جائحة كوفيد 19، لتجاوز آثار تراجع المبيعات ونقص الإعلانات، لتتحول إلى وضع مستدام قائم الذات يقوض ما تبقى من استقلالية المؤسسات الإعلامية؛

 تواصل القيود المباشرة وغير المباشرة التي تعترض طريق الصحفيين في محاولتهم الوصول إلى المعلومات بشكل مستقل، في ظل هيمنة الدعاية الرسمية؛

استمرار خنق حرية التعبير وقمع الصحفيين ما دفع عددا من أجود الأقلام والمحللين للجوء إلى الخارج خوفا على حريتهم وسلامتهم الجسمانية أو بحثا عن موقع مهني ومورد عيش منعوا منهما في بلدهم؛

↩️غياب التعددية، فعلاوة على الإعلام الرسمي الذي يرزح تحت هيمنة السلطة بشكل فج ومطلق، تتركز وسائل الإعلام الخاصة في أيدي فئة محدودة تتوزع بين أصحاب الثروات وذوي النفوذ أو مقربين من الأجهزة الأمنية، في مقابل التراجع المهول للمنابر المستقلة التي تواجه ضغوطا سياسية واقتصادية، إذ بالكاد يستطيع العدد المحدود على رؤوس الأصابع الذي تبقى منها الاستمرار على قيد الحياة.

إن الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين "هِمَمْ"، إذ تحذر من مغبة خنق الأصوات والإغلاق التام للفضاء العمومي، تنبه إلى أن استمرار هذا القمع الممنهج لن يزيد إلا في تعميق أزمة الثقة بين المجتمع والمؤسسات، مما يستدعي تحركا عاجلا لوقف هذا النزيف والتردي الحقوقي، وتعبر عما يلي:

تضامنها مع الصحفيين المتابعين بتهم جنائية، لممارسة حقهم في التعبير الحر، وذلك بناء على شكايات تقدم بها نافذون أو مسؤولون كبار، وأملها في أن تشهد مراحل التقاضي المقبلة في القضيتين تصحيحا للاختلالات التي عرفها مسار هذه المتابعات؛ مع مطالبتها السلطات المغربية الأمنية والقضائية بالكف عن المتابعات المسطرة في حق النشطاء والمدونين والصحفيين؛

تجديدها طلب الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الحراكات الاجتماعية وعلى رأسهم النقيب محمد زيان ومعتقلي حراك الريف، وكذا المدونين مناهضي التطــ:ـبيع محمد بوستاتي ورضوان القسطيط اللذان صدرت في حقهما مؤخرا أحكام غير عادلة، قاسية ومجانبة للصواب؛

تأكيدها على استمرار مساندتها وتبنيها لكل ملفات الرأي والاعتقال السياسي، ودفاعها عن حق المواطنين في حرية الرأي والتعبير، وحق النشطاء والصحفيين والمدونين في نشر الأفكار والآراء بكل حرية وبدون قيود، ودون تضييق أو انتقام من أسرهم وعائلاتهم، حسب ما يضمنه الدستور والقوانين الوطنية وكذا المواثيق الدولية؛

إدانتها لاستمرار الدولة المغربية في توفير الحماية لمنصات إعلامية مقربة من الأجهزة الأمنية تحترف ممارسة التشهير؛

رفضها لتأبيد سياسة الدعم المالي العمومي لوسائل الإعلام الخاصة، بشكل يؤدي إلى تدجينها ومصادرة استقلاليتها وخنق حريات الصحفيين، مع تسجيل علامات استفهام كبيرة حول انعدام الشفافية في توزيع هذا الدعم؛

تأكيدها على ضرورة واستعجالية المراجعة الشاملة لقوانين الصحافة والنشر والاتصال السمعي البصري وتنقية القانون الجنائي من كل ما يمس حرية التعبير.

وأخيرا فإن الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين "هِمَمْ" تعتبر حرية الرأي والتعبير وحق الوصول إلى المعلومات وحرية الصحافة هي ركائز أساسية لأي مجتمع عادل ومنصف، وتدعو إلى اتخاذ إجراءات فورية لحمايتها.

الجمعة 02 ماي 2025 .

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك