أنتلجنسيا المغرب:أبو فراس
حسم القضاء الدستوري أعلى درجات الجدل السياسي والقانوني، واضعًا ختم الدستور على قانون انتخابي مثير، ومعلنًا أن قواعد اللعبة البرلمانية دخلت مرحلة أكثر تشددًا وضبطًا، عنوانها تخليق الحياة العامة ولو بكلفة سياسية مرتفعة.
نهاية النقاش الدستوري وبداية مرحلة جديدة
بقرار قاطع، أعلنت المحكمة الدستورية مطابقة القانون التنظيمي رقم 53.25 للدستور في شموليته، معتبرة أن التعديلات المدخلة على قانون مجلس النواب تندرج ضمن الاختصاص التشريعي الهادف إلى تحصين التمثيل الديمقراطي وترميم الثقة المتآكلة في المؤسسات المنتخبة، بعد نقاش محتدم رافق مساره البرلماني.
شروط الترشح تحت المجهر القضائي
أقرت المحكمة منع الترشح في حق فئات واسعة من المتابعين قضائيًا أو المدانين بأحكام، مؤكدة أن هذا المنع لا يتعارض مع قرينة البراءة، لأن شروط الأهلية السياسية، وفق تعليلها، لا تخضع للمنطق الزجري بل لمنطق حماية المؤسسة التشريعية من الشبهات وضمان الحد الأدنى من المصداقية الأخلاقية.
تجريم المال والفساد الانتخابي
صادقت المحكمة على اعتبار عدم تبرير صرف الدعم العمومي المخصص للحملات الانتخابية فعلاً يدخل في خانة اختلاس المال العام، في رسالة واضحة مفادها أن المال الانتخابي لم يعد منطقة رمادية، وأن المحاسبة ستلاحق المرشحين حتى بعد انتهاء الاستحقاقات.
الأخبار الزائفة تحت طائلة السجن
في أكثر المقتضيات إثارة للقلق السياسي، باركت المحكمة إدخال عقوبات سالبة للحرية وغرامات ثقيلة ضد مروجي الأخبار الكاذبة والمحتويات المفبركة، بما فيها تلك المنتجة بالذكاء الاصطناعي، إذا استُعملت للمساس بالمترشحين أو للتأثير على نزاهة الانتخابات، بعقوبات قد تصل إلى خمس سنوات حبسًا ومائة ألف درهم غرامة.
النائب المعتقل خارج البرلمان
أقر القرار دستورية تجريد البرلماني الذي يتجاوز اعتقاله ستة أشهر من صفته، باعتباره إجراءً يهدف إلى ضمان السير العادي للمؤسسة التشريعية وعدم تحويلها إلى رهينة لوضعيات قضائية معلقة.
انتخابات رقمية وتمثيل مؤقت
صادقت المحكمة على إيداع الترشيحات إلكترونيًا، وعلى استمرار لوائح النساء الجهوية كإجراء انتقالي نحو المناصفة، كما أجازت التصويت بالوكالة للمغاربة المقيمين بالخارج عبر الوسائط الرقمية، في خطوة تعكس توجهاً نحو رقمنة العملية الانتخابية.
قانون دستوري وأسئلة سياسية مفتوحة
رغم الحسم الدستوري، يفتح القانون الجديد بابًا واسعًا للنقاش حول حدود التوازن بين محاربة الفساد الانتخابي وحماية حرية التعبير والتنافس السياسي، خصوصًا في ما يتعلق بتوسيع مفهوم الأخبار الزائفة وتجريمها.
الاختبار الحقيقي في الممارسة
بهذا القرار، اجتاز القانون التنظيمي امتحان الدستور، لكنه يدخل اختبارًا أشد قسوة: اختبار التطبيق. فإما أن يتحول إلى أداة لضمان انتخابات نزيهة ومؤسسات تحظى بالثقة، أو إلى نص قانوني ثقيل يثير مخاوف جديدة حول تضييق المجال السياسي تحت شعار التخليق.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك