أنتلجنسيا المغرب:أبو آلاء
فجّر مشروع القانون رقم 66.23 المنظم لمهنة المحاماة، الذي صاغته وزارة العدل، موجة غضب واسعة داخل أوساط هيئات الدفاع، بعدما كشف عن تشديد غير مسبوق لشروط الولوج إلى المهنة، في خطوة وُصفت بأنها إقصائية وتضييقية وتعيد رسم خريطة المحاماة بمنطق انتقائي صارم.
المشروع يشترط لأول مرة أن يكون المترشح حاصلا حصرا على شهادة الماستر أو ما يعادلها في العلوم القانونية من الجامعات المغربية أو شهادات معترف بمعادلتها، ما يعني عمليا إغلاق الباب في وجه آلاف الحاصلين على الإجازة فقط.
النص، الذي ما زال في طور النقاش، حافظ على الشروط التقليدية المرتبطة بالجنسية والسن، محددا سقف الولوج بين 22 و40 سنة، مع فرض سجل عدلي “نظيف” وخلو تام من أي إدانة أو عقوبة تأديبية أو مساس بالشرف، حتى وإن رُدّ الاعتبار.
كما شدد على السلامة القانونية والتجارية للمترشح، وفرض وضعية سليمة تجاه الخدمة العسكرية، إضافة إلى شرط القدرة الصحية.
ولم يقف المشروع عند بوابة المباراة، بل امتد ليضع مسارا طويلا ومعقدا للتكوين، إذ يُلزم الناجحين بسنة تكوين نظري داخل معهد خاص، ثم التقيد الإجباري في لائحة المحامين المتمرنين داخل أجل ضيق، تحت طائلة الرفض.
بعدها يدخل المترشح نفق تمرين يمتد لعامين كاملين، بين مكاتب المحامين والإدارات والمؤسسات العمومية، قبل اجتياز امتحان نهاية التمرين.
المشروع منح الإدارة سلطة واسعة في تمديد فترات التمرين عند الانقطاع أو الرسوب، بما في ذلك تمديد إضافي لمدة سنة بقرار من وزارة العدل، وهو ما اعتبره مهنيون تكريسا لمنطق الوصاية وتحكما مباشرا في مسار المهنة.
بهذه الصيغة، لا يبدو مشروع قانون المحاماة مجرد تنظيم مهني، بل تحولا جذريا في فلسفة الولوج، ينذر بصدام حاد بين الحكومة وهيئات الدفاع، ويطرح أسئلة عميقة حول مستقبل المهنة، وحدود استقلالها، ومن يُسمح له فعليا بحمل بذلة المحامي في مغرب القوانين الجديدة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك