أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
فجّر البرلماني عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، جدلاً سياسياً جديدا واسعاً بعد توجيهه اتهامات ثقيلة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، متحدثاً عن ما وصفه بـ تضارب مصالح صارخ بين مسؤولين حكوميين وفاعلين اقتصاديين مقربين منهم، في واحدة من أكبر القضايا التي تعصف بالقطاع خلال سنة 2025.
بوانو كشف، خلال جلسة للجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، أن شركة “فارمابروم” (Pharmaprom)، التي يديرها حسن برادة، شقيق وزير التربية الوطنية الحالي، حصلت على صفقات من وزارة الصحة بلغت قيمتها 32 مليون درهم. وأضاف أن الشركة نفسها استفادت من صفقات أخرى تتراوح ما بين 7 و50 مليون درهم مع مراكز استشفائية جامعية، وهو ما اعتبره “دليلاً على اختلالات عميقة وغياب الشفافية في تدبير المال العام”.
ووصف بوانو وزارة الصحة بأنها تحولت إلى “وزارة الصفقات” بدل “وزارة الصحة”، متهماً مسؤوليها بالتفاوض خارج الأطر القانونية، وإلغاء صفقات بطريقة “غير مفهومة وغير مسبوقة”، بما فيها إلغاء صفقات عبر رسائل SMS موجهة للمديرين الجهويين، مع تعديل دفاتر التحملات في اللحظات الأخيرة.
ونشرت وسائل إعلام وطنية وثائق تؤكد جزءاً من المعطيات التي كشف عنها بوانو، من بينها طلبات عروض مركزية تجاوزت قيمتها 5 و11 مليون درهم موجهة مباشرة إلى نفس الشركة، إلى جانب صفقات أخرى مع مستشفيات جامعية في الدار البيضاء، الرباط، وفاس.
وفي خضم هذه الاتهامات، طالب بوانو بتشكيل لجنة تقصي حقائق برلمانية، معتبراً أن أي محاولة لإحالة الموضوع إلى لجان أخرى أو إلى الحكومة “تقليل من دور البرلمان وتستر محتمل على تضارب مصالح خطير”.
من جانبها، حاولت الحكومة التخفيف من وقع القضية، إذ أكد وزير الصحة أن بعض الصفقات ألغيت لأسباب “موضوعية وتقنية”، دون تقديم تفاصيل دقيقة، فيما اعتبر برلمانيون من الأغلبية أن تصريحات بوانو “تشويش سياسي” لا أكثر.
القضية، التي تتقاطع فيها المسؤولية الحكومية بالمصالح الاقتصادية المباشرة، تطرح أسئلة ثقيلة حول الحكامة داخل وزارة الصحة، وعمّا إذا كانت الصفقات العمومية تُمنح وفق قواعد المنافسة والشفافية، أم وفق منطق القرابة والنفوذ.
وتأتي هذه الاتهامات في لحظة حساسة يعيش فيها المغاربة ضغطاً متزايداً على المنظومة الصحية، ما يجعل القضية مرشحة للتطور أكثر خلال الأسابيع المقبلة، خاصة إذا رأت لجنة تقصي الحقائق النور أو ظهرت وثائق جديدة تدعم – أو تنفي – ما قاله بوانو.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك