أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا
شهدت جامعة محمد السادس متعددة
التخصصات التقنية بالرباط انطلاقة فعاليات الدورة التاسعة لمؤتمر السلام والأمن في
إفريقيا، في لحظة فارقة تعيش فيها القارة على وقع توترات دولية متسارعة وتحولات
داخلية عميقة. المؤتمر الذي اختار شعار "إفريقيا في مواجهة الشكوك
العالمية"، لا يعيد فقط طرح الأسئلة القديمة حول الأمن، بل يعيد صياغتها في
سياق جديد يعج بالتحديات والتقلبات.
اللقاء الفكري، الذي ينظمه مركز
السياسات من أجل الجنوب الجديد، يجمع نخبة من صناع القرار، والباحثين، وممثلي
المجتمع المدني، في محاولة لرسم خارطة طريق أمنية وسياسية تليق بقارة ما تزال تبحث
عن تموقعها الحقيقي بين القوى العالمية المتنافسة. رئيس المركز، كريم العيناوي، لم
يُخفِ قلقه من انسداد أفق الشراكات التقليدية، ودعا إلى تفكير ينبع من القارة
نفسها لا يُملى عليها من الخارج.
أصوات إفريقية عديدة ترددت داخل أروقة
المؤتمر، على رأسها صوت هيليو سانشيز، الأمين العام السابق لحكومة الرأس الأخضر،
الذي شدد على غياب الإرادة السياسية الصلبة في التكتلات الإقليمية، تلاه موسى توري
من جامعة غاو، الذي رفع شعار "التعددية القطبية الحضارية" كبديل جذري عن
الوصفات الدولية المستوردة، مؤكداً على ضرورة استثمار الإرث الثقافي لمجتمعات
الساحل كرافعة لبناء نموذج تنموي خاص ومستقل.
وفي مشهد لم تخلُ فيه النقاشات من عمق
أكاديمي وتحليل واقعي، تدخل سايت ماتي جاو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة غامبيا،
ليؤكد أن المؤتمر ليس مجرد فضاء نظري، بل منصة حقيقية تعيد الاعتبار لصوت المواطن
الإفريقي في خضم التحولات الجيوسياسية. فبين ضعف المؤسسات الإقليمية، واستمرار
النزاعات، تلوح في الأفق أسئلة كبرى تتعلق بالسيادة والدفاع وتملك السردية.
المؤتمر، الذي يمتد ليومين، يراهن على
ست جلسات جوهرية تتقاطع فيها محاور الدفاع، والدبلوماسية، واستقلالية القرار،
بمرجعيات إفريقية نابعة من الواقع، لا من التوجيهات الأجنبية. ويهدف المنظمون إلى
إحداث قطيعة مع مقاربات مجزأة، لصالح رؤية شمولية تُعيد للأفارقة زمام المبادرة،
وتربط بين الجامعات ومراكز التفكير وصانعي القرار على أرض الواقع.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك