أنتلجنسيا المغرب:الهدهد المغربي
في خطوة دبلوماسية لافتة تحمل أكثر من رسالة سياسية وأمنية، وجّهت موريتانيا إشارات قوية إلى رفضها القاطع لأي محاولة لتحويل أراضيها إلى منصة عدائية ضد المغرب، سواء من طرف "جبهة البوليساريو" أو أي أطراف إقليمية أخرى تسعى إلى زرع التوتر في المنطقة.
تحوّل جذري في موقف نواكشوط
بحزم ووضوح، أبلغت نواكشوط من يعنيهم الأمر أن الأراضي الموريتانية ليست ولن تكون أبداً مجالاً لأي نشاط سياسي أو عسكري يستهدف أمن واستقرار المملكة المغربية.
مصادر متطابقة أكدت أن السلطات الموريتانية أبلغت قادة "جبهة البوليساريو" بضرورة احترام حدود البلاد وعدم استخدام أي نقطة داخل التراب الموريتاني في أنشطة معادية للمغرب أو لاستعراضات عسكرية ذات طابع استفزازي.
رسائل سياسية للداخل والخارج
هذه الرسائل تأتي في وقت دقيق تعيش فيه المنطقة على إيقاع تحولات استراتيجية، سواء بعد التطورات في ملف الصحراء المغربية أو بعد تزايد التوتر بين الجزائر والمغرب.
وتُعد الخطوة الموريتانية بمثابة تأكيد قوي على حياد نواكشوط الإيجابي، لكنها تتجاوز الحياد التقليدي لتُعبّر عن موقف سيادي يرفض أن تكون موريتانيا طرفاً في نزاعات لا تخدم مصالحها الوطنية ولا استقرارها الإقليمي.
عزلٌ تدريجي للبوليساريو
الرفض الموريتاني لتمرير أي أجندات معادية للمغرب فوق أراضيه يشكل ضربة دبلوماسية جديدة للبوليساريو، التي تجد نفسها محاصرة في تحركاتها، سواء بالميدان أو على الصعيد السياسي، وسط مؤشرات متزايدة على تآكل الدعم الذي كانت تتلقاه من بعض الدول، خاصة بعد اعترافات دولية متتالية بمغربية الصحراء.
ومن المعلوم أن الجبهة كانت تراهن على بعض المناطق الحدودية داخل موريتانيا كامتداد جغرافي لأنشطتها، سواء في التهريب أو للتحرك الإعلامي والسياسي. غير أن هذا الباب يبدو أنه أُغلق الآن بشكل نهائي.
الرباط ترحب..دون تعليق رسمي
في الرباط، ورغم غياب أي تعليق رسمي حتى الآن، تُتابع الأوساط السياسية المغربية بإيجابية هذا الموقف، الذي يُعزز الثقة بين البلدين ويُعبّر عن نضج جديد في العلاقة المغربية-الموريتانية، التي شهدت في السنوات الأخيرة تقارباً ملحوظاً خصوصاً على المستوى الاقتصادي واللوجستي، مع مشاريع ضخمة لتعزيز التبادل التجاري عبر المعبر الحدودي الكركرات.
موريتانيا ترسّخ سيادتها
الموقف الأخير يعكس أيضاً حرص القيادة الموريتانية على تأكيد سيادتها وعدم الرضوخ لأي ضغط من جبهة البوليساريو أو من داعميها، خاصة وأن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني عبّر في أكثر من مناسبة عن توجه بلاده نحو السلام والتنمية، ورفضه لأي تصعيد أو اصطفاف من شأنه زعزعة الأمن في منطقة الساحل والصحراء.
خلاصة المشهد:موريتانيا لا تريد أن تكون "أرض تصفية حسابات" ولا "منطقة عازلة" تُستغل ضد الجيران، بل تسعى لتعزيز دورها كقوة توازن إقليمي.
وبهذا القرار السيادي، تكون نواكشوط قد خطت خطوة كبيرة نحو ترسيخ موقعها كفاعل مستقل يختار شركاءه بناءً على المصالح الوطنية أولاً... لا على إملاءات أو ضغوط خارجية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك