أنتلجنسيا المغرب:هلال الأحمدي
عودة الرجل المثير للجدل إلى الواجهة
في مشهد سياسي لم يخلُ من مفاجآت، جدد المؤتمر الوطني لحزب العدالة والتنمية بالمغرب انتخاب عبد الإله بنكيران أمينًا عامًا للحزب، في خطوة أعادت الرجل القوي، المحسوب على التيار الإسلامي والمعارضة البرلمانية، إلى قلب الساحة السياسية المغربية. ورغم حالة الارتباك التي يعيشها الحزب منذ الهزيمة القاسية في انتخابات 2021، فإن عودة بنكيران تطرح أسئلة كثيرة حول مستقبل "البيجيدي" وحول طبيعة المشهد السياسي مع اقتراب استحقاقات 2026.
تصويت "الولاء" أم خيار الضرورة؟
عملية انتخاب بنكيران تمت وسط حديث واسع عن أن قواعد الحزب، خاصة شبابه وقياداته الوسطى، وجدوا فيه "صمام أمان" لإعادة ترميم الصفوف ومواجهة التحديات المقبلة. كثيرون يرون أن التصويت عليه لم يكن مجرد تجديد للثقة، بل خيار الضرورة بعد أن فشلت القيادات الأخرى في ملء الفراغ الذي خلفه الرجل منذ إبعاده عن رئاسة الحكومة سنة 2017.
في المقابل، يعتبر خصومه أن انتخابه مرة أخرى يعكس أزمة عميقة داخل الحزب، عنوانها غياب التجديد وتشبث القواعد بقيادة كارزمية تعرف كيف تخوض المعارك، حتى وإن كانت تفتقر أحيانًا لحلول عملية للأزمات.
دلالات ورسائل إعادة انتخاب بنكيران
إعادة انتخاب بنكيران تحمل رسائل واضحة على أكثر من صعيد. داخليًا، يُقرأ هذا الحدث كتأكيد على أن حزب العدالة والتنمية، رغم جراحه، لا يزال متمسكًا بثوابته الإيديولوجية ورموزه التاريخيين. بنكيران بالنسبة للعديد من المناضلين رمز للهوية الإسلامية المعتدلة ولروح المعارضة القوية.
أما على الصعيد الوطني، فعودة بنكيران قد تعني أن الحزب يستعد للعب أدوار أكثر صدامية مع حكومة عزيز أخنوش، التي يواجهها بسيل من الانتقادات، خاصة في ظل استمرار موجة الغلاء وتفاقم الأوضاع الاجتماعية.
رهانات بنكيران في ولايته الجديدة
يدخل عبد الإله بنكيران مرحلة جديدة من القيادة وسط تحديات جسيمة:
إعادة بناء قاعدة الحزب الشعبية التي تضررت بشدة خلال السنوات الأخيرة.
وضع رؤية سياسية واضحة لمعارضة الحكومة الحالية بفعالية دون الوقوع في الشعبوية.
التهيئة الجيدة للانتخابات التشريعية المقبلة لسنة 2026.
تجاوز الانقسامات الداخلية، خاصة مع وجود تيارات داخل الحزب ترى أن المرحلة تحتاج إلى وجوه جديدة وأفكار حديثة.
كيف سيتعامل بنكيران مع التحالفات السياسية؟
من المعروف عن بنكيران مرونته البراغماتية في إدارة التحالفات، رغم خطابه الشعبوي أحيانًا. مع ذلك، الوضع الحالي أكثر تعقيدًا، فالأغلبية الحكومية تبدو متماسكة ظاهريًا، بينما المعارضة تعاني من التشتت والضعف.
يبقى السؤال مفتوحًا: هل يستطيع بنكيران توسيع جبهة معارضة قوية قادرة على قلب موازين القوى في 2026، أم أنه سيظل زعيمًا معزولًا يواجه تحديات أكبر من قدرة حزبه على الاستيعاب؟
سيناريوهات مفتوحة أمام "البيجيدي" وبنكيران
المستقبل القريب قد يفتح عدة سيناريوهات أمام حزب العدالة والتنمية مع بنكيران في القيادة:
سيناريو الانتعاش إذا استطاع الحزب استعادة قاعدته الشعبية المتضررة وتحقيق اختراقات انتخابية محلية وجهوية.
سيناريو الجمود إذا استمرت الصراعات الداخلية وفشل الحزب في تجديد خطابه السياسي وبرامجه.
سيناريو الانقسام في حال تصاعدت الخلافات الداخلية وعدم تقبل بعض القيادات لاستمرار بنكيران على رأس الحزب.
عودة الزعيم... ولكن بأي ثمن؟
لا شك أن انتخاب بنكيران مجددًا هو إعلان واضح أن حزب العدالة والتنمية لا يزال يراهن على رموزه التاريخيين لمواجهة تحديات الحاضر. ولكن تبقى معركة إعادة بناء الحزب والانخراط في معارضة حقيقية للحكومة الحالية رهانًا صعبًا. في النهاية، نجاح بنكيران في ولايته الجديدة لن يُقاس بالخطابات الحماسية، بل بالقدرة على تحقيق اختراق سياسي وانتخابي يعيد للحزب وزنه الذي خسره في السنوات الأخيرة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك