أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا
من قلب مدينة طنجة، وعلى ضوء شعارٍ
يحمل في ثناياه عمق الرسالة وروح المسؤولية، افتُتحت أشغال المؤتمر الوطني العام
الثاني والثلاثين للمحامين، وسط زخمٍ رمزي وتاريخي يوثق لمئة سنة من الحضور
النضالي لمهنة الدفاع بالمغرب.
وفي كلمة قوية ومؤثرة، خاطب الرئيس
المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الحضور، مستحضراً عراقة الهيآت الوطنية
للمحامين، ومثمناً اختيار شعار المؤتمر الذي يعترف بدور المحاماة كركيزة بنيوية
ضمن منظومة العدالة، لا كمجرد ملحق تقني بل كفاعل شريك ومؤثر في صناعة القرار
القضائي.
الرسالة التي حملتها كلمة الرئيس
المنتدب لم تكن مجرد مجاملة مناسباتية، بل وثيقة موقف واضح يعيد الاعتبار لمهنة
المحاماة بوصفها نبض القيم الدستورية ومؤشراً على عدالة المجتمع ومناعته الحقوقية.
فقد شدد على أن المحامي ليس فقط من
ينطق بالقانون، بل من يُحييه بالاجتهاد ويُترجمه بلغة الضمير، وأن المرافعة ليست
مجرد أداء مهني، بل فعل مقاومة من أجل العدل.
وهي إشارة قوية إلى أن زمن الإصلاح
القضائي لا يكتمل إلا بإدماج صوت الدفاع في قلب المشروع، انسجاماً مع التوجيهات
الملكية السامية، وتجاوباً مع تطلعات مجتمع يسائل مؤسساته عن الحق والكرامة.
كلمة
الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية "محمد عبدالنباوي"
بمناسبة المؤتمر الوطني العام 32 للمحاماة تحت شعار: "المحاماة فاعل محوري
وشريك أساسي في منظومة العدالة"
المنعقد
أيام 15-16 و17 ماي 2025 – طنجة
زملائي
المسؤولين القضائيين والقضاة؛
حضرات
السيدات والسادة المحترمين؛
أسعد اليوم
بمشاركتكم افتتاح أشغال المؤتمر الوطني الثاني والثلاثين لجمعية هيآت المحامين
بالمغرب، والذي يصادف هذه السنة الذكرى الثالثة والستين لتأسيس الجمعية التي تختزل
مجد مهنة الدفاع ببلادنا. كما أن الذكرى تصادف هذه السنة مرور قرن وتسع سنوات على
تأسيس هيأة المحامين بالرباط، وأكثر من مائة سنة على تأسيس هيأة المحامين بطنجة،
وكذلك على صدور أول قانون للمحاماة بالمغرب في العاشر من يناير سنة 1924.
ولأجل ذلك
أود أن أتقدم بجزيل الشكر للسيد رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب، وللسيد نقيب
هيأة المحامين بطنجة على دعوتهما الكريمة لي لمشاركة السيدات والسادة المحامين
المغاربة هذا الاحتفال القانوني والحقوقي الذي يعتبرونه منبراً منيراً لتدارس
القضايا التي تستأثر باهتمامهم وتندرج ضمن انشغالاتهم المهنية.
ويطيب لي
بهذه المناسبة أن أرفع إليكم السيد الرئيس، والسيد نقيب الهيأة المضيفة وإلى
السادة النقباء ولكافة الأساتذة المحاميات والمحامين تهاني قضاة المملكة
وتبركياتهم. وأصدق أمانيهم بالتوفيق والنجاح لكم ولمؤتمركم هذا.
حضرات
السيدات والسادة المحترمين؛
ينعقد هذا
المؤتمر تحت شعار "المحاماة فاعل محوري وشريك أساسي في منظومة العدالة".
وهو ليس مجرد
شعار عابر، ولكنه يمثل إعلاناً صريحاً عن وعي جماعي بالدور البنيوي الذي تلعبه
المحاماة في تحقيق العدالة، وتأكيداً واضحاً لأهمية الدور الذي تقوم به هيأة
الدفاع في تحقيق النجاعة القضائية. كما أنه يرمز إلى المكانة الهامة التي تحتلها
مهنة المحاماة داخل منظومة العدالة.
والعدالة كما
تعلمون ليست مفهوما قانونيا فحسب، ولكنها بالأساس قيمة من القيم الإنسانية التي
تتجسد في يوميات الناس. فيحسون بالأمان، ويشعرون بالاطمئنان. ويخامرهم ذلك الشعور
بقيمة المواطن والإنسان داخل مجتمع يوفر لهم نظاماً يحمي حقوقهم ويسائلهم عن إهمال
واجباتهم، فيتساوي الأشخاص والألقاب أمام صوت الحق ومنطق العدل.
وداخل هذه
المنظومة يبرز دور المحاماة، ليس كفاعل تقني في مسطرة قضائية، بل كصوت للضمير
القانوني، ولسان للقيم الحقوقية. فالمحاماة هي التي تجعل النص القانوني نابضاً
بالحياة، متفاعلاً مع ظروف وملابسات كل قضية، يحملها إلى قناعات القضاة وضمائرهم
لتثمر في النهاية عن مقررات قضائية تأتي بحلول لإشكاليات ونزاعات اجتماعية.
فالمحاماة
بلا شك فاعل أساسي في منظومة العدالة عن طريق المقالات والمذكرات والمرافعات التي
تجعل نصوص القانون تتحدث بلغة العدل وترسم حدود الحقوق والواجبات.
ولأجل ذلك
فإننا ننوه باختيار هذا الشعار مركزاً لهذا المؤتمر، ونتطلع بشغف كبير إلى مخرجاته
وتوصياته، التي ستكون بلا شك مفيدة للحوار الجاد الجاري داخل منظومة العدالة في
هذه الفترة، وتفتح آفاقاً واعدة للتفكير في أوراش إصلاحية تستحضر الذرر الملكية السامية
التي تَوَجَّه بها جلالة الملك إلى المحامين في مناسبات سابقة، إذ قال جلالته إن
المحاماة "تواجه ضرورة توحيد القيم السلوكية المثلى. واعتماد التكوين
المستمر، والاستجابة لمتطلبات العالم الرقمي، والتوفيق بين وجوب احترام الحريات
وصيانة النظام العام، في ظل سيادة القانون وسلطة القضاء".
أرجو أن يكلل
مؤتمركم هذا بالتوفيق.
والسلام
عليكم ورحمة الله..
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك