الميلودي مخاريق..ولاية رابعة تكرس الريع النقابي أم استمرارية الضرورة؟

الميلودي مخاريق..ولاية رابعة تكرس الريع النقابي أم استمرارية الضرورة؟
سياسة / الاثنين 24 فبراير 2025 - 21:12 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر

في مشهد يعكس استمرار السيطرة الطويلة على العمل النقابي بالمغرب، أعاد المؤتمر الوطني الأخير للاتحاد المغربي للشغل انتخاب الميلودي مخاريق أمينًا عامًا للنقابة لولاية رابعة، وسط انتقادات واسعة من طرف معارضيه، الذين يعتبرون أن هذه الاستمرارية تعكس "العبث والريع النقابي"، في حين يرى أنصاره أن وجوده يضمن استمرارية قوية للنقابة في الدفاع عن حقوق الشغيلة.

انتخابات شكلية أم تجديد للثقة؟

على الرغم من مرور أكثر من عقد على توليه قيادة الاتحاد المغربي للشغل، لا يبدو أن الميلودي مخاريق ينوي التنازل عن منصبه لصالح جيل جديد من النقابيين. فرغم أن الديمقراطية الداخلية تقتضي تداول المسؤوليات، إلا أن إعادة انتخابه لولاية رابعة تطرح تساؤلات جدية حول مدى نزاهة الانتخابات داخل النقابة، خصوصًا في ظل غياب منافسين حقيقيين وقواعد انتخابية مستقلة.

يرى معارضوه أن ما حدث لا يعدو كونه "مسرحية انتخابية"، حيث لم تتح الفرصة لترشيح وجوه جديدة يمكنها ضخ دماء جديدة في النقابة. بينما يرى أنصاره أن إعادة انتخابه جاءت نتيجة لما حققه من مكتسبات للشغيلة المغربية، معتبرين أن الحفاظ على وحدة النقابة في ظل السياق السياسي والاجتماعي الراهن يستوجب بقاء قيادة مجربة.

هيمنة مطلقة وغياب الديمقراطية الداخلية

يُتهم الميلودي مخاريق بإحكام قبضته على النقابة وتفريغها من الأصوات المعارضة، حيث يعتبر العديد من النقابيين أن الاتحاد المغربي للشغل أصبح "نقابة دولة"، تدير شؤونها وفق منطق المصالح والتحالفات وليس وفق المبادئ التي أسست عليها الحركة النقابية.

ويشتكي العديد من النقابيين الشباب من غياب آليات التناوب داخل الاتحاد، حيث لم يتم فتح المجال أمام قيادات جديدة يمكنها تقديم رؤية بديلة لمستقبل العمل النقابي في المغرب. هذا الوضع دفع البعض إلى وصف الاتحاد بأنه بات أشبه بـ"ضيعة خاصة" تُدار وفق منطق الولاءات الشخصية لا الكفاءة والاستحقاق.

الريع النقابي.. متى ينتهي؟

يعتبر استمرار نفس الوجوه في قيادة العمل النقابي لأكثر من عقد من الزمن تكريسًا لما يسميه المنتقدون بـ"الريع النقابي"، حيث تصبح بعض الزعامات النقابية جزءًا من المنظومة التي يُفترض أن تواجهها، بل وتتحول إلى وسيط بين السلطة والشغيلة بدل أن تكون ممثلة حقيقية لمطالب العمال والموظفين.

هذا الوضع يثير تساؤلات حول استقلالية القرار النقابي في المغرب، خاصة أن الاتحاد المغربي للشغل لطالما كان طرفًا أساسيًا في المشهد السياسي والاجتماعي، لكنه لم يعد يحظى بنفس المصداقية لدى الطبقة العاملة كما كان في السابق.

ما مصير الاتحاد المغربي للشغل بعد مخاريق؟

إعادة انتخاب الميلودي مخاريق تطرح إشكالية أخرى تتعلق بمستقبل الاتحاد المغربي للشغل بعد انتهاء ولايته الرابعة. فهل سيتمكن من تأمين انتقال سلس للقيادة أم أن غياب البدائل سيؤدي إلى تراجع دوره وتأثيره؟

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي يشهدها المغرب، تحتاج النقابات العمالية إلى تجديد رؤاها وهياكلها التنظيمية، وإفساح المجال أمام قيادات جديدة قادرة على مواجهة تحديات المرحلة المقبلة. فاستمرار نفس الوجوه لعقود طويلة في مواقع المسؤولية يضعف ثقة الشغيلة في العمل النقابي ويفتح المجال أمام المزيد من العزوف والتراجع عن النضال النقابي.

بين الاستمرارية والتغيير.. أي مستقبل للعمل النقابي؟

يبقى السؤال الأهم هو: هل استمرار الميلودي مخاريق لولاية رابعة هو الخيار الأفضل للشغيلة المغربية أم أنه تكريس لنموذج نقابي غير ديمقراطي؟ الحقيقة أن العمل النقابي في المغرب يواجه تحديات كبرى، تتطلب إعادة النظر في طريقة التسيير واتخاذ القرار، بدل تكريس نفس الأسماء والسياسات التي لم تحقق الكثير للعمال والموظفين.

إن استمرار "الوجوه الأبدية" في قيادة النقابات لا يختلف عن استمرار نفس الوجوه في السياسة، فكلاهما يعكس أزمة تداول السلطة وانعدام آليات التغيير الديمقراطي، وهو ما يجعل الإصلاح النقابي ضرورة ملحة إذا كان الهدف حقًا هو الدفاع عن حقوق الشغيلة وليس مجرد الحفاظ على مواقع القيادة بأي ثمن.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك