أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر
مع اقتراب الاستحقاقات التشريعية لسنة 2026، تواجه حكومة عزيز أخنوش تحديات سياسية واقتصادية قد تحدد مصيرها في المشهد السياسي المغربي.
فرغم الإمكانيات التي تمتلكها الأغلبية الحاكمة حاليًا، والتي تتكون من التجمع الوطني للأحرار، والاستقلال، والأصالة والمعاصرة، فإن التصدعات الداخلية والخلافات المتزايدة بين مكوناتها تثير تساؤلات حول قدرتها على إعادة فرض سيطرتها على الساحة السياسية والفوز بولاية ثانية.
فهل ينجح التحالف الثلاثي في تجاوز أزماته الداخلية والحفاظ على تماسكه؟ أم أن تطورات المشهد السياسي قد تفرض تحالفات جديدة تضمن استمراريته في السلطة؟
تحديات الأغلبية الحاكمة:بين التصدعات الداخلية والاحتقان الشعبي
منذ تشكيلها عقب انتخابات 2021، واجهت حكومة أخنوش صعوبات في تدبير الشأن العام، بدءًا من تداعيات جائحة كورونا مرورًا بأزمة الغلاء وارتفاع الأسعار، وصولًا إلى تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية. وقد أثرت هذه الأزمات على صورة الحكومة، خصوصًا مع الانتقادات التي تتعرض لها بسبب غياب التواصل الفعّال وتأخرها في تنفيذ وعودها الانتخابية، لا سيما في ما يخص تحسين القدرة الشرائية للمغاربة وإصلاح التعليم والصحة.
إلى جانب ذلك، ظهرت توترات داخل التحالف الحكومي، خاصة بين حزب الأصالة والمعاصرة وحزب التجمع الوطني للأحرار، حيث تصاعدت الخلافات حول ملفات حساسة، من بينها طريقة تدبير بعض القطاعات الحيوية، والتعيينات في المناصب العليا، فضلًا عن الصراع الخفي حول الزعامة السياسية داخل الأغلبية. ورغم محاولات التهدئة التي قادها قادة الأحزاب الثلاثة، فإن هذه التوترات لم تختفِ تمامًا، بل أضحت تهدد بانشقاقات محتملة قد تعقد الوضع أكثر مع اقتراب موعد الانتخابات.
رهانات الأغلبية:الحفاظ على التحالف أم توسيعه؟
أمام هذه التحديات، يبدو أن الأغلبية مطالبة بإعادة ترتيب أوراقها لضمان استمراريتها، وهو ما يطرح فرضيتين رئيسيتين:
السيناريو الأول:الإبقاء على التحالف الحالي
رغم الخلافات، قد تسعى أحزاب الأغلبية الثلاثة إلى تجاوز صراعاتها الداخلية والعمل على استعادة ثقة الناخبين عبر تسريع تنفيذ البرامج الإصلاحية والوفاء بوعودها الانتخابية. لكن هذا الخيار يتطلب جهودًا كبيرة في إعادة بناء الثقة بين مكونات الأغلبية، وتقوية التنسيق فيما بينها، إضافة إلى تقديم حصيلة حكومية مقنعة للمواطنين.
السيناريو الثاني: توسيع التحالف الحكومي
في ظل الصعوبات التي يواجهها التحالف الثلاثي، قد تلجأ الأغلبية إلى استقطاب أحزاب أخرى لضمان قاعدة برلمانية أوسع واستقرار أكبر. وهنا يبرز كل من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الحركة الشعبية كأبرز المرشحين للانضمام إلى الحكومة، نظرًا لكونهما قوتين سياسيتين متجذرتين ولديهما امتداد شعبي مهم.
الاتحاد الاشتراكي، بقيادة إدريس لشكر، ورغم تموقعه في المعارضة، أبدى في مناسبات عدة استعداده للتعاون مع الأغلبية في بعض القضايا الوطنية، وهو ما قد يمهد الطريق أمام تحالف مستقبلي. أما الحركة الشعبية، التي ظلت على مدى سنوات شريكًا تقليديًا في الحكومات المتعاقبة، فقد تجد في الانضمام إلى الأغلبية فرصة لاستعادة حضورها القوي في المشهد السياسي، خصوصًا بعد التراجع الذي عرفته في الانتخابات الأخيرة.
انتخابات 2026:بين الحسم المبكر والمفاجآت المحتملة
في الوقت الذي تسعى فيه الأغلبية إلى تعزيز موقعها، تظل المعارضة تترقب الفرصة للعودة إلى الواجهة، مستفيدة من الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة خلال ولايتها. حزب العدالة والتنمية، رغم الضربة القوية التي تلقاها في 2021، يعمل بصمت على إعادة بناء قواعده واستعادة حضوره الشعبي، وهو ما قد يجعله منافسًا قويًا في الانتخابات المقبلة. كما أن حزب التقدم والاشتراكية، بقيادة نبيل بنعبد الله، يواصل انتقاداته الحادة للحكومة، ما قد يمنحه نقاطًا إضافية لدى فئة من الناخبين الباحثين عن بديل سياسي.
ويبقى المتغير الأهم في هذا المشهد هو المزاج الشعبي، فمع تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، قد تتجه فئات واسعة من الناخبين نحو معاقبة الأحزاب الحاكمة، مما يفتح المجال أمام سيناريوهات غير متوقعة قد تعيد رسم الخارطة السياسية بشكل جذري.
هل ينجح أخنوش في تأمين ولاية ثانية؟
بين التصدعات الداخلية، وضغوط الشارع، واحتمالات إعادة تشكيل التحالفات، يواجه التحالف الثلاثي الحاكم اختبارًا صعبًا قبل انتخابات 2026. فإذا تمكن من تجاوز خلافاته وتقديم حصيلة إيجابية، قد يتمكن من الفوز بولاية ثانية، لكن إذا استمرت الأزمات وتفاقم الغضب الشعبي، فقد يجد نفسه أمام معركة سياسية شرسة قد تعيد ترتيب المشهد السياسي المغربي بالكامل.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك