أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير
في خطوة تشريعية لافتة، طالبت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية عدداً من المؤسسات الدستورية ومؤسسات حماية الحقوق والحريات والحكامة والتقنين، بإبداء رأيها في مشروع قانون رقم 03.23 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 الخاص بالمسطرة الجنائية.
هذه المطالبة، جاءت في سياق رغبة واضحة في إشراك هيئات مختصة لضمان صياغة قانون يعكس التوازن بين سلطة العقاب وضمان حماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية.
المجموعة النيابية وجهت طلبها إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، معتبرة أن هذه المؤسسات تمتلك الخبرة اللازمة لتقديم رؤى مستنيرة بشأن مشروع القانون.
رئيس المجموعة، عبد الله بووانو، تقدم بطلب رسمي إلى رئيس مجلس النواب لإحالة مشروع القانون على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لإبداء رأيه، وذلك وفقاً لأحكام الفصل 152 من الدستور، الذي يمنح للحكومة والبرلمان حق استشارة المجلس بشأن القضايا ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
كما استند الطلب إلى مقتضيات المواد 366، 368، و370 من النظام الداخلي لمجلس النواب، التي تمنح رئيس المجلس صلاحية طلب استشارات من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن مشاريع القوانين ذات الصلة.
إضافة إلى ذلك، وجه بووانو طلبين آخرين إلى رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، لإحالة مشروع القانون إلى كل من المجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، لإبداء رأيهما فيه.
هذه الخطوة استندت إلى أحكام الفصل 167 من الدستور، الذي ينص على دور الهيئات المعنية في تعزيز الشفافية والحكامة الجيدة، وكذلك المادة 384 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
المجموعة النيابية، شددت في طلباتها على أن مشروع قانون المسطرة الجنائية يعتبر تشريعاً ذا أهمية مركزية في تحقيق التوازن بين سلطة العقاب وضمان حماية حقوق وحريات الأفراد. وأوضحت أن هذا المشروع يتطلب تحديثاً شاملاً للسياسة الجنائية الوطنية، بما يواكب التحولات الدستورية والاجتماعية، التي شهدها المغرب منذ دستور 2011، إضافة إلى المتغيرات التي طرأت على منظومة العدالة الجنائية على الصعيدين الوطني والدولي.
كما أكدت المجموعة، على أن قانون المسطرة الجنائية يحتل موقعاً محورياً في الترسانة القانونية المغربية، إذ ينظم سلطة الدولة وأجهزتها في مجالات الاعتقال، المتابعة، المحاكمة، والعقاب، ويحدد القواعد التي يجب احترامها في جميع الإجراءات القضائية.
ولهذا، ترى المجموعة أن مشروع القانون الجديد يجب أن يكون مؤطراً بضمانات صارمة تضمن الحرية والمحاكمة العادلة، ليكون متوافقاً مع روح دستور 2011، التوجيهات الملكية في مجال العدالة الجنائية، والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
من جهة أخرى، ترى المعارضة أن مشروع القانون الحالي يشكل فرصة حاسمة لإحداث إصلاحات جوهرية في السياسة الجنائية المغربية.
غير أن هذه الإصلاحات، لا يمكن أن تكون شاملة وفعالة دون مساهمة فاعلة من المؤسسات الدستورية المعنية، التي يمكنها تقديم آراء واستشارات، تستند إلى خبرات معمقة في مجالات العدالة، حقوق الإنسان، والحكامة.
يبقى السؤال الرئيسي:هل سيؤدي إشراك هذه الهيئات في النقاش حول مشروع القانون، إلى تحقيق توافق وطني بشأنه؟، أم أن التوتر بين مختلف الفاعلين، سيؤدي إلى تأجيل الحسم في هذا الملف؟
ما هو مؤكد، هو أن مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد، يمثل اختباراً حقيقياً لقدرة المؤسسات المغربية على صياغة قوانين، تعكس التوازن بين حماية حقوق الأفراد، وتوفير الأمن المجتمعي، في سياق سياسي واجتماعي معقد.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك