أنتلجنسيا المغرب:حمان ميقاتي/م.كندا
وسط دخان الاشتباكات المتصاعدة في
العاصمة الليبية، تقف الجالية المغربية وجهاً لوجه أمام فوضى عارمة تعيد شبح الانهيار
الأمني والسياسي إلى الواجهة، التحركات باتت محسوبة، والأنفاس متقطعة، فيما تُطوى
صفحة الاستقرار تحت وقع الرصاص العشوائي والانفجارات المباغتة، شعور الخوف لا
يفارق المقيمين، خاصة أولئك القاطنين في محيط طرابلس، حيث تتداخل أصوات القصف مع
هواجس المصير المجهول.
الحياة هناك أشبه بتجربة نفسية قاسية،
فالمدارس أغلقت أبوابها، الأنشطة اليومية جُمدت، والطرقات باتت فخاخاً محتملة،
يزداد الشعور بالانهيار كلما تراجعت الخدمات وتقطعت السبل، في ظل غياب مؤسسات
دبلوماسية فعالة منذ سنوات، الأطفال يعيشون رعب الحرب، والنساء يحصين الساعات على
وقع الترقب، أما الرجال فيتنقلون بين المناطق الأقل اشتعالاً بحثاً عن جرعة من
الأمان أو لقمة عيش مؤقتة.
على الجانب الآخر، تقف الغرامات
المادية الجديدة، التي فرضتها السلطات المحلية، كجدار إضافي أمام الجالية، دون
وثائق قنصلية ولا إطار قانوني واضح، تراكمت المخالفات وتفاقمت أوضاع العمال
المغاربة، ممن وجدوا أنفسهم محاصرين بقرارات مفاجئة وشروط معيشية متدهورة، الأثمان
اليومية تُدفع من جيوب المنسيين هناك، في بلد تتقاطع فيه مصالح السلاح وتتهاوى فيه
آمال الاستقرار.
رغم هذه الغيوم السوداء، تبقى خيوط
الأمل معلقة في رسائل هاتفية ونداءات لا تتوقف إلى الوطن الأم، أملاً في التفاتة
حقيقية، البعض يحلم بالعودة، لكن واقع المغرب لا يَعِد بسهولة الانطلاق من جديد،
الآخرون يُمنّون النفس بحل مؤقت ينقذ أبناءهم من فوضى لا تنتهي، أما الأغلبية،
فتعيش على الهامش، تحاول النجاة في خضمّ عاصفة لا تُبقي ولا تذر.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك