تعطيل لـ"سامير" جريمة اقتصادية مستمرة ولوبيات تتحكم والدولة تتفرّج

تعطيل لـ"سامير" جريمة اقتصادية مستمرة ولوبيات تتحكم والدولة تتفرّج
اقتصاد / الأحد 21 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

في لحظة تاريخية تشهد فيها أسعار النفط تراجعًا ملحوظًا في الأسواق الدولية، يجد المغرب نفسه عاجزًا عن استغلال الظرف لتأمين مخزون استراتيجي مريح، بسبب التعطيل الممنهج لمصفاة «سامير»، المنشأة الوحيدة القادرة على تكرير النفط وتخزينه بكميات كبيرة.

هذا التعطيل، لا يبدو تقنيًا ولا عابرًا، بل خيارًا سياسيًا مكلفًا، يدفع ثمنه الاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية للمغاربة.

سامير خارج الخدمة والمخزون في مهب الريح
حرمان المغرب من طاقة تخزين وتكرير حقيقية، جعله رهين الاستيراد المباشر للمواد المكررة، في وقت كان بإمكانه اقتناء النفط الخام بأسعار منخفضة وتخزينه ومعالجته محليًا.

والنتيجة واضحة:هشاشة في الأمن الطاقي، تبعية للأسواق الخارجية، وضياع هامش المناورة عند الأزمات.

لوبيات الوقود المستفيد الأكبر
تعطيل «سامير» لم يكن بلا مستفيدين، فلوبيات استيراد وتوزيع المحروقات راكمت أرباحًا طائلة من وضعية غياب التكرير الوطني، مستفيدة من تحرير الأسعار ومن سوق غير تنافسية.

وهناك تقارير رسمية، سبق أن كشفت هوامش ربح مرتفعة ومستقرة، لا تتأثر بانخفاض الأسعار العالمية، ما يؤكد أن الخلل بنيوي وأن الربح مضمون على حساب المستهلك.

من يحمي التعطيل؟
السؤال المركزي لم يعد تقنيًا ولا قضائيًا، بل سياسيًا بامتياز:من يحمي هذا الوضع؟ سنوات من المماطلة دون قرار حاسم لإعادة تشغيل المصفاة أو إيجاد حل وطني يحفظ الأصول والخبرة واليد العاملة.

والدولة من جهتها، تكتفي بالمراقبة الصامتة، فيما تُترك السوق لميزان القوة، لا لمنطق المصلحة العامة.

الدولة تتفرّج والكلفة جماعية
في ظل غياب تدخل فعّال، تتحمل الدولة مسؤولية مباشرة عن استمرار النزيف، حيث فقدان مناصب شغل، تآكل السيادة الطاقية، وتكبيد الميزانية والمواطنين كلفة إضافية.

والتفرج الرسمي يحوّل التعطيل إلى سياسة أمر واقع، ويمنح اللوبيات غطاءً غير معلن لمواصلة التحكم.

خلاصة القول، إن تعطيل «سامير» ليس ملفًا من الماضي، أو تجاوزه الزمن، بل أزمة حاضرة تُدار بمنطق الريع.

ومع تراجع أسعار النفط، وتهاويها على المستوى العالمي، يتأكد أن المغرب يُحرم عمدًا من فرصة استراتيجية.

فما لم تُكسر حلقة الحماية السياسية للوبيات، سيبقى الأمن الطاقي رهينة، وستبقى الدولة شاهدة لا فاعلة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك