العيون – عزيز اليوبي
في وقت تتحدث فيه الدولة عن الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتُرفع فيه شعارات الحكامة والعدالة المجالية، تقف وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب كاستثناء صارخ، مؤسسة عمومية تحوّلت بمرور الزمن إلى قلعة من الإسمنت المسلح ضد الحق في المعلومة، وضد تطلعات المواطنين والفاعلين المدنيين لفهم ما يجري ويُدبّر باسمهم وبأموالهم!
أكثر من عشر سنوات من التعتيم، من الأبواب المغلقة، من التجاهل التام لكل طلب يُوجَّه للوكالة، حتى باتت وكأنها تشتغل في منطقة خارجة عن القانون، لا تقارير دورية، لا معطيات شفافة، لا تواصل، فقط صمت مريب وأموال تُصرف في صمت مطبق، دون أن يعرف المواطن البسيط أو حتى الفاعل الجمعوي والإعلامي من يستفيد، ولماذا، وعلى أي أساس!
الشبكة المغربية لحقوق الإنسان والرقابة على الثروة وحماية المال العام، خرجت أخيرًا ببلاغ ناري، رفعت فيه السقف عالياً، ووجهت نداءً مستعجلاً لرئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، من أجل التدخل العاجل لوقف هذه المهزلة، ومباشرة افتحاص شامل لمالية وكالة الجنوب التي تُصرف فيها الملايين دون حسيب ولا رقيب.
وحسب الشبكة، فإن الوكالة تتعامل مع الدعم العمومي بمنطق "المحسوبية" و"الولاءات"، حيث تُمنح الأموال لبعض الجمعيات المحظوظة، في غياب أي لجنة انتقاء، أو دفتر تحملات، أو إعلان طلب مشاريع كما هو معمول به في المؤسسات العمومية الحقيقية.
كل المؤشرات تؤكد أن هناك تبذيرًا ممنهجًا لأموال ضخمة مخصصة للتنمية، دون أن يكون لها أي أثر فعلي في تحسين ظروف عيش الساكنة أو النهوض بالبنيات التحتية والخدمات في الأقاليم الجنوبية.
- فمن يتحمّل مسؤولية هذا النزيف؟ ومن يراقب هذه المؤسسة التي تتحرك خارج كل الضوابط القانونية؟
الشبكة الحقوقية لم تكتفِ بالتنديد، بل طالبت بنشر لوائح الجمعيات المستفيدة من دعم الوكالة خلال العشر سنوات الماضية، مع تفاصيل المشاريع الممولة، وتكلفتها، ومعايير اختيارها. وطالبت كذلك بفتح ملفات التسيير الداخلي، وتحديد المسؤوليات، وربما إحالة كل من ثبت تورطه في اختلالات على القضاء.
- لماذا تشتغل هذه الوكالة في الظل؟
- من يحمي هذا الصمت؟
ولماذا لا يتم التعامل معها مثل باقي المؤسسات العمومية؟
- وهل هناك إرادة سياسية حقيقية لإخراج الملفات من الأدراج ومحاسبة من يعبث بثروات الوطن؟
الكرة الآن في ملعب الحكومة، فالمواطنون والحقوقيون والإعلام يترقّبون.
إما أن تتحرك الدولة لمحاسبة هذه المؤسسة، أو أن تكرّس واقع الإفلات من العقاب، وتضرب مصداقية شعارات الإصلاح عرض الحائط.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك