المغرب يطلق أكبر عملية لإعادة تكوين القطيع الوطني: خطة ملكية طموحة لتأمين السيادة الغذائية

المغرب يطلق أكبر عملية لإعادة تكوين القطيع الوطني: خطة ملكية طموحة لتأمين السيادة الغذائية
اقتصاد / السبت 14 يونيو 2025 - 21:10 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي

في خطوة استراتيجية تروم تأمين الأمن الغذائي وتعزيز استدامة الفلاحة الوطنية، انعقد يوم الجمعة 13 يونيو 2025، اجتماع رفيع المستوى بمقر وزارة الداخلية بالرباط، خصص لإعطاء الانطلاقة الرسمية لعملية إعادة تكوين القطيع الوطني للماشية، وذلك تنفيذاً للتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس.

السياق: قطيع متأثر وقطاع في خطر

يأتي هذا الاجتماع في سياق دقيق، بعد سنوات من التحديات المناخية والاقتصادية التي أثرت بشكل مباشر على القطاع الحيواني في المغرب. الجفاف المتكرر، وارتفاع أسعار الأعلاف، وتقلص المراعي الطبيعية، كلها عوامل أدت إلى تراجع كبير في أعداد وجودة القطيع الوطني، خصوصاً في بعض المناطق القروية التي تعتمد عليه كمورد اقتصادي أساسي.

المربون عاشوا مواسم صعبة، والأسواق شهدت اضطراباً في الأسعار، سواء بالنسبة للحوم أو الحليب ومشتقاته، ما طرح أسئلة حقيقية حول مستقبل هذا القطاع الحيوي.

التوجيهات الملكية: الأمن الغذائي أولوية وطنية

بناء على التعليمات السامية لجلالة الملك محمد السادس، تم التأكيد على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية واستراتيجية لإعادة بناء هذا القطيع، ليس فقط كخطوة تقنية، بل كخيار استراتيجي لتأمين السيادة الغذائية للمغرب في مواجهة الأزمات الإقليمية والدولية.

فالرؤية الملكية تقوم على جعل القطاع الفلاحي – الحيواني أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، لا سيما في ظل تزايد تقلبات الأسواق الدولية، وتهديدات سلاسل الإمداد الغذائي.

محاور الاجتماع: تشخيص دقيق وخارطة طريق متكاملة

الاجتماع، الذي حضره مسؤولون كبار من وزارة الداخلية، وزارة الفلاحة، والمكتب الوطني للسلامة الصحية، وممثلو المهنيين والهيئات البيطرية، خلص إلى إعداد خارطة طريق متكاملة تنبني على عدة محاور:

دعم مباشر للمربين لاقتناء رؤوس ماشية جديدة ذات جودة.

تحسين سلالات القطيع الوطني عبر انتقاء جيني وتقني دقيق.

توسيع برامج التلقيح والعلاج البيطري المجاني للماشية.

توفير الأعلاف المركبة بأثمنة مدعمة، خصوصاً خلال المواسم الحرجة.

إعادة تأهيل المراعي والمجالات الرعوية في المناطق الجبلية والجافة.

تشجيع التعاونيات الفلاحية ومربي الماشية على التنظيم والتكتل.

الأهداف: سيادة غذائية وتنمية قروية

العملية تروم ليس فقط رفع عدد القطيع الوطني إلى مستويات ما قبل الجفاف، بل كذلك تعزيز جودته الإنتاجية، وتقليص الاعتماد على الاستيراد في مجال اللحوم الحمراء والحليب.

كما أن المشروع يحمل في طياته أهدافاً اجتماعية واقتصادية واضحة، من بينها:

إنعاش الاقتصاد القروي.

خلق فرص شغل جديدة في سلسلة الإنتاج الحيواني.

تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.

توفير المنتجات الحيوانية بجودة وأسعار مناسبة في السوق الوطنية.

رهان وطني في قلب التقلبات الدولية

التحرك المغربي يأتي في ظل ظرفية دولية مقلقة، حيث تعرف أسعار المواد الغذائية تقلبات حادة بسبب التوترات الجيوسياسية، وحرب أوكرانيا، وتغير المناخ. هذا ما يجعل ضمان الاكتفاء الذاتي الحيواني أولوية قصوى، خصوصاً في ظل ارتفاع الطلب الداخلي على اللحوم ومشتقات الحليب.

إشراف وتتبع صارم: الدولة منخرطة في كل المراحل

وزارة الداخلية أكدت خلال الاجتماع أن المتابعة ستكون صارمة ومستمرة لكل مراحل هذا المشروع، من التمويل إلى التنفيذ، مرورا بالمراقبة الصحية والمواكبة التقنية. كما سيتم إشراك السلطات المحلية بشكل مباشر في تنزيل البرامج في مختلف الجهات، وتعبئة الشركاء الترابيين لإنجاحها.

هل تنجح العملية في وقف نزيف القطيع؟

يبقى التحدي الكبير اليوم هو سرعة التنفيذ وجودته، ومدى قدرة الحكومة والمؤسسات المعنية على تحويل هذه الخطة إلى نتائج ملموسة على الأرض، خاصة في المناطق الأكثر تضرراً من الجفاف والإهمال التنموي.

الآمال كبيرة، لكن نجاح العملية رهين بالإرادة، والتنسيق، والشفافية في التدبير.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك