أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
يشهد قطاع الدجاج في المغرب واحدة من أخطر موجات الارتفاع في الأسعار، ليس بسبب قلة الإنتاج أو تغيّر الفصول، بل لأن سوق الأعلاف والكتاكيت أصبح محكوماً بقبضة حديدية للوبيات تتحكم في العرض وتضبط الأسعار بما يخدم مصالحها الخاصة.
هذا الاحتكار الخانق جعل مربي الدجاج أول الضحايا، قبل أن ينتقل لجيوب المواطنين الذين يجدون أنفسهم أمام أسعار ملتهبة بلا تفسير رسمي مقنع.
أباطرة الأعلاف يصنعون الأزمة ويبيعون الحل
خلال السنوات الأخيرة، صارت شركات معدودة تُقرر لوحدها أسعار الأعلاف المركبة والكتاكيت، إذ ترفع الأثمنة متى شاءت، وتقلّص العرض حين ترغب في دفع السوق نحو مستويات قياسية.
في حين، مربي الدواجن يؤكدون أن هامش الربح أصبح شبه منعدم، وأن الشركات الكبرى تتحكم في الحلقات الأساسية للإنتاج، من الأعلاف إلى التفريخ إلى التسويق، ما يجعل المنافسة مجرد شعار فارغ.
الدولة:مراقبة “اسمية” لا توقف الجشع
رغم أن القانون يمنع الاحتكار ويُلزم الحكومة بتسقيف الأسعار في حالات الانفلات، إلا أن الدولة اكتفت بدور المتفرج. لا مراقبة فعلية، لا لجان تحقيق، ولا إجراءات حقيقية لردع اللوبيات التي تحتكر السوق.
والأسوأ أن بعض المسؤولين يكتفون بتبريرات نمطية حول “السوق الحرة”، بينما الواقع يثبت أن ما يجري ليس سوقاً حرة بل ساحة مفتوحة لهيمنة مطلقة من قبل فاعلين كبار.
المواطن يؤدي الفاتورة واللوبيات تربح
ارتفاع أسعار الدجاج يعكس معادلة بسيطة: كلما صعد ثمن الأعلاف والكتاكيت، ارتفع ثمن الدجاج بشكل مباشر.
وهكذا يجد المستهلك نفسه مجبراً على أداء ثمن الفوضى التنظيمية، بينما تستمر الشركات المتحكمة في تسجيل أرباح ضخمة وغير مبررة، على حساب القدرة الشرائية للمغاربة.
سؤال محرج:من يحمي هذه اللوبيات؟
في ظل غياب أي تدخل حكومي صارم، يطرح السؤال نفسه: هل تعجز الدولة فعلاً عن مواجهة أباطرة الأعلاف والدجاج؟ أم أن هناك مصالح متشابكة تجعل هذا القطاع خارج دائرة المحاسبة؟
الجواب يبقى معلقاً، لكن الواقع واضح، فالسوق مختطف، واللوبيات هي الحاكم الفعلي، والدولة تلتزم الصمت في وقت يحتاج فيه المغاربة إلى قرارات شجاعة توقف هذا النزيف.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك