كرة القدم أفيون الشعوب..كيف تحوّلت الملاعب في المغرب إلى أداة سياسية لإخماد الغضب الاجتماعي؟!

كرة القدم أفيون الشعوب..كيف تحوّلت الملاعب في المغرب إلى أداة سياسية لإخماد الغضب الاجتماعي؟!
ديكريبتاج / السبت 20 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أبو فراس

لم تعد كرة القدم في المغرب مجرد لعبة شعبية أو مجال للفرجة الجماعية، بل تحوّلت خلال السنوات الأخيرة إلى رافعة سياسية ناعمة توظفها الدولة بذكاء لإعادة توجيه انتباه الرأي العام، خصوصاً في فترات الاحتقان الاجتماعي واشتداد الأزمات الاقتصادية.

ففي بلد تتوسع فيه دوائر الفقر والهشاشة، جرى دفع كرة القدم إلى الواجهة باعتبارها المتنفس الجماعي البديل عن الاحتجاج والمساءلة.

استثمار بالملايير ونتائج محسوبة

ضخت الدولة مليارات الدراهم في البنية التحتية الكروية، من ملاعب عملاقة وأكاديميات ومراكز تكوين، إضافة إلى دعم غير مسبوق للأندية والمنتخبات.

هذا الاستثمار لا يُقرأ فقط من زاوية التنمية الرياضية، بل كخيار استراتيجي يروم صناعة لحظات فرح جماعي مُعلّب، تُستعمل لامتصاص الغضب الشعبي، وخلق حالة وجدانية عامة تُضعف منسوب المطالب الاجتماعية والسياسية.

الفرجة بدل الحقوق

في مقابل هذا السخاء المالي الموجّه لكرة القدم، تعاني قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والسكن من خصاص مزمن.

غير أن النقاش العمومي ينزاح بسرعة نحو نتائج المباريات، وانتقالات اللاعبين، وإنجازات المنتخب، فيما تتراجع قضايا البطالة وغلاء المعيشة واتساع الفوارق الاجتماعية إلى الخلف. هكذا تُستبدل المطالبة بالحقوق بالانخراط العاطفي في الفرجة.

كرة القدم كسلاح ضد الاحتجاج

تزامن الصعود القوي لكرة القدم في المملكة المغربية، مع موجات احتجاج اجتماعي عرفها المغرب خلال العقد الأخير.

وفي كل مرة، لعبت الإنجازات الكروية دور “المهدئ الجماعي”، حيث تُستدعى الوطنية والانتماء، ويُعاد توجيه الغضب نحو المدرجات والشاشات بدل الشارع.

إنها وظيفة سياسية واضحة وفعالة بالنسبة للدولة، تتمثل أساسا، في تفريغ الاحتقان دون معالجة جذوره.

من “الدين أفيون الشعوب” إلى كرة القدم

إذا كانت المقولة الشهيرة لكارل ماركس، ترى في الدين أداة لتخدير الوعي الجمعي، فإن الواقع المغربي المعاصر يكشف انتقال هذا الدور إلى كرة القدم.

لعبة واحدة، لكنها محمّلة بوظائف رمزية هائلة، تُستخدم لإعادة إنتاج القبول، وتطبيع الفقر، وتأجيل الأسئلة الكبرى حول الثروة والسلطة والعدالة الاجتماعية.

وعي معلق بين الحلم والواقع

لا تكمن الخطورة في لعبة أو رياضة كرة القدم في حد ذاتها، بل في تحويلها(كرة القدم) إلى أداة إلهاء ممنهجة.

فحين يُطلب من الفقير أن يفرح بانتصار كروي بدل أن يسائل واقعه، يصبح الانتصار مجرد قناع يخفي اختلالات عميقة.

وبين وهج الملاعب وعتمة الأحياء الهامشية، يبقى السؤال معلقاً:متى تتحول الفرحة المؤقتة إلى وعي دائم بالحقوق؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك