أخنوش ودواليب القرار الضيقة..كيف تُعاد هندسة السلطة لفرض الاستمرارية في انتخابات 2026؟

أخنوش ودواليب القرار الضيقة..كيف تُعاد هندسة السلطة لفرض الاستمرارية في انتخابات 2026؟
ديكريبتاج / الخميس 18 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

منذ اعتلائه رئاسة الحكومة، لم ينجح عزيز أخنوش في بناء شرعية سياسية قائمة على الإنجاز أو التوافق الاجتماعي، بقدر ما راكم مظاهر العزلة والغضب الشعبي.

فأرقام الغلاء، تآكل القدرة الشرائية، تفكك الثقة، واتساع الفوارق الاجتماعية، كلها مؤشرات على فشل حكومي متعدد الأبعاد.

ورغم ذلك، ظل أخنوش محصّناً من أي مساءلة سياسية حقيقية، في مشهد يكشف أن منطق السلطة في المغرب، لا يُدار من داخل المؤسسات المنتخبة، بل من خارجها.

الدواليب الضيقة:السلطة الفعلية خارج صناديق الاقتراع

العلاقة بين أخنوش ودواليب القرار الضيقة ليست تحالفاً سياسياً تقليدياً، بل وظيفة متبادلة داخل هندسة حكم مغلقة.

فهذه الدوائر، التي تشتغل بعيداً عن الأضواء، لا ترى في رئيس الحكومة سوى أداة لضمان الاستقرار الشكلي، وحماية المصالح الكبرى، وإدارة التوازنات الاقتصادية والسياسية دون مفاجآت.

في المقابل، يستمد أخنوش قوته لا من حزبه أو من البرلمان، بل من هذا الغطاء غير المعلن الذي يعفيه من كلفة الفشل.

مباركة المخزن:الاستمرارية بدل المحاسبة

في منطق المخزن، لا تُقاس الحكومات بمدى نجاحها الاجتماعي، بل بقدرتها على عدم إرباك مراكز القرار.

ومن هذا المنظور، فإن فضائع الأداء الحكومي على جميع المستويات، لا تشكل عائقاً حقيقياً أمام إعادة إنتاج نفس الوجوه.

بل إن الفشل نفسه، والسخط الشعبي، يتحول إلى تفصيل ثانوي ما دام لا يهدد البنية العميقة للسلطة.

وهكذا تُمنح مباركة ضمنية لاستمرار أخنوش، ليس لأنه أنقذ الاقتصاد أو حصّن المجتمع، بل لأنه لم يخرج عن الدور المرسوم له.

إعادة ترتيب الأوراق قبل 2026

ما يجري اليوم في الكواليس، ليس نقاشاً حول البدائل السياسية، بل عملية إعادة ترتيب تقنية لخريطة 2026.

فالأحزاب برمتها تُضبط، التحالفات تُفصّل، والهامش يُحدَّد بدقة متناهية، في أفق إنتاج أغلبية جديدة بوجوه قديمة، تحت الإشراف المباشر لوزارة الداخلية، التي أوكل لها رسميا الإشراف على انتخابات 2026.

وفي هذا السيناريو، يُقدَّم أخنوش مجدداً كخيار “آمن”، ليس لإدارة التحول، بل لتجميد الوضع القائم، وإفراغ الانتخابات من مضمونها التنافسي الحقيقي.

الانتخابات بالمغرب كآلية شرعنة لا كأداة تغيير

تتحول انتخابات 2026 المقبلة، والتي ستنتج ما سمي إعلاميا بحكومة كأس العالم، وفق هذا المنطق، إلى محطة لإعادة الشرعنة لا للتداول.

فحين تُحسم النتائج الكبرى مسبقاً في غرف مغلقة، يصبح الاقتراع مجرد واجهة ديمقراطية لقرارات اتُّخذت سلفاً.

وهنا تتجلى خطورة الاستمرار في نفس النموذج، حيث تعميق القطيعة بين المجتمع والسياسة، وتكريس الإحساس العام بأن المشاركة لا تغير شيئاً.

كلفة الإصرار على نفس الوصفة

إعادة فرض أخنوش، رغم حصيلة اجتماعية واقتصادية كارثية، ليست فقط مقامرة سياسية، بل تهديد مباشر لما تبقى من الثقة الهشة.

فالدولة التي تراهن على الاستمرارية دون إصلاح، وعلى الولاء بدل الكفاءة، إنما تؤجل الانفجار ولا تمنعه.

ومع كل دورة انتخابية مُفرغة من معناها، تتسع الفجوة بين السلطة والمجتمع، وتضيق فرص الإصلاح السلمي الحقيقي.

عموما، فالقضية ليست شخص عزيز أخنوش في حد ذاته، بل النموذج الذي يمثله، فهو رئيس حكومة محمي بالدواليب، مُعاد تدويره بإرادة فوقية، ومفروض على مجتمع يدفع كلفة سياسات لم يخترها.

وإذا استمر هذا المسار إلى 2026، فإن السؤال لم يعد من سيفوز بالانتخابات؟ بل كم سيكلف هذا الإصرار البلاد سياسياً واجتماعياً في المدى القريب والمتوسط؟.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك