أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي
في مشهد مفاجئ للمستهلك المغربي، سُجل خلال الأسبوع الجاري انخفاض ملحوظ في أسعار الدجاج الحي بعد أسابيع من الارتفاع المتواصل. إذ تراوحت الأثمنة في بعض الأسواق ما بين 13 و15 درهمًا للكيلوغرام الواحد، بعدما تجاوزت في يونيو حاجز 20 درهمًا.
لكن هذا التراجع، الذي بعث نوعًا من الارتياح في أوساط الأسر، قد لا يدوم طويلًا. إذ يحذر المهنيون والمربون من ارتفاعات مرتقبة في الأسعار خلال الأيام المقبلة، بسبب موجات الحرارة التي تجتاح عددًا من مناطق المملكة، وما تفرضه من تكاليف إضافية على الإنتاج.
تراجع الأسعار: ارتياح شعبي وتساؤلات مشروعة
في أسواق مثل "القريعة" بالدار البيضاء، و"السباتة" و"أولاد زيان"، لاحظ الزبائن انخفاضًا مفاجئًا في ثمن الدجاج، ما دفع البعض لطرح تساؤلات حول ما إذا كان الأمر يتعلق بوفرة في العرض أم بانخفاض في الطلب.
"ولّينا كنشريو دجاجة بـ60 درهم بعد ما كانت كتفوت 80، ولكن بصراحة ما فهمناش علاش طاح الثمن"، يقول حسن، رب أسرة من البيضاء، مضيفًا: "كنخافو يرجع يطلع مع الصيف والدخول المدرسي".
المهنيون يوضحون: العرض كبير مؤقتًا... لكن الكلفة مازالت مرتفعة
وفقًا لعدد من مربي الدواجن وتجار الجملة، فإن سبب الانخفاض الراهن في الأسعار يعود إلى توفر كمية كبيرة من الدجاج الجاهز للذبح في السوق، تزامنًا مع نهاية دورة إنتاجية كانت وفيرة نسبيًا.
لكن هذا الانخفاض لا يعكس، بحسبهم، أي تحسن حقيقي في منظومة الإنتاج أو تراجع في كلفة التربية، بل هو وضع مؤقت سرعان ما قد يتغير بفعل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب في بعض المناطق.
"الكلفة ديال الإنتاج باقية طالعة: العلف غالي، والدواء البيطري غالي، وتبريد الضيعات فهاد الشمش كيكلّف بزاف"، يقول محمد.ر، مربي دواجن من سيدي سليمان.
الحرارة تهدد الإنتاج وترفع الوفيات في الضيعات
من أبرز العوامل التي تثير قلق المهنيين في الفترة المقبلة هي موجات الحرارة المفرطة التي تعرفها عدة جهات من المملكة، مثل جهة فاس-مكناس، بني ملال، ومراكش-آسفي.
فالحرارة تؤثر بشكل مباشر على صحة الدجاج، وتزيد من نسبة النفوق (الوفيات)، وتفرض على المربين تشغيل أنظمة التهوية والتبريد بشكل مستمر، ما يرفع من فواتير الكهرباء والماء بشكل كبير.
"كنضطر نشري أجهزة تبريد إضافية وندير التهوية ليل ونهار، إلا بغيت الدجاج يوصل للذبح، وهذا كيضر الربح ديالنا"، يوضح أحد المربين بإقليم برشيد.
توقعات بارتفاع الأسعار قبيل الصيف ونهاية العطلة
يتوقع عدد من الفاعلين في القطاع أن تعود أسعار الدجاج للارتفاع في غضون أسبوع أو أسبوعين، خصوصًا مع:
استمرار موجات الحر،
ضعف إنتاج بعض الضيعات بسبب الخسائر،
اقتراب مناسبات اجتماعية (حفلات الصيف، وموسم الدخول المدرسي).
ويُجمع مهنيو القطاع على أن السوق سيظل غير مستقر ما لم تُعالج اختلالات المنظومة الإنتاجية بشكل جذري، وعلى رأسها:
دعم العلف،
مراقبة جودة الأدوية البيطرية،
تنظيم سلسلة التسويق التي تظل خاضعة للمضاربين والسماسرة.
المستهلك ضحية بين تقلب الأسعار وهشاشة الرقابة
في نهاية المطاف، يظل المستهلك المغربي الحلقة الأضعف في هذه السلسلة، إذ يتقلب بين الارتفاع والانخفاض دون تفسير رسمي مقنع، في ظل غياب آليات استباقية لضبط السوق أو دعم مباشر للفئات المتضررة.
ويطالب عدد من نشطاء حماية المستهلك وفعاليات المجتمع المدني بـ:
إرساء شفافية أكبر في تسعير الدجاج،
مراقبة هوامش الربح في الأسواق،
وضع خطط موسمية للتدخل في حالات الطوارئ المناخية التي تؤثر على الأمن الغذائي بشكل متزايد.
انخفاض الأسعار لا يعني نهاية الأزمة
رغم الانخفاض الحالي في أسعار الدجاج، فإن المؤشرات كلها تفيد بأنه تراجع مؤقت وسط أزمة هيكلية أعمق، تتداخل فيها العوامل المناخية والاقتصادية واللوجستية.
وإذا لم تتحرك السلطات لتنظيم القطاع ودعم المربين وتوسيع نطاق المراقبة، فإن المواطن سيظل يتقلب بين لهفة الشراء عند النزول، ومعاناة الغلاء عند الارتفاع.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك