أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي
في وقت تتسع فيه الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، يكشف تقرير اقتصادي حديث عن توزيع الأثرياء في المغرب، حيث تتركز النسبة الساحقة من المليونيرات والمليارديرات في ثلاث مدن رئيسية: الدار البيضاء، مراكش، وطنجة.
فمن هم هؤلاء الأثرياء؟ ولماذا تستقطبهم هذه المدن بالضبط؟ وهل تعكس خريطة المال خريطة النفوذ في المملكة؟
أرقام صادمة: 2800 مليونير في الدار البيضاء وحدها
وفق ما أورده التقرير:
الدار البيضاء تحتضن حوالي 2800 مليونير (بثروة تتجاوز مليون دولار لكل فرد).
مراكش تأتي ثانية بـحوالي 900 مليونير.
طنجة في المرتبة الثالثة بـما يقارب 700 مليونير.
هذه الأرقام تُبرز تمركزًا قويًا للثروة في محيط حضري ضيق نسبيًا، يُشكل واجهة اقتصادية وسياحية وثقافية، لكنه لا يعكس بالضرورة التوزيع العادل للثروات على المستوى الوطني.
لماذا البيضاء؟ العاصمة الاقتصادية هي عاصمة الأثرياء أيضًا
الدار البيضاء، باعتبارها القلب النابض للاقتصاد المغربي، تستقطب كبار المستثمرين ورجال المال والأعمال، وذلك بسبب:
تمركز المقرات الكبرى للبنوك والشركات متعددة الجنسيات.
وجود بنية تحتية قوية تشمل الموانئ، المطارات، والمناطق الصناعية.
ارتفاع الطلب على العقارات الراقية وخدمات الرفاهية.
لكن هذا التمركز للثروة يطرح أيضًا سؤالًا حول العدالة المجالية وتوزيع الفرص، إذ تُعد البيضاء من أكثر المدن التي تعرف تفاوتًا بين الأحياء الراقية والهامشية.
مراكش:عاصمة الرفاه والسياحة تستهوي المستثمرين الأثرياء
مراكش ليست فقط قبلة سياحية عالمية، بل أصبحت كذلك وجهة مفضلة لرجال الأعمال المغاربة والأجانب الذين يختارون الإقامة بها، بسبب:
مناخها المعتدل وطابعها التراثي الجذاب.
توفر مشاريع استثمارية ضخمة في مجالات العقار، الفندقة، الفلاحة البيولوجية، والرياضة (كالغولف).
سياسة محلية داعمة للمبادرات الاستثمارية الكبرى.
كما أن المدينة شهدت ارتفاعًا مطّردًا في أسعار العقارات الفاخرة، ما جعلها بيئة مثالية لتراكم الثروة العقارية.
طنجة:من مدينة حدودية إلى بوابة مالية عالمية
تحولت طنجة في العقدين الأخيرين إلى قطب اقتصادي استراتيجي، بفضل مشاريع كبرى مثل:
ميناء طنجة المتوسط (الأكبر إفريقيا).
المناطق الحرة الصناعية.
توسع التجارة البحرية واللوجيستيك.
كل هذه العوامل جعلت منها مغناطيسًا لجذب رجال الأعمال، كبار المصدرين، والمستثمرين في الصناعة والنقل، خصوصًا من شمال المغرب والشتات المغربي بأوروبا.
الوجه الآخر: تمركز الثروة يعكس تمركز الفوارق
رغم أن الأرقام تهم فئة صغيرة من المجتمع، إلا أنها تُسلط الضوء على حقيقة اجتماعية مُقلقة:
الهوة بين فاحشي الثراء وفئات واسعة تعاني من الهشاشة.
مدن مثل فاس، وجدة، أكادير، ومكناس لم تُذكر في التقرير رغم كثافتها السكانية، ما يُظهر غياب التوزيع العادل للفرص الاستثمارية.
في المقابل، نسبة مهمة من الثروة في المغرب تبقى غير مُعلنة أو غير مسجلة رسميًا، ما يعقد أي تحليل دقيق للعدالة الاقتصادية.
من يملك الثروة؟ قطاعات تفرز أثرياء المغرب
بحسب المتابعين للشأن الاقتصادي، فإن أبرز القطاعات التي تنتج المليونيرات في المغرب تشمل:
العقار والإنشاءات الكبرى.
التمويل والبنوك.
التجارة الدولية والتصدير.
السياحة والفندقة.
الصناعة المرتبطة بالسيارات والطيران.
الإعلام والتكنولوجيا الناشئة (في حالات قليلة).
لكن غياب الشفافية الكاملة حول مصادر الثروة يجعل من الصعب تتبع الأثر الاقتصادي الحقيقي لهؤلاء الأثرياء على التنمية الوطنية.
هل الثروة تُخدم التنمية أم تُكرّس الفجوة؟
رغم أن وجود مليونيرات يُفترض أنه مؤشر صحي على دينامية الاقتصاد، إلا أن السؤال الجوهري يبقى:
هل تُسهم هذه الثروات في التنمية المحلية وخلق فرص الشغل، أم أنها تُستخدم في تعميق الفجوة وتحصين الامتيازات؟
إذا أراد المغرب بناء نموذج اقتصادي عادل ومستدام، فلابد من سياسات واضحة تُحفّز إعادة توزيع الثروة، وتُوجه رؤوس الأموال نحو مشاريع تخدم الصالح العام، لا فقط المصلحة الخاصة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك