
أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي
أثار توجّه الاتحاد الأوروبي نحو تشديد الضوابط المصرفية على البنوك الخارجية القابضة داخل دوله، مخاوف كبيرة في المغرب من تأثير مباشر على تحويلات مغاربة العالم (MRE)، التي تُشكل دعامة اقتصادية تمثّل حوالي 8 % من الناتج الداخلي الإجمالي
هذه التحويلات بلغت سجلًا قياسيًا تجاوز 115 مليار درهم في 2023، مع نمو مستمر المتوقع أن يصل إلى 117 مليار درهم في 2024 ، ويرجّح أن تستمر في الارتفاع حتى تتجاوز 13 مليار دولار بحلول 2026 .
التوجيه الأوروبي، والمروع من وجهة نظر الرباط، يضع بنوك مغربية عاملة في أوروبا أمام خيارين: إما إقامة فروع مستقلة تلتزم بالكامل بالتشريعات والتقشف المصرفي الأوروبي، أو مواجهة قيود تعيق تحويل الأموال بكميات كبيرة إلى المغرب، مما قد يدفع ببعض هذه البنوك إلى الانسحاب من أسواق أقل ربحًا.
دفعة فرنسية تنقذ المشهد
تقدّم المغرب، بقيادة بنك المغرب ووزارة الاقتصاد، بخطوة تفاوضية ذكية اثمرت عن تليين فرنسي للموقف.
أفاد مصدر رسمي أن الاتفاق مع الخزينة الفرنسية سينتهي بصيغته القانونية هذه في يوليوز المقبل، ما يشكل مدخلا لتفادي التعطيل الأولي في تحويلات مغاربة فرنسا، المصدر الأهم للتحويلات .
وتشمل الاتفاقية اتفاقيات مع البنوك المركزية في فرنسا وإسبانيا لتنسيق الآليات التنظيمية وتحديد التكييف الوطني للضوابط الأوروبية، بحثًا عن حلول مرحلية تضمن استمرار تدفق التحويلات بعد دخول التوجيه الأوروبي حيز التنفيذ في يناير 2026 .
رؤية شاملة..تحوّل رقمي ومبادرات ذكية
المفاوضات لم تقتصر على حل للفرنسا فقط، بل فتحت المجال لتبني حلول رقمية تمكن تحويلات أسرع وأقل تكلفة عبر قنوات بديلة وضمان شفافية عمليات التحويل.
مشاريع مثل “SMILE” لمؤسسة Moneytrans، التي تعتبر الأولى من نوعها في توجيه الخدمات المصرفية الرقمية للمهاجرين المغاربة في أوروبا، أدّت إلى انخفاض تكلفة التحويل الإلكتروني بنسبة تجاوزت 20 % مقارنة بما قبلها.
المرحلة التالية: أوروبا تحت المجهر
الاتفاق الفرنسي يمثل إنجازاً مرحلياً فقط، إذ يعي المغرب أن التحدي الأكبر أمامه يتمثل في التعاون مع الدول الأوروبية الأخرى المضيفة للجاليات الكبرى، مثل إيطاليا وبلجيكا وألمانيا.
وبحسب تصريحات المسؤولين، تشتمل الاستراتيجية القادمة على عقد اتفاقات متعددة الأطراف مع البنوك المركزية لتلك الدول لضمان استدامة آلية التحويل بعد 2026.
الأهمية الاقتصادية والمالية
تزود تحويلات مغاربة العالم خزينة الدولة بما يقرب من 12 مليار دولار سنويًا، وتخدم دعم القدرة الشرائية، تمويل العيش، الاستثمارات العائلية والعمرانية الوافرة.
وحتى بداية 2024، سجلت هذه التحويلات زيادة سنوية تجاوزت 4 %، مع توقعات بوصولها إلى 13 مليار دولار في الأعوام الثلاثة المقبلة .
الطريق نحو نموذج مستدام
تنويع الوسائط الرقمية، تسهيل فتح الحسابات للمهاجرين، إرساء مخازن مالية ذكية، وتحديث التشريعات تتصدر الرؤية الوطنية.
الهدف هو تحويل تحويلات المهاجرين نحو تمويل اقتصادي أكبر: مشاريع، استثمارات في الزراعة والسياحة والطاقة الخضراء، خلافًا لاستهلاك العيش فقط .
اتفاق فرنسي وبارقة أمل
الاتفاق المبدئي المتوقع في يوليوز لإنقاذ التحويلات عبر فرنسا، يشكل فرصة استراتيجية تمكّن المغرب من احتواء أزمة محتملة، وتفادي انهيار مالي لربط سوقه بمصادر تمويل عائلية ضخمة.
لكن هذا بدون جلب باقي المنظومة الأوروبية في المحطة المقبلة سيكون مجرّد “حل إصلاحي منقوص”.
المغرب الآن مدعو لتعزيز الدبلوماسية المالية، ردم الفوارق الرقمية، وإرساء ثقافة تحويل تحوّل “القنينة الاقتصادية” إلى محرك إنتاجي دائم.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك