عطلة النخبة..من تافراوت إلى كوت دازور: أين يصطاف أثرياء وسياسيو المغرب؟

عطلة النخبة..من تافراوت إلى كوت دازور: أين يصطاف أثرياء وسياسيو المغرب؟
ديكريبتاج / الأربعاء 11 يونيو 2025 - 22:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:الهدهد المغربي

في كل صيف، يطرح نفس السؤال بين المتابعين والمواطنين العاديين: أين يقضي أثرياء المغرب ونخبه السياسية عطلتهم الصيفية؟

هل يفضلون المنتجعات المغربية أم يهربون إلى شواطئ الخارج؟ ما بين ترف فيلاهات طنجة وصخب سان تروبي وسحر بحيرات جبال الأطلس، تكشف خيارات العطلة عن أنماط حياة، وعن معايير مختلفة للفخامة والراحة وربما حتى للنفوذ.

في هذا التحقيق الصحافي، نغوص في العوالم الخاصة للنخبة المغربية، ونرصد المواقع التي أصبحت وجهات "الصف الأول" خلال أشهر الصيف، من خلال شهادات مهنية، ومصادر داخلية، وتحليلات سوسيو-اقتصادية.

بين الداخل والخارج… مفاضلة النخبة بين "البريستيج" والخصوصية

في السنوات الأخيرة، شهد المغرب تحولا في توجهات الأغنياء وكبار رجال الأعمال نحو اختيار وجهات داخلية أكثر من السابق، بفعل عدة عوامل: تحسن البنية التحتية، الفيلات الفاخرة التي انتشرت في الشواطئ الخاصة، وأحيانا لأسباب تتعلق بالحسابات السياسية أو بتعقيدات التأشيرات.

لكن فئة واسعة من الأثرياء – خاصة ممن لهم استثمارات أو علاقات في أوروبا – لا تزال وفية لعطلتها السنوية في شواطئ جنوب فرنسا، مثل كان وسان تروبيه ومونتي كارلو، أو في ماربيا الإسبانية.

وفي المقابل، نجد سياسيين ورجال أعمال كبار يفضلون البقاء داخل المغرب، واختيار مناطق مثل الصويرة، الريف الأزرق، أو المنتجعات السرية في نواحي أوريكا وبحيرات بن مطيع.

طنجة… العاصمة الصيفية لـ"الصف الأول"

تعد مدينة طنجة، وبالخصوص حي الجبيلة ومنطقة كاب سبارطيل، من الوجهات التي تستقطب جزءا كبيرا من النخبة، خصوصاً أولئك الذين يملكون إقامة فاخرة فيها.

فيلات تُطل على البحر، شواطئ محمية، حفلات خاصة لا تُنشر على الإنستغرام، وأحيانا حضور ديبلوماسيين ومستثمرين أجانب... كلها عناصر تجعل من طنجة "العاصمة الصيفية غير المعلنة" للنخبة المغربية.

مصدر قريب من قطاع العقار في المدينة يقول:

"أثرياء من مراكش والدار البيضاء يشترون فيلات في طنجة لا للاستثمار بل كـ«عش صيفي». البعض يدفع ملايير السنتيمات مقابل موقع إستثنائي فقط."

الصويرة… حين تلتقي الثقافة بالصفاء

سياسيون ومثقفون مغاربة معروفون يفضلون الصويرة كوجهة للعطلة، لما توفره من طقس معتدل، بعد عن الأضواء، وجوّ ثقافي غني.

فيلاهات في "دياب" ومزارع صغيرة في "كاب سيم" أو "سيدي كاوكي" أصبحت ملاذا لأسماء معروفة تفرّ من صخب الرباط أو من ضغط السياسة.

يؤكد فاعل سياحي في المدينة:

"بعض الوزراء السابقين والمستشارين الكبار يمتلكون مزارع خارج الصويرة يقضون فيها أسابيع في عزلة تامة. لا تكييف، لا حراس. فقط ريح الأطلسي وهدوء البحر."

الوجهات الأوروبية… "سان تروبيه" ما تزال المفضلة

بالرغم من الميل المتزايد نحو المغرب، إلا أن "سان تروبيه" لا تزال قبلة للكثير من العائلات المخملية المغربية، التي تعتبر الصيف هناك جزءا من "البرستيج العائلي".

الفيلات المؤجّرة في الجنوب الفرنسي تستقبل أسماء من الصف الأول في عالم المال والأعمال، وأحيانا أسماء في السياسة أو قريبة منها.

أحد العاملين في شركة تأجير يخبرنا:

"نُسجّل كل عام عودة نفس الزبناء المغاربة إلى نفس الفيلات. بعضهم يستأجرها شهرين متتاليين، والبعض يفضل التنقل بين كان، نيس، ومونتي كارلو."

العائلات المخملية في "ماربيا" والحرس القديم في "إيفران"

ماربيا الإسبانية بدورها أصبحت وجهة دائمة لطبقة معينة، خصوصا العائلات التي لها أبناء يدرسون بالخارج، أو علاقات تجارية مع أوروبا.

في المقابل، نلاحظ أن بعض الأسماء المحسوبة على النخبة المخضرمة في الدولة، خاصة العسكريين السابقين وكبار الإداريين، تفضل قضاء عطلتها في مناطق مثل إيفران أو مناطق زاكورة وأرفود.

رجال الأعمال والتوجه نحو المناطق الجبلية الفاخرة

من جديد، تظهر مناطق مثل أوكيمدن وإمليل وبحيرة بين الويدان كوجهات مفضلة لعطلات أكثر هدوءا ونخبوية.

بعض كبار رجال الأعمال شيدوا "لودجات" فاخرة في أعالي الجبال، بعيدا عن البحر، للاستمتاع بالطبيعة والاستجمام وسط الغابات، مع خدمات راقية خاصة.

ماذا تكشف هذه الاختيارات عن النخبة المغربية؟

اختيارات العطلة ليست فقط تعبيراً عن الذوق أو القدرة المالية، بل هي مرآة لعلاقات النفوذ، والتموقع الطبقي، وأحيانا حتى لخطوط الانقسام داخل النخبة نفسها.

ففي حين تسعى فئة نحو مزيد من العزلة والخصوصية، تستثمر أخرى في "الظهور الاجتماعي" وتبادل الصور في إنستغرام، بينما تفضل فئة ثالثة الهروب إلى الداخل المغربي بحثاً عن السلام والهدوء.

 هل ستُ democratize العطلة الفاخرة؟

مع تطور عرض الضيافة السياحية، وظهور مقاولين شباب يقدمون تجارب فندقية متميزة بأسعار معقولة، قد تبدأ العطلة الفاخرة في الانفتاح على فئات أوسع.

لكن تبقى عوالم النخبة، سواء في السياسة أو المال، محاطة بجدار من الخصوصية، حيث تختلط العطلة بالسياسة، والراحة بالبريستيج، والبحر بالنفوذ.



لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك