أنتلجنسيا المغرب:الربان
في تطور دراماتيكي يزيد من تعقيد المشهد في قطاع غزة، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن الجيش الإسرائيلي بات يحتفظ بجثة محمد السنوار، الشقيق الأصغر ليحيى السنوار، زعيم حركة حماس في غزة، وأحد أبرز القادة العسكريين في جناحها المسلح.
وأكدت مصادر إسرائيلية للصحيفة أن محمد السنوار قُتل خلال إحدى العمليات الخاصة للجيش في جنوب قطاع غزة، مشيرة إلى أن “الجثة باتت الآن في حوزة القوات الإسرائيلية”.
من هو محمد السنوار؟
محمد السنوار يُعدّ من القيادات العسكرية البارزة في كتائب القسام، ويُنظر إليه داخل إسرائيل كـ"العقل العسكري" المقرّب من شقيقه الأكبر يحيى، قائد حماس في غزة والمطلوب الأول لإسرائيل. وتقول تقارير استخباراتية إسرائيلية إنه كان مكلفاً بتنسيق العمليات البرية، والإشراف على شبكات الأنفاق، وكان يتمتع بنفوذ ميداني كبير واطلاع على تحركات القيادة العليا.
عملية معقدة واستهداف مباشر
بحسب ما نقلته "يديعوت أحرونوت"، فإن العملية التي أفضت إلى مقتل السنوار لم تكن عشوائية، بل تمت على ضوء معلومات استخباراتية دقيقة، وجاءت ضمن سلسلة عمليات عسكرية سرية تستهدف “رؤوس” حماس. وتُعدّ هذه الخطوة ضربة رمزية كبيرة للحركة، خاصة في ظل سعيها للحفاظ على ما تبقى من بنيتها العسكرية في الجنوب بعد أشهر من القصف الإسرائيلي المكثف.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي لم يعلن رسميًا عن العملية حتى الآن، فإن تسريب الخبر إلى واحدة من أبرز الصحف الإسرائيلية، والتي تربطها علاقة وثيقة بمؤسسات الدولة العبرية، يُعدّ رسالة سياسية وعسكرية واضحة مفادها أن إسرائيل تواصل ملاحقة قيادات حماس بلا هوادة.
الجثة كورقة تفاوض
احتفاظ إسرائيل بجثة محمد السنوار ليس فقط حدثًا عسكريًا، بل ورقة تفاوض استراتيجية. فتل أبيب تراهن على أن استخدام الجثث والرهائن قد يمنحها نفوذًا إضافيًا في أي صفقة تبادل محتملة مع حماس، خصوصاً بعد فشل الجولات السابقة من الوساطات بشأن إطلاق الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة في غزة.
وتُشير تقديرات إسرائيلية إلى أن هذه الورقة قد تُعزز موقف تل أبيب في مواجهة مطالب حماس التي تشترط وقف العمليات العسكرية ورفع الحصار مقابل تبادل الأسرى. ويأتي هذا في ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل بعد العمليات العسكرية الواسعة التي شهدها القطاع منذ أكتوبر 2023.
صمت حماس… حتى الآن
حتى ساعة كتابة هذا التقرير، لم تُعلّق حركة حماس على ما أوردته الصحيفة العبرية، ما يفتح باب التأويلات حول مدى صحة الرواية الإسرائيلية. ويعتبر محللون أن صمت حماس لا يعني بالضرورة إقرارها أو نفيها للخبر، بل ربما رغبة في تجنب إثارة البلبلة داخل صفوفها أو الانتظار للتأكد من تفاصيل العملية المعقدة.
أثر معنوي ونفسي داخل حماس
في حال تأكدت الرواية الإسرائيلية رسميًا، فإن مقتل محمد السنوار سيُشكل ضربة معنوية قاسية للقيادة العسكرية لحماس، وخصوصاً لشقيقه يحيى السنوار الذي يُلاحق بدوره من طرف الجيش الإسرائيلي، والذي تتضارب الأنباء حول مصيره منذ بداية الحرب.
ففقدان شخصية من حجم محمد السنوار لا يؤثر فقط على البنية العملياتية لكتائب القسام، بل أيضًا على الحصانة المعنوية التي كانت تحيط بقيادات الحركة، والتي طالما روجت أنها تتنقل بحرية رغم القصف والحصار.
خطوة نحو تصعيد أكبر؟
يرى مراقبون أن الإعلان عن حيازة جثة محمد السنوار قد يُسرّع من وتيرة المواجهة بين إسرائيل وحماس، ويدفع الحركة للرد بعمليات انتقامية سواء داخل غزة أو خارجها. كما قد يُعيد النقاش حول مستقبل التهدئة إلى نقطة الصفر، لا سيما إذا رأت حماس أن هذه الضربة تمسّ كرامتها الرمزية والتنظيمية.
في المقابل، تسعى إسرائيل لاستثمار هذا "الاختراق" في الداخل الإسرائيلي، في ظل تراجع شعبية الحكومة الحالية وصعود الأصوات المطالبة بنتائج ملموسة في ملف غزة، خاصة بعد الانتقادات التي طالت إدارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لما بعد 7 أكتوبر.
رسائل بين السطور
رسالة تل أبيب من خلال تسريب هذا الخبر واضحة: القيادات العسكرية لحماس ليست في مأمن، حتى في عمق غزة، وأن الحرب لا تتعلق فقط بالقصف العشوائي، بل باستهداف نوعي ومدروس يُراكم "الإنجازات" الميدانية. لكن في المقابل، قد تكون لهذه الرسالة ارتدادات عكسية إذا فشلت إسرائيل في السيطرة على ردود فعل حماس أو إذا دخلت الحرب مجددًا في مسار تصعيدي مفتوح.
في انتظار التأكيد الرسمي
يبقى الجميع في حالة ترقب لتأكيد رسمي من وزارة الدفاع الإسرائيلية حول حيازة الجثة، أو من حركة حماس التي تدرك أن الرد أو النفي لا يمكن أن يكون عاطفياً، بل يجب أن يكون مبنيًا على معطيات ميدانية دقيقة.
وإلى حينها، يبقى مقتل محمد السنوار—إن صحّ—عنوانًا لمرحلة جديدة من الصراع، عنوانها "الضربات الموجعة خلف الستار"، حيث تُدار الحرب بالمعلومة، والرمزية، والجثث التي تتحول من مأساة إنسانية إلى ورقة سياسية بامتياز.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك