أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي
في تطور سياسي وقانوني مثير وصادم، كشف الناطق الرسمي باسم المحكمة الجنائية الدولية، المغربي فاضل عبد اللطيف، عن معطيات غير مسبوقة تتعلق بمحاولات ممنهجة من طرف عدد من الدول العربية لإعاقة مسار العدالة الدولية، عبر عرقلة تحقيقات المحكمة بشأن الجرائم المرتكبة في قطاع غزة وفلسطين المحتلة، من طرف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجيش الاحتلال.
شهادات من الداخل: عرقلة مقصودة ومواقف مزدوجة
في حوار مطول مع إحدى المنصات الحقوقية الأوروبية، أكد عبد اللطيف أن المحكمة الجنائية الدولية تواجه ضغوطاً سياسية هائلة، ليس فقط من القوى الغربية المعروفة بمواقفها المنحازة، بل أيضاً من بعض الأنظمة العربية التي تتظاهر بالدفاع عن القضية الفلسطينية في العلن، بينما تسعى في الكواليس إلى إبطاء وتيرة التحقيقات أو التأثير على مسارها.
وأوضح المتحدث أن المحكمة تلقت طلبات غير رسمية من أطراف عربية نافذة تدعو إلى "تأجيل" أي مسطرة قد تُفضي إلى إصدار مذكرات توقيف دولية في حق قادة الاحتلال، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
عندما تتقاطع السياسة مع العدالة
هذا الموقف الذي وصفه عبد اللطيف بـ"الفضيحة الأخلاقية والسياسية" يطرح إشكاليات خطيرة تتعلق بمدى التزام هذه الأنظمة بمبادئ العدالة الدولية وحقوق الإنسان. إذ أن دعمها العلني للقضية الفلسطينية يقابله موقف عملي مضاد على مستوى المحافل القانونية الدولية، وهو ما يُعَدّ، بحسب تعبيره، "ازدواجية فاضحة تُفرغ الشعارات من مضمونها وتخدم الاحتلال أكثر مما تُضعفه".
المحكمة تُصرّ على الاستمرار رغم العراقيل
في المقابل، شدد عبد اللطيف على أن المحكمة الجنائية الدولية عازمة على المضي قُدماً في فتح ملفات الجرائم المرتكبة في غزة، خاصة في ظل تواتر الشهادات الميدانية، والتقارير الدولية المستقلة التي تؤكد ارتكاب مجازر بحق المدنيين، واستخدام أسلحة محرمة دولياً، واستهداف المنشآت الطبية والمدنية.
وأوضح أن المدعي العام للمحكمة، كريم خان، يتحرك في مسار قانوني دقيق ومعقّد، محكوم بتوازنات سياسية دولية، لكنه في الآن ذاته يخضع لمطالب شعبية وحقوقية عارمة تطالب بعدم إفلات مجرمي الحرب من العقاب.
صمت رسمي عربي أمام موقف مغربي شجاع
المثير في هذا السياق أن تصريحات عبد اللطيف، الذي يُعد أول مغربي يتقلد منصباً ناطقاً رسمياً باسم المحكمة الجنائية الدولية، لم تلقَ أي تفاعل من وزارات خارجية الدول العربية المعنية، كما لم تبادر أي جهة رسمية إلى توضيح موقفها من الاتهامات الموجهة لها.
في المقابل، عبّر عدد من النشطاء والسياسيين في المغرب والعالم العربي عن فخرهم بموقف عبد اللطيف، الذي وصفوه بـ"الضمير القانوني" الذي رفض الصمت أمام تواطؤ قاتل.
ماذا بعد؟
تكشف هذه المعطيات عن حجم التحديات التي تواجهها العدالة الدولية في زمن التحالفات غير المعلنة والمصالح المتشابكة. كما تضع الشعوب العربية أمام سؤال محرج: إلى متى ستبقى أنظمتنا تبيع القضية الفلسطينية في الكواليس، وتدّعي نصرتها على المنابر؟
إن المسار لا يزال طويلاً، لكن بصوت مثل صوت فاضل عبد اللطيف، وبتحركات قانونية جريئة، يمكن للعدالة أن تطرق أبواب التاريخ مجدداً، ولو وسط صمتٍ عربيٍ مدوٍ.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك