أخنوش بين "الدولة الاجتماعية" وواقع الأزمة..حين يدفع الفقراء ثمن اقتصاد الأثرياء

أخنوش بين "الدولة الاجتماعية" وواقع الأزمة..حين يدفع الفقراء ثمن اقتصاد الأثرياء
ديكريبتاج / الأحد 18 مايو 2025 - 18:35 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:للا الياقوت

يشهد المغرب منذ أشهر أزمة اقتصادية خانقة ألقت بظلالها على الحياة اليومية للمواطنين، في وقت تزداد فيه الانتقادات لحكومة عزيز أخنوش التي يُنظر إليها على أنها حكومة رجال الأعمال لا حكومة الشعب. وبين وعود "الدولة الاجتماعية" التي رُفعت كشعار انتخابي، وواقع غلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية، تبدو الفجوة بين الخطاب والممارسة أكبر من أن تُردم.

تضخم الأسعار وصمت الحكومة

ارتفعت أسعار عدد كبير من المواد الأساسية بشكل غير مسبوق، خصوصًا في النصف الأول من سنة 2025، حيث سجلت نسب التضخم مستويات مقلقة، خاصة في الخضر، الزيوت، الحليب، اللحوم، والخدمات الأساسية. ورغم هذا الوضع، اكتفت الحكومة بتصريحات مطمئنة دون اتخاذ إجراءات حقيقية على الأرض لوقف النزيف المعيشي، ما زاد من شعور المواطنين بالتهميش وغياب الحماية.

طبقة متوسطة على حافة الانهيار

باتت الطبقة المتوسطة، التي لطالما وُصفت بـ"صمام أمان الاستقرار الاجتماعي"، على وشك الانقراض، بفعل السياسات الاقتصادية التي لم تراعِ حجم الضغوط التي تواجهها. فالأجور شبه جامدة، والضرائب تنهك دخل الأسر، في حين تتوسع الفجوة بينها وبين الطبقات العليا، التي تستفيد من الإعفاءات والتسهيلات المرتبطة برجال المال والأعمال.

الفئات الهشة.. أكبر الخاسرين

الطبقات الفقيرة والهشة هي الأكثر تضررًا من الوضع القائم. فبالإضافة إلى الغلاء، تواجه هذه الفئات تراجعًا مقلقًا في الخدمات العمومية، خصوصًا في التعليم والصحة والنقل. المبادرات الاجتماعية التي أطلقتها الحكومة، مثل تعميم التغطية الصحية أو دعم الأرامل، تبقى غير كافية، وغالبًا ما تصطدم بإشكالات في التنزيل، أو ببيروقراطية قاتلة في إيصال الدعم لمستحقيه.

"الدولة الاجتماعية" بين الشعارات والحقائق

رفعت حكومة أخنوش شعار بناء "الدولة الاجتماعية"، لكن ما تحقق على الأرض لا يوازي حجم الخطاب السياسي. فقد تم رصد ميزانيات كبيرة، لكنها لم تترجم إلى مشاريع ملموسة تنعكس على المواطنين. ويرى خبراء أن ضعف الحكامة وغياب الاستهداف الدقيق وتغليب منطق المقاولة على منطق الدولة، جعلت الفوارق تتعمق بدل أن تتقلص.

احتجاجات صامتة.. وغضب شعبي في تصاعد

رغم محدودية التظاهر، فإن مؤشرات الغضب الشعبي تتزايد: من المقاطعة غير المعلنة لبعض المنتجات، إلى الاحتجاجات القطاعية، وصولاً إلى التعبير الواسع عن السخط عبر منصات التواصل الاجتماعي. ويخشى متابعون أن يتحول هذا الغضب الصامت إلى انفجار اجتماعي في حال استمرار تجاهل المطالب الشعبية.

في انتظار انتخابات 2026: غليان شعبي وسياسي

تُتهم الأغلبية الحكومية المكونة من "الأحرار" و"الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة" بالانشغال بالمحاصصة والتهيؤ لانتخابات 2026، بدل الانكباب على حل الأزمات العاجلة. ومع اقتراب الاستحقاقات، باتت الأصوات تتعالى بضرورة تغيير النموذج الاقتصادي، وتشكيل حكومة تمثل فعلاً تطلعات المغاربة، لا مصالح فئة قليلة تتحكم في القرار والثروة.

في ظل هذا الوضع، يبدو أن حكومة أخنوش أمام مفترق طرق: إما اتخاذ قرارات شجاعة تعيد الثقة للشارع، أو الاستمرار في تجاهل نبض المواطن، وهو ما قد تكون كلفته باهظة على الجميع.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك