أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا
في ثقافتنا الشعبية، كثيرًا ما نتداول
مصطلحات تنبع من عمق الذاكرة الجماعية، مثل "الخوارة"
و"التخوار"، وهي كلمات ذات دلالات ساخرة وعميقة في آنٍ واحد.
تعود أصول "الخوارة" إلى
حكاية "السامري" الذي صنع عجلًا من ذهب يُصدر صوت خوارٍ خدع به قومه،
قبل أن فضح أمره وتحوّل الخوار إلى مرادف للباطل والتفاهة، اليوم، لا يزال
المغاربة يستعملون هذه الكلمة حين يريدون وصف أمرٍ لا طائل منه، مجرد ضجيج بلا
معنى.
غير أن "الخوارة" لم تعد
مجرد حكاية قديمة، بل تحوّلت إلى سلوك معاصر، خاصة في هذه الأيام التي تزامنت مع
نداء ملكي حكيم يدعو إلى الامتناع عن ذبح الأضاحي هذا العام، من أجل الحفاظ على
القطيع الوطني وإعادة تأهيله، لكن كثيرون غير "كيخيورو"، يلبسون جلباب
علي ويتحدثون بصوت "السامري".
ورغم وضوح الدعوة وعقلانيتها، برزت
فئة تستغل الوضع، لتُحيي طقوس العيد في الخفاء، وكأنها تعيش خارج اللحظة الوطنية،
غير مكترثة بنداء الوطن أو حاجته لإعادة بناء ثروته الحيوانية بكل مسؤولية وعقلانية،
والحقيقة "سرنا عمود" العقاب كان يجب أن يكون.
ما يثير القلق ليس فقط هذا السلوك
المخالف، بل الطريقة التي انكب بها البعض على شراء "الدوارة" وسقيطة
الخرفان، وكأنهم يتلذذون بكسر الإجماع الوطني، وتخريب النمو الديمغرافي للثروة
الحيوانية، إنها عودة لزمن "الخوارة السامرية"، لكن بنسخة أكثر أنانية
واستخفافًا، حيث تُذبح الأضاحي في الظل، ويُمارس الاحتفال في السر، كأننا أمام
عصيان صامت ضد نداء الدولة لمصلحة مهمة تنقذ القطيع.
صراحة، أمام هذا الانفلات، لا بد من
تدخل عاجل من السلطات المحلية، ووضع قوانين زجرية واضحة لا تقبل التلاعب ولا
التساهل، "بنادم كاموني" لأن الأمر لم يعد يتعلق فقط بخروف يُذبح أو
دوارة تُطهى، بل بمصير قطيعٍ وطني كامل، وبثقافة الاحترام والامتثال التي يفترض أن
تجمعنا في زمن الأزمات، لا أن تفرّقنا تحت راية أراء "الخوارة الساميرية".
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك