أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا
في سيدي يحيى الغرب، المشهد اليومي
أمام الإدارة الوحيدة لـ"بريد المغرب" لا يليق لا بمواطنين يبحثون عن
أبسط خدماتهم، ولا مؤسسات رفعت شعار تقريب الإدارة من المواطن.
ثلاث موظفين فقط يتحملون عبء خدمة أزيد من 300
ألف نسمة، موزعين بين سكان المدينة وباقي مجموعة من الدواوير المجاورة
كـ"التوازيط، الرحاونة، ابني فضل، ابني ثور، الدواغر، شرقاوة، ضاية عائشة،
الشنانفة، وكانطة"، دون أن يُؤخذ بعين الاعتبار الضغط الهائل الذي يفرضه هذا
التعداد البشري.
ما يجري داخل مكتب البريد "بسيدي
يحيى الغرب" تجاوز حدود العبث، فالمكان تحوّل إلى مسرح يومي للفوضى، عراك،
صراخ، وشجارات لا تنتهي، بينما الموظفون الغارقون في كومة المهام يجهدون أنفسهم في
محاولة مستحيلة لاحتواء مطالب المواطنين المتزايدة.
الفوضى العارمة ليست قدرا محتوما، بل
نتيجة مباشرة لسياسات الإهمال المزمن التي تعاني منها المدينة ومحيطها القروي.
لا يمكن لعاقل أن يقبل بهذا الوضع،
حيث من غير المقبول أن تستمر مدينة بهذا الحجم والكثافة السكانية في الاعتماد على
مؤسسة بريدية واحدة، دون أي رؤية توسعية تراعي حاجيات المواطنين أو حتى تضمن كرامة
العاملين، فهل يُعقل أن نطلب من ثلاث موظفين تغطية خدمات تحويل الأموال، صرف
المعاشات، البريد السريع، الخدمات البنكية وغيرها، تحت ضغط الانتظار والاحتجاج
والفوضى؟
الوضع بات يقتضي تدخلا فوريا من
الجهات السياسية والإدارية التي تتولى تدبير الشأن المحلي، فمكتب البريد "بسيدي
يحيى الغرب" ليس مجرد بناية تقدم خدمات تقنية، بل هو اليوم عنوان صارخ على
فشل السياسات العمومية في مواكبة التحولات الديمغرافية للمنطقة.
والحد من هذه المأساة لا يكون إلا
بفتح مؤسسات بريدية جديدة في مختلف الأحياء وبعدد كافٍ من الأطر المؤهلة، تعيد
الاعتبار لمفهوم الخدمة العمومية، وتضع حدا لمظاهر الحيف والاحتقار الإداري الذي
يعيشه المواطن كلما طرق باب الإدارة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك