أنتلجنسيا المغرب:وصال . ل
في لحظة فارقة تؤرخ لتحول نوعي في
فلسفة الدولة تجاه الكوارث، أعطى جلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد
الأمير مولاي الحسن، الانطلاقة الرسمية لمنصة المخزون والاحتياطات الأولية بجهة
الرباط – سلا - القنيطرة.
الحدث لم يكن مجرد تدشين لمنشأة
لوجستيكية، بل كان رسالة واضحة بأن المغرب عازم على الانتقال من منطق رد الفعل إلى
منطق الاستباق والتحكم في المصير.
المشروع، الذي يرسخ لنهج ملكي استباقي
صارم، يأتي في سياق وطني يتميز بوعي متنامٍ بضرورة امتلاك آليات التدخل السريع
والفعال عند وقوع الكوارث. المنصة الجديدة، التي تقام على مساحة 20 هكتارا في
جماعة عامر بسلا، تمثل نواة لمنظومة وطنية تشمل 12 جهة، وتهدف إلى ضمان الجاهزية
التامة وتوفير الاستجابة الفورية.
هذه البنية الضخمة التي رُصد لها غلاف
مالي يفوق ربع مليار درهم، تتضمن مستودعات واسعة، حظائر معدات، مهبط مروحيات،
ومرافق لوجستيكية، ستجعل من جهة الرباط نموذجا وطنيا في التنسيق والإغاثة. والأهم،
أنها ستُكسر بها حلقات الهشاشة والعجز الذي كان يطبع ردود الأفعال أمام الكوارث
المفاجئة.
الرؤية الملكية واضحة: لا مجال للارتجال،
ولا مكان للتأخر عندما يتعلق الأمر بأرواح المواطنين. فقد تم إعداد البرنامج وفق
معايير دولية صارمة، مع اعتماد خريطة وطنية للمخاطر وتوزيع عقلاني للمخزونات حسب
الكثافة السكانية والتضاريس الجغرافية.
المنصة ليست مجرد مستودع، بل منظومة
متكاملة تتضمن إمكانات متطورة للإيواء، والإطعام، وتوفير الماء والطاقة، إضافة إلى
وحدات طبية متنقلة ومجهزة بأحدث الوسائل لتقديم الرعاية الفورية للمصابين
والمتضررين. إنها دولة تضع حياة المواطن في صلب أولوياتها، وتُهيّئ لأقسى
السيناريوهات بأسلوب لا يترك شيئا للصدفة.
ما يحدث اليوم هو تأسيس لبنية صلبة
تُغني البلاد عن انتظار المساعدات الخارجية في لحظات الشدة، وتمنحها قدرة ذاتية
على المواجهة والانتصار على الكارثة. المغرب، بقيادة جلالة الملك، يبني لنفسه شبكة
أمان سيادية، تجعل من كل جهة قلعة مقاومة ضد الكارثة، لا ضحية تنتظر النجدة.
ولعل الأهم في هذا التحول الجذري، هو
أن الدولة المغربية تُعلن للمواطن أن زمن الترقب والخوف قد ولى، وأن زمن المبادرة
والسيادة قد بدأ. فالمنصات الجديدة ستمكّن من الاستجابة لثلاثة أضعاف حاجيات زلزال
الحوز، وهو مؤشر على طموح كبير لبناء مغرب عصري لا يُفاجَأ، بل يسبق الزمن.
إنها ثورة هادئة يقودها ملك يُجيد فن
الإنصات للمستقبل، ويخط ملامح مغرب جديد لا ينهار أمام الكارثة، بل يتحكم في
مسارها، ويصنع من المحنة منطلقا للنهوض والإصلاح والتمكين. فالمغرب، اليوم، لا
يراهن فقط على النجاة، بل على الريادة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك