تسليح إسرائيلي للمغرب وتكريس للتبعية العسكرية

تسليح إسرائيلي للمغرب وتكريس للتبعية العسكرية
شؤون أمنية وعسكرية / الجمعة 12 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر

خرجت صور حديثة من قلب قاعدة سيدي يحيى الغرب، وكشفت واقعاً لم يعد ممكناً تغليفه بالخطاب الرسمي، وهو أن المغرب يواصل الارتماء داخل منظومة التسلح الإسرائيلية، عبر نشر منصّات “باراك-8 إم إكس” المتطورة، في خطوة تعكس انتقال العلاقة العسكرية بين الرباط وتل أبيب من مستوى التعاون التقني إلى مستوى التبعية البنيوية في مجال الدفاع الجوي.

فالمنصات التي ظهرت في الصور، ليست مجرد معدات، بل إنها جزء من شبكة قتالية متكاملة صمّمتها الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)، تجمع رادارات متعددة المهام ومنظومات اعتراض بعيدة المدى، وتعمل داخل منظومة رقمية شاملة تسمح بتوجيه الصواريخ وتنسيق العمليات مع عدة وحدات في الوقت نفسه.

بمعنى أوضح، فالدفاع الجوي المغربي أصبح مرتبطاً بشكل مباشر بالبنية التكنولوجية والعسكرية الإسرائيلية، من القيادة إلى الاستشعار، ومن الرصد إلى الاعتراض.

فتوقيع صفقة تتجاوز قيمتها 500 مليون دولار سنة 2022، لم يكن سوى البداية، حيث أن الرباط مضت أبعد من ذلك، بانخراطها في مشاريع تصنيع مشترك، كإقامة مصانع موجهة لإنتاج طائرات “هاروب” الانتحارية، وهي خطوة تعمّق أكثر حضور الصناعات الحربية الإسرائيلية داخل التراب المغربي، وتحوّل جزءاً من الإنتاج العسكري المغربي إلى امتداد مباشر لمجمعات السلاح الإسرائيلية.

والتعاون لم يتوقف عند الأرض والجو، فزيارة أمير بيريتس للمغرب سنة 2024 مهدت لتوقيع اتفاق ضخم تصل قيمته إلى مليار دولار من أجل برنامج القمر الصناعي Ofek، الذي سيعوّض المنظومات الفضائية الفرنسية.

بهذا تصبح مراقبة السماء المغربية وفضائها الاستراتيجي، جزءاً من هندسة أمنية إسرائيلية لا تخدم بالضرورة المصالح الجيوسياسية الوطنية، بقدر ما تكرّس حضور تل أبيب داخل مفاصل الأمن والدفاع بالمملكة.

وهذا المسار يتعزز داخل سياق جيوسياسي مُلتَبِس، حيث تراجع نفوذ واشنطن وباريس في الساحل الإفريقي، وصعود متزايد للنفوذ الروسي والإيراني والصيني.

أما الرباط، فاختارت التموقع ضمن محور أمريكي/إسرائيلي، وتعتبر ذلك ورقة لحماية مصالحها، ولكن هذه الورقة، في صيغتها الحالية، تحوّل المغرب إلى جزء من معادلة عسكرية لا يتحكم في قواعدها ولا في أولوياتها، وتجعل أمنه القومي مرتبطاً بتقلبات صراع إقليمي ودولي أكبر منه.

فالمغرب، يروّج لاستراتيجية تقوم على التغلغل الاقتصادي في إفريقيا وربطه بدعم عسكري ومعلوماتي للدول الصديقة.

غير أن تنسيق هذه المقاربة عبر "المظلّة الإسرائيلية"، يجعلها تبدو كامتداد لسياسات لا وطنية، بل سياسات تُصاغ خارج الرباط وتُمرّر تحت عناوين الشراكة والتحديث.

فخلاصة المشهد واضحة، فبدل بناء منظومة دفاع مستقلة تستند إلى قرار سيادي، يجد المغرب نفسه منخرطاً في تعاون عسكري يعزز ارتباكه الاستراتيجي ويُثقل كلفته السياسية.

فالتكنولوجيا الإسرائيلية التي تُقدّم كـ“تطوير لقدرات الدفاع الجوي”، ما هي إلا بوابة لربط الأمن الوطني بدولةٍ متورطة في صراعات إقليمية مزمنة.

بينما يبقى السؤال الحقيقي معلقاً، من يملك القرار حين تصبح السماء مؤمَّنة بأنظمة ليست ملك المغرب، بل ملك من يبيعها؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك