الصين تزاحم واشنطن في سباق السلاح العالمي وصعود عسكري جارِف يقلب موازين القوة

الصين تزاحم واشنطن في سباق السلاح العالمي وصعود عسكري جارِف يقلب موازين القوة
شؤون أمنية وعسكرية / السبت 15 نونبر 2025 / لا توجد تعليقات: تهنئة بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة

أنتلجنسيا المغرب:لبنى مطرفي

شهدت الصين خلال السنوات الأخيرة تحولًا جذريًا في موقعها داخل صناعة السلاح العالمية، بعدما انتقلت من دولة تعتمد على الاستيراد إلى قوة كبرى تنافس الولايات المتحدة مباشرة.

ورغم احتفاظ واشنطن بحصة تقارب 43% من إجمالي صادرات السلاح، فإن التفوق الأميركي بات يواجه منافسًا جدّيًا، إذ أصبحت بكين اليوم ثاني أكبر مصدر للسلاح عالميًا، متقدمة على روسيا، بحجم صادرات سنوي يتراوح بين 70 و80 مليار دولار.

قفزة هائلة في صادرات الصين إلى الشرق الأوسط

خلال عقد واحد فقط، ارتفعت صادرات الصين العسكرية إلى الشرق الأوسط من 400 مليون دولار إلى أكثر من 43 مليار دولار، ما يمثل زيادة تفوق 87%.

وتتصدر باكستان قائمة مستوردي السلاح الصيني بنسبة 63% من إجمالي المبيعات، تليها الجزائر التي تستحوذ على أكثر من 35% من صادرات بكين للمنطقة، ما يعكس حضورًا متسارعًا للصين في أسواق كانت لوقت طويل حكراً على القوى الغربية.

طفرة تكنولوجية هائلة في الصناعات العسكرية الصينية

هذا التوسع لم يحدث صدفة؛ فالصين استثمرت بشكل مكثف في تطوير قدراتها التصنيعية والتكنولوجية. فقد ضاعفت إنتاج الصواريخ الباليستية العابرة للقارات القادرة على حمل رؤوس نووية، وأصبحت ثاني دولة في العالم بعد الولايات المتحدة تمتلك مقاتلات شبحية من الجيل الخامس، فيما تعمل على تطوير طائرات الجيل السادس مثل “جي–35”.

وفي المجال البحري، أطلقت حاملة الطائرات الحديثة “فوجيان” المزوّدة بأنظمة إطلاق متقدمة، وطوّرت سفن خفر السواحل ذات قدرات قتالية عالية. كما قدمت منظومات مبتكرة مضادة للمسيّرات تعتمد على مدافع مائية وتقنيات ذكاء اصطناعي، إلى جانب دبابتها الأحدث “تايب 100” التي تؤشر على leap نوعي في قدرات القوات البرية.

منظومات صينية أثبتت فعاليتها في اختبارات مباشرة

يرى الخبراء أن نجاح الصين يعود إلى عقود من الاستثمار في تطوير منظومات متكاملة تشمل الحرب الإلكترونية، الاتصالات، الرادارات، والذخائر الذكية. وقد أثبتت هذه المنظومات فعاليتها ميدانيًا، خصوصًا خلال المواجهات الهندية–الباكستانية، حيث تمكنت المقاتلات الباكستانية المصنعة بالتعاون مع الصين من إسقاط طائرات هندية متقدمة من طراز "رافال"، في اختبار مباشر بين التكنولوجيا الشرقية والغربية.

لماذا يفضّل الشرق الأوسط السلاح الصيني؟

تستقطب الصين الطلب المتزايد في الشرق الأوسط بفضل أسعار منخفضة، عقود مرنة، وغياب القيود السياسية. في المقابل، تفرض واشنطن شروطًا مشددة على صادراتها العسكرية، إذ تحتفظ بما يسمى “مفتاح التشغيل الاستراتيجي” الذي يمنع الدول من الوصول إلى الأكواد والبرمجيات الحيوية لأنظمة التحديث والاتصال والحرب الإلكترونية.

وهكذا، فإن النسخ الأميركية الموجهة للتصدير تأتي دائمًا منخفضة القدرات مقارنة بما تحصل عليه إسرائيل، التزامًا بمبدأ التفوق النوعي لها، وهو أحد ركائز السياسة الخارجية الأميركية.

الهيمنة الأميركية عبر العقود طويلة الأمد

يرى مختصون أن العقود الأميركية ليست مجرد بيع منصات قتالية، بل هي ارتباط طويل الأمد يشمل الصيانة وقطع الغيار والتدريب والتحديث والتسليح، ما يجعل الدولة المستوردة مرتبطة سياسيًا واستراتيجيًا بواشنطن. كما أن استخدام السلاح الأميركي يظل مقيدًا بشروط تحول دون استعماله في أي مواجهة محتملة مع إسرائيل، رغم التكلفة الهائلة التي تتحملها الجيوش العربية.

الصين لاعب صاعد يقلب قواعد اللعبة

بهذا الزخم الصناعي والعسكري، تتقدم الصين بثبات داخل سوق السلاح العالمي، مستفيدة من تصنيع محلي متطور ومرونة تجارية وسياسية لا تقدمها الولايات المتحدة. وفي وقت تتمسك فيه واشنطن بسياسات التفوق النوعي لحلفائها وفرض القيود على مشتركيها، تتجه العديد من الدول، خاصة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، نحو الصين بحثًا عن بدائل أقل تقييدًا وأكثر استقلالية.

الصعود الصيني المتسارع لا يغير فقط موازين سوق السلاح، بل يعيد صياغة منظومة القوة الدولية، ليطرح أسئلة كبرى حول مستقبل الهيمنة الأميركية في العقود المقبلة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك