أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا
في قلب سيدي يحيى الغرب، تخيم حالة من
الرعب والخوف على السكان، بعدما تحولت شوارع المدينة إلى حلبة جنون تسابق فيها
الموت على ظهر دراجات نارية يقودها شباب مستهترون، لا يحكمهم قانون ولا يردعهم
وازع..فقد أضحت المدينة رهينة في قبضة عصابات منظمة تتجول كما تشاء، تحت أنظار
الأمن، وأحيانًا بتواطؤ الصمت القاتل الذي يصم الآذان.
فاجعة تتبعها أخرى، ومع كل ضحية جديدة
يزداد الغضب الشعبي اشتعالًا.
وفاة المواطن "عمر حميرين"،
أحد خيرة سكان المدينة والمعروف بين جيرانه بأخلاقه العالية، لم تكن حادثًا
معزولًا، بل حلقة في سلسلة جرائم يومية تُرتكب على مرأى ومسمع من الجميع، قبله
كانت الطفلة التي قضت وهي بين ذراعي أمها، بعدما صدمها متهور على متن دراجة نارية،
غير آبه بدموع ولا برجاء، وحالات عدة.
أزقة المدينة وحدائقها لم تسلم هي
الأخرى من هذا الجحيم القاتل المتنقل.
هؤلاء لا يكتفون بالاستعراض المجنون
بالدراجات والقيادة على عجلة واحدة "الكابراج"، بل يتخذون من التجمعات
فضاءً لبث الرعب وتوزيع سموم "البوفا" وأقراص الهلوسة والمخذرات، في
مشاهد لا تليق إلا بأفلام العصابات في البرازيل أو كوبا..كل هذا وسط غياب مريب
لدوريات الأمن واختفاء غريب لأدنى تدخل يضع حدًّا لهذا النزيف في الحدائق العمومية
بسيدي يحيى الغرب.
ما يجري لم يعد مجرد خرق قانون السير
أو تهور فردي، بل صار إرهابًا حضريًا حقيقيًا، يستوجب تكييف التهم وفقًا للقانون
الجنائي، لا مدونة السير، من يتسبب في مقتل الطفلة أو المواطن عمر لا ينبغي أن
يواجه مخالفة مرورية وسحب دراجة، بل عليه أن يحاسب بجريمة تهديد السلم العام،
والتسبب في القتل غير العمد، وتعريض حياة المواطنين للخطر، وهي تهم ثقيلة يجب أن
تفضي إلى الاعتقال والمحاسبة الصارمة.
التمادي في المعالجة السطحية للمأساة،
من خلال تحرير مخالفات شكلية، يجعل من رجل الشرطة نفسه أداة مهانة في نظر هؤلاء
المجرمين، الذين يخرجون من المراكز مبتسمين، ليعيدوا الكرّة أمام نفس العناصر
الأمنية، وهذا السلوك إن لم يتم كسره بالحزم المطلوب، فإن المدينة ستتحول إلى ساحة
موت مجانية، يحكمها قانون العجلات وليس القانون الوطني.
حيث يجب معاقبة من يتجولون بالدراجات
النارية وسط الحدائق العمومية بتهم تعريض السلم العام للخطر وتهديد حياة
المواطنين، المخالفة تحرر في الشارع العام، عدم إرتداء قبعة واقية، تجاوز الضوء
الاحمر..، أما وأن وتسير بدراجة نارية بسرعة جنونية في حديقة عمومية تعتبر جناية
وتهديد بالقتل الواضح، وسبق ووقع ضحايا من مثل هذه الممارسات.
آن الأوان لرد الاعتبار للأمن، ليس
فقط بتوفير الموارد البشرية واللوجستية، بل أيضًا عبر إرادة حقيقية لتطبيق
القانون، وتجفيف منابع الفوضى قبل أن تتحول إلى قاعدة، ويصبح الاستثناء هو المواطن
الصالح، الصامت، المذعور، المحكوم عليه بالعيش تحت رحمة دراجات الموت.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك