المغرب يعيد رسم خريطته الدفاعية وتسلح غير مسبوق يضع القوات المسلحة على أعتاب نادي الكبار

المغرب يعيد رسم خريطته الدفاعية وتسلح غير مسبوق يضع القوات المسلحة على أعتاب نادي الكبار
شؤون أمنية وعسكرية / الأحد 08 يونيو 2025 - 19:30 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي

في السنوات القليلة الماضية، عرف المغرب تحوّلاً لافتاً في استراتيجيته العسكرية والدفاعية، تمثل في موجة تسلّح غير مسبوقة شملت مختلف فروع القوات المسلحة الملكية.

فبميزانيات متزايدة وصفقات متعددة الجنسيات، أصبح الجيش المغربي يبني ترسانة حديثة تشمل طائرات حربية متطورة، فرقاطات وسفن بحرية هجومية، ومدرعات متقدمة، ما يعكس توجهاً واضحاً نحو تعزيز القدرات الدفاعية والهجومية، وتحقيق توازن استراتيجي في المنطقة.

تنويع الشركاء: من واشنطن إلى أنقرة مروراً بباريس وتل أبيب

اللافت في سياسة التسلّح المغربية هو تنويع الشركاء الدوليين. فقد وقّع المغرب صفقات ضخمة مع الولايات المتحدة الأميركية، من بينها اقتناء مقاتلات F-16 Viper من الجيل الجديد، بالإضافة إلى تحديث الأسطول الحالي من نفس الطراز، ما يمنح سلاح الجو المغربي قدرة عالية على المناورة والضربات الدقيقة.

كما عقد اتفاقات مع فرنسا لاقتناء فرقاطات FREMM البحرية متعددة المهام، ومع إسرائيل للحصول على تكنولوجيا متطورة في الطائرات المسيّرة وأنظمة الدفاع الجوي، ومع تركيا لشراء طائرات بيرقدار TB2 الهجومية، التي أثبتت نجاعتها في عدة ساحات قتال.

وعزز المغرب كذلك علاقاته العسكرية مع الصين والهند وكوريا الجنوبية، في سعي واضح لتنويع مصادر التسلح، وعدم الارتهان إلى طرف واحد، وهو ما يمنحه مرونة استراتيجية في بيئة إقليمية مضطربة.

تعزيز سلاح الجو: تحليق في فضاء التفوق

ركّز المغرب خلال العقد الأخير على تحديث سلاحه الجوي، إذ اقتنى طائرات مقاتلة F-16 Viper الحديثة، وطور أسطوله بتركيبة تكنولوجية متكاملة تشمل أنظمة الرصد الإلكتروني، والقصف الذكي، والتشويش على الرادارات المعادية. كما عمل على إدخال طائرات تدريب قتالي مثل T-6 Texan II وAlpha Jet، وهي عناصر أساسية في تكوين الطيارين على سيناريوهات القتال الحديثة.

إلى جانب ذلك، اعتمد المغرب على الطائرات بدون طيار بشكل كبير، خاصة بعد نجاح العمليات الميدانية للطائرات التركية بيرقدار والطائرات الإسرائيلية Harop، وهو ما يمنحه تفوقاً في المراقبة والاستهداف بدون تدخل بشري مباشر.

الأسطول البحري المغربي: العين على المحيط

في ظل التوترات الإقليمية وتعدد التهديدات المرتبطة بالهجرة غير الشرعية، والإرهاب، والقرصنة، شدّد المغرب على تحديث أسطوله البحري، بإدخال فرقاطات FREMM الفرنسية، وكورفيتات SIGMA الهولندية، بالإضافة إلى وحدات بحرية سريعة لمهام الدوريات ومراقبة السواحل.

ويتجه المغرب حالياً للتفاوض من أجل الحصول على غواصات هجومية متطورة، وهو ما سيكون بمثابة نقلة نوعية في القدرات الدفاعية البحرية للمملكة، ويعزز وجودها في المياه الأطلسية والمتوسطية.

القوات البرية: مدرعات من الجيل الجديد وتحديث للبنية التكتيكية

لم تغفل استراتيجية التسلح المغربية القوات البرية، حيث تم اقتناء عدد مهم من المدرعات المتطورة من نوع Abrams M1A1 الأميركية، بالإضافة إلى المدرعات التركية BMC Kirpi، ومدافع متطورة بعيدة المدى من طراز Caesar الفرنسية.

وعلى مستوى المشاة، شرع المغرب في تطوير فرق خاصة (كوماندوز) بمعدات وتجهيزات حديثة، مع التركيز على التدريبات المشتركة مع دول مثل الولايات المتحدة، فرنسا، وبريطانيا، ما يمنح عناصر الجيش المغربي خبرة ميدانية عالية في مواجهة مختلف التحديات الأمنية.

صناعة دفاعية مغربية في طور النشأة

لا تقتصر استراتيجية المغرب على الاستيراد فقط، بل تسعى الرباط إلى بناء قاعدة صناعة دفاعية وطنية، بشراكات متعددة مع شركات دولية، أبرزها الاتفاق الأخير مع BAE Systems البريطانية ورافاييل الإسرائيلية. وتهدف هذه الاتفاقيات إلى نقل التكنولوجيا العسكرية وتكوين مهندسين وتقنيين مغاربة، ما سيتيح للمملكة مستقبلاً تصنيع بعض أسلحتها محلياً وتصديرها إقليمياً.

قراءة في الخلفيات: هل يستعد المغرب لما هو أكبر؟

يرى عدد من المحللين أن هذا التسلح المكثف يعكس قناعة مغربية بأن الاستقرار السياسي والدبلوماسي يجب أن يُحمى بمنطق القوة، خصوصاً في محيط إقليمي يزداد اضطراباً. كما أن التوتر مع الجزائر، وتزايد التحديات في منطقة الساحل والصحراء، وتصاعد تهديدات الأمن السيبراني، كلها عوامل دفعت الرباط إلى نهج مقاربة أمنية متعددة الأبعاد.

 المغرب في طريقه ليكون قوة إقليمية صاعدة

المغرب لا يشتري فقط السلاح، بل يعيد صياغة عقيدته العسكرية، ويعزز مكانته في الساحة الجيوسياسية الدولية. فموجة التسلح الحالية ليست مجرد سباق عددي، بل استراتيجية مدروسة لتعزيز الردع والدفاع، ولتأمين مصالح البلاد الاقتصادية والسياسية في الداخل والخارج.

مع هذا الزخم غير المسبوق، بات المغرب على أعتاب دخول نادي الدول ذات التأثير العسكري الفعّال في محيطها، وهو ما قد يعيد رسم توازنات القوى في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك