أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي
في تطور لافت يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن، توصلت القوات المسلحة الملكية بدفعة جديدة من المدرعات القتالية المتطورة من طراز M-ATV، التي تُعد من أبرز العربات المدرعة المستخدمة من طرف الجيش الأمريكي في أخطر بؤر التوتر في العالم. توثيقات مصورة جرى تداولها مؤخراً أظهرت لحظة تفريغ هذه العربات المتقدمة في الموانئ المغربية، وهو ما يؤكد وصولها الرسمي ضمن صفقة خاصة تم تفعيلها في إطار برنامج SDAF، أو ما يُعرف بـ"صندوق الاستحواذ الدفاعي الخاص" التابع للبنتاغون.
هذا البرنامج الاستثنائي، الذي تديره وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية (DSCA)، صُمم خصيصاً لتسريع عمليات تسليم الأسلحة إلى الدول الحليفة دون الحاجة للانتظار الطويل المعتاد في مراحل التصنيع والتصدير. وهو ما يعكس، من جهة أخرى، الأهمية البالغة التي توليها واشنطن للمغرب كشريك عسكري رئيسي في شمال إفريقيا، خاصة في ظل تطورات إقليمية حساسة تتعلق بنزاع الصحراء المغربية.
مصادر مطلعة تؤكد أن عدد العربات المُسلّمة للمغرب ليس بالقليل، بل يشمل دفعة كبيرة توحي بإستراتيجية ميدانية متقدمة، استعداداً على ما يبدو لأي طارئ قد تشهده المنطقة العازلة، خصوصاً مع اقتراب موعد جلسة مجلس الأمن الدولي في أكتوبر المقبل، والتي يتوقع متابعون أن تكون حاسمة في مسار النزاع المفتعل بالصحراء.
المدرعات الجديدة تمثل إضافة نوعية لمنظومة الدفاع المغربية، خصوصاً بالنظر إلى السمعة العملياتية التي اكتسبتها عربات M-ATV في الحروب التي خاضها الجيش الأمريكي في أفغانستان والعراق. بفضل تصميمها المعتمد على الهيكل V المقلوب، توفر هذه العربات مستوى غير مسبوق من الحماية ضد الألغام والعبوات الناسفة، مع دروع متعددة الطبقات قادرة على امتصاص الضربات من الرصاص والقذائف الخفيفة.
من الناحية التقنية، تتمتع M-ATV بسرعة تصل إلى 105 كيلومتر في الساعة، وتبلغ قدرتها العملياتية أكثر من 500 كيلومتر دون الحاجة لإعادة التزود بالوقود. وتم تزويدها بأنظمة اتصالات متقدمة تسمح بالتنسيق اللحظي، بالإضافة إلى أنظمة تعليق مستقلة تجعلها قادرة على اجتياز التضاريس الصعبة بكفاءة عالية.
هذا التطور الميداني في الترسانة المغربية يوازيه تطور سياسي في الموقف الأمريكي، حيث يواصل أعضاء نافذون في الكونغرس، وعلى رأسهم النائب الجمهوري جو ويلسون، الدفع نحو تعميق التعاون مع المغرب، سواء من خلال تعزيز الدعم العسكري أو بالدعوة إلى تصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي يهدد الاستقرار في شمال إفريقيا.
في المجمل، تُعد هذه الخطوة بمثابة إعلان غير مباشر عن انتقال المغرب إلى مرحلة جديدة من الجاهزية الدفاعية، وتدل على أن الرباط لم تعد تكتفي بالردود الدبلوماسية، بل بدأت في بناء قوة ردع ميدانية حقيقية تراهن عليها لحسم الملفات العالقة، وعلى رأسها ملف الصحراء المغربية. كما تعزز هذه الصفقة ثقة الحلفاء الغربيين، وخصوصًا الولايات المتحدة، في التوجه المغربي نحو تحديث الجيش الوطني وجعله رقماً صعباً في المعادلات الجيوسياسية الإقليمية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك