طائرة "بوسايدون" ترسم مستقبل الردع البحري المغربي..السماء تُراقب والبحر يُطوّق

طائرة "بوسايدون" ترسم مستقبل الردع البحري المغربي..السماء تُراقب والبحر يُطوّق
شؤون أمنية وعسكرية / السبت 24 مايو 2025 - 16:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي

ننشر تحقيقا شاملا، حول أخطر طائرة دورية بحرية في العالم وتجربتها القتالية أمام سواحل أكادير ضمن مناورات الأسد الإفريقي 2025.

 من قواعد الناتو إلى سواحل المغرب: بوسايدون تدخل المشهد من جديد

في إطار مناورات الأسد الإفريقي 2025، نفذت طائرة الدوريات البحرية الأمريكية المتطورة P-8A بوسايدون مهمة استطلاعية قتالية قبالة السواحل المغربية، لتُشكل بذلك واحدة من أبرز اللحظات التكتيكية في هذا التمرين العسكري الضخم.

انطلقت الطائرة من قاعدة “روتا” الجوية التابعة لحلف شمال الأطلسي بإسبانيا، وتوجهت مباشرة نحو السواحل المقابلة لمدينة أكادير، حيث جرت تدريبات بحرية معقدة بمشاركة الفرقاطة المغربية “محمد السادس” وعدد من القطع البحرية للبحرية الملكية المغربية.

هذه العملية ليست مجرد تمرين عادي؛ بل تشكل محكًّا فعليًا لتجربة واحدة من أخطر الطائرات القتالية البحرية في العالم في بيئة متوسطية أطلسية حساسة، ولعل اختيار المغرب لتجريبها الميداني لا يخلو من دلالات استراتيجية عميقة.

لماذا يهتم المغرب بطائرة بوسايدون؟

لا يخفى أن القوات المسلحة الملكية المغربية تتبنى منذ سنوات استراتيجية ذكية في اقتناء أنظمة السلاح المتطورة، حيث تحرص على اختبار كل منظومة ميدانيًا قبل توقيع أي عقد.

والطائرة بوسايدون ليست استثناءً، بل على العكس، أصبحت حاضرة بانتظام في مناورات الأسد الإفريقي، وهو ما يعكس اهتمام المغرب الحقيقي بها.

منذ ثلاث سنوات، أطلقت الرباط مناقصة دولية لاقتناء طائرات دورية بحرية مسلحة، ومن بين المتنافسين:

Airbus C-295MPA

Leonardo ATR 72MP

Boeing P-8A Poseidon

لكن الاستمرار المتكرر لطائرة بوسايدون في الأجواء المغربية يزيد من احتمالات تفوقها على منافسيها، خاصة مع سجلها القتالي المثير وقدراتها الخارقة.

 بوسايدون: عين لا تنام في عرض البحر

تُوصف طائرة P-8A بوسايدون بأنها سلاح استراتيجي في ترسانة البحرية الأمريكية، وتستخدم أساساً في:

اصطياد الغواصات

استهداف السفن المعادية

الاستطلاع والإنذار المبكر

البحث والإنقاذ

الضربات الدقيقة ضد أهداف برية أو بحرية

إنها ليست مجرد طائرة مراقبة، بل وحدة قتالية جوية بحرية متكاملة. تحمل ترسانة مدمّرة تشمل:

صواريخ هاربون المضادة للسفن

طوربيدات MK-54

قنابل ذكية وغير موجهة

القدرة على ضرب أهداف تبعد أكثر من 240 كلم

 قمة التكنولوجيا القتالية في سماء المغرب

على المستوى التقني، تحتوي الطائرة على تجهيزات عالية الدقة تجعلها أشبه بمحطة استخباراتية جوية، منها:

رادار AN/APY-10 لكشف الأهداف من مسافات تصل إلى 340 كلم

أنظمة كشف الغواصات بالحساسات المغناطيسية

أنظمة حرب إلكترونية وتشويش راداري متقدم

كاميرات كهروبصرية وحرارية بدقة عالية

طاقم من 10 أفراد يدير عمليات معقدة باستقلالية تامة

هذه التجهيزات تمكّنها من مراقبة المجال البحري المغربي بشكل شامل، والتعامل مع أي تهديد قبل أن يصل حتى حدود المياه الإقليمية.

 المغرب وطموح السيطرة على "العمق البحري"

يمتلك المغرب واحداً من أهم المواقع الجيوستراتيجية في شمال إفريقيا، ويشرف على شواطئ تمتد على أزيد من 3500 كيلومتر على المحيط الأطلسي والبحر المتوسط. هذا الامتداد يفرض ضرورة امتلاك منظومات بحرية جوية حديثة للمراقبة، الردع، والاستجابة السريعة.

وإذا تم التعاقد فعلاً على اقتناء بوسايدون، فإن البحرية الملكية ستدخل عهدًا جديدًا من القدرة العملياتية. إذ لن تكتفي برصد التحركات فوق الماء، بل ستتحكم في العمق البحري تحت السطح، وعلى مدى مئات الكيلومترات.

 في قلب الصفقة: لماذا ترجّح كفة بوسايدون؟

رغم المنافسة القوية من الطائرتين الأوروبية والإيطالية، فإن عدة مؤشرات تميل لصالح Boeing P-8A، أبرزها:

تجربتها الميدانية الناجحة في عدة مسارح عملياتية (المحيط الهادئ، الخليج، المتوسط...)

تناغمها مع أنظمة الناتو، وهو أمر حيوي بالنسبة للمغرب كحليف استراتيجي للغرب

الدعم الأمريكي العسكري القوي والمتزايد للمغرب، والذي شمل مؤخراً صفقات ضخمة للطائرات والدبابات والأسلحة الذكية

 هل اقترب إعلان الصفقة؟

المؤشرات تشير إلى أن المغرب قد يعلن رسمياً عن الصفقة في أفق 2025 أو بداية 2026، وربما تشمل النسخة المسلحة الكاملة من طائرة بوسايدون، مع إمكانية نقل تكنولوجيا الصيانة أو التشغيل الجزئي للمغرب، في إطار الشراكة العسكرية المتنامية مع واشنطن.

إن حدث ذلك، سيكون الحدث الدفاعي الأهم في تاريخ القوات البحرية المغربية، وستمتلك المملكة أداة ردع استراتيجية في المنطقة، ترسّخ هيمنتها على ممرات بحرية تُعد من الأكثر حساسية في العالم.

بوسايدون ليست طائرة فقط بل بوابة لسيادة بحرية مغربية جديدة

ما جرى قبالة سواحل أكادير لم يكن مجرد تمرين عسكري عابر، بل إعلان رمزي عن مرحلة جديدة في فلسفة الدفاع البحري المغربي. فالسيادة لم تعد تقاس بالخرائط فقط، بل بمن يملك العين التي ترى أولاً، واليد التي تضرب بدقة.

وإذا ما انضمت بوسايدون فعلياً إلى صفوف القوات الملكية، فسيكون ذلك تتويجاً لتحول استراتيجي بدأ منذ سنوات وسيغير موازين القوى في شمال إفريقيا والمجال المتوسطي.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك