أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
ما يعيشه المغاربة اليوم لم يعد غلاءً ظرفياً مرتبطاً بالأزمات الدولية، بل تحول إلى واقع بنيوي ناتج عن اختيارات سياسية واقتصادية واضحة.
ففي ظل حكومة عزيز أخنوش، ارتفعت أسعار المواد الأساسية والخدمات الحيوية بشكل صاروخي، بينما ظلت الأجور جامدة والدعم الاجتماعي محدوداً، ما أدى إلى تآكل غير مسبوق في القدرة الشرائية للأسر المغربية.
الاحتكار يتحكم في السوق
السوق المغربية تعاني من هيمنة مجموعات اقتصادية كبرى تتحكم في قطاعات حيوية مثل المحروقات، الغذاء، النقل، والتوزيع.
فغياب المنافسة الحقيقية، وضعف أجهزة المراقبة، حوّل الأسعار إلى أداة ربح فاحش، حيث تُحدد وفق منطق الاحتكار لا منطق العرض والطلب.
والمواطن يدفع الثمن، فيما تتضخم أرباح الشركات الكبرى دون حسيب أو رقيب.
تضارب مصالح على رأس السلطة التنفيذية
الخطير في الوضع الحالي، الذي تعيش في ظله المملكة، هو تداخل السلطة السياسية مع النفوذ الاقتصادي.
فوجود رئيس حكومة قادم من عالم المال والأعمال، ومرتبط بمجموعات اقتصادية كبرى، يطرح أسئلة جوهرية حول تضارب المصالح.
والسياسات الحكومية تبدو منحازة للسوق واللوبيات، بدل حماية المستهلك، ما يجعل الدولة شريكاً غير معلن في تكريس الغلاء بدل كبحه.
الدولة تنسحب والمواطن يُترك وحيداً
بدل التدخل الصارم لضبط الأسعار وحماية القدرة الشرائية، اختارت الحكومة منطق “تحرير السوق” في سياق اجتماعي هش.
هذا الانسحاب العملي للدولة من دورها الاجتماعي فتح الباب أمام المضاربين والوسطاء لنهب جيوب المغاربة، في غياب سياسات دعم فعالة أو تسقيف حقيقي للأسعار.
احتقان اجتماعي واقتصاد على حافة الانفجار
نتيجة هذه السياسات، يتوسع الفقر وتتآكل الطبقة الوسطى، ويتعمق الإحساس بالظلم الاقتصادي.
فالغلاء لم يعد مجرد أزمة معيشية، بل أصبح عاملاً مباشراً في الاحتقان الاجتماعي وفقدان الثقة في المؤسسات.
واستمرار هذا النهج ينذر بعواقب خطيرة، لأن اقتصاداً يقوم على الاحتكار وتضارب المصالح، لا يمكنه ضمان الاستقرار ولا العدالة الاجتماعية.
عموما، ما يحدث اليوم ليس فشلاً عرضياً، بل اختيار سياسي واضح، حيث حماية الأرباح على حساب المواطن.
في حين، تتهم حكومة أخنوش بتحويل الاقتصاد إلى فضاء افتراس مفتوح، حيث يُترك المغاربة في مواجهة الغلاء وحدهم، بينما تُحصَّن المصالح الكبرى.
والسؤال لم يعد لماذا ترتفع الأسعار، بل إلى متى يستمر هذا النموذج دون محاسبة؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك