الأسر المغربية تحت رحمة القروض والمديونية تتضخم وإنذار اجتماعي صامت والدولة في دار غفلون

الأسر المغربية تحت رحمة القروض والمديونية تتضخم وإنذار اجتماعي صامت والدولة في دار غفلون
اقتصاد / الخميس 18 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر

كشفت أحدث معطيات بنك المغرب، عن صورة مقلقة لهشاشة الأسر المغربية، في ظل تصاعد مقلق للديون المتعثرة واتساع دائرة العجز عن السداد، بما يعكس اختلالاً عميقاً في التوازنات الاجتماعية وقدرة الأسر على الصمود أمام كلفة العيش المتزايدة.

وسجلت الديون غير المؤداة ارتفاعاً ملحوظاً بلغ 3,7 في المائة خلال شهر أكتوبر الماضي، لتستقر عند مستوى 8,6 في المائة من إجمالي القروض البنكية، في مؤشر واضح على ضغط مالي خانق يطال فئات واسعة من المجتمع.

كما أظهرت الأرقام الرسمية، أن الأسر ليست بمنأى عن هذا المسار التصاعدي، إذ ارتفعت ديونها المتعثرة بنسبة 3,2 في المائة، لتصل إلى نسبة مقلقة تناهز 10,6 في المائة من مجموع القروض الموجهة إليها، ما يعني أن جزءاً مهماً من الأسر المقترِضة بات عاجزاً عن الوفاء بالتزاماته المالية.

هذا الواقع لا يعكس فقط تعثراً ظرفياً، بل يكشف عن هشاشة بنيوية في القدرة الشرائية، وتآكل مداخيل الأسر تحت وطأة الغلاء، وارتفاع كلفة السكن، والخدمات الأساسية.

ولا يقل المشهد قتامة، عند النظر إلى توسع القروض الممنوحة من خارج المنظومة البنكية التقليدية، حيث شهد التمويل الموجه للقطاع غير المالي من طرف شركات التمويل وجمعيات القروض الصغرى نمواً لافتاً تجاوز 12 في المائة خلال فترة قصيرة.

هذا التوسع، وإن بدا في ظاهره مؤشراً على دينامية التمويل، يخفي في عمقه لجوء الأسر، خصوصاً الهشة منها، إلى حلول مكلفة لسد حاجيات أساسية، غالباً بشروط فائدة أثقل ومخاطر اجتماعية أعلى.

وتعكس هذه المعطيات، انتقال شريحة متزايدة من الأسر من الاقتراض الاستثماري إلى الاقتراض الاضطراري، حيث لم يعد الدين وسيلة لتحسين شروط العيش، بل أداة لتأجيل الانهيار المالي.

ومع تزايد الاعتماد على القروض الصغرى وشركات التمويل، تتعمق دائرة الهشاشة، وتزداد قابلية الأسر للسقوط في دوامة التعثر المزمن.

في المقابل، تكشف تطورات التوظيفات المالية عن مفارقة صارخة، إذ يستمر نمو الاستثمارات المالية بوتيرة مستقرة، ما يعكس وجود فوائض مالية لدى فئات محدودة، في وقت تتوسع فيه قاعدة الأسر الغارقة في المديونية.

هذا التباين، يسلط الضوء على اتساع الفجوة الاجتماعية، ويطرح أسئلة حادة حول عدالة توزيع الثروة ونجاعة السياسات العمومية، في حماية الفئات الأكثر عرضة للضغط الاقتصادي.

إن تصاعد مديونية الأسر، كما تعكسه أرقام بنك المغرب، لم يعد مجرد مؤشر مالي تقني، بل تحول إلى إنذار اجتماعي صامت، ينذر بتداعيات أعمق على الاستقرار الاجتماعي، إذا استمر تآكل الدخل الحقيقي للأسر في مقابل توسع القروض وارتفاع كلفة العيش.

ويؤكد هذا الواقع، أن هشاشة الأسر المغربية لم تعد حالة استثنائية، بل مكوناً بنيوياً في المشهد الاقتصادي، في غياب سياسات قادرة على كبح الغلاء، وتقوية الحماية الاجتماعية، وإعادة التوازن بين التمويل والنسيج الاجتماعي.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك