العصبة المغربية..تصدر بيان يهز الساحة الحقوقية في اليوم العالمي لحقوق الإنسان

العصبة المغربية..تصدر بيان يهز الساحة الحقوقية في اليوم العالمي لحقوق الإنسان
تقارير / الخميس 11 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا

أصدرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بيانًا مطولًا بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان توصلت أنتلجنسيا المغرب بنسخة منه، وجاء في مستهله التأكيد على أن هذا اليوم يحلّ في سياق دولي وإقليمي بالغ التعقيد، حيث تتقاطع النزاعات والأزمات والانتهاكات في مشهد يهدد كرامة الإنسان في مختلف بقاع العالم.
وفي مقدمة البيان، ذكّرت العصبة بأن شعار الأمم المتحدة لسنة 2025 «حقوق الإنسان ركيزة كرامتنا في الحياة اليومية» يعكس جوهر الفكرة الحقوقية التي تتجاوز النصوص والقوانين لتلامس تفاصيل العيش اليومي، مشيرة إلى أن ما يجري في غزة يمثّل الجرح الأكبر في الضمير العالمي، وسط دمار واسع وانتهاكات صارخة للقانون الدولي.
كما شدّد البيان على أن موجة التراجع الحقوقي لا تتوقف عند حدود فلسطين، بل تمتد إلى مناطق عديدة تشهد حروبًا وقيودًا متزايدة على الحريات وصعودًا للسلطويات، معتبرًا أن هذه التطورات تجعل من مطلب حماية الحقوق وترسيخ الكرامة الإنسانية ضرورة ملحّة تتطلب التزامًا دوليًا حقيقيًا ومسؤولية مشتركة بين الدول والمجتمعات.

نــص البيــان كامــــلا:

بيان العصبة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان

تُحيي العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان اليوم العالمي لحقوق الإنسان في سياق دولي وإقليمي بالغ التعقيد، وفي لحظة تتداخل فيها الأزمات والنزاعات والاختلالات البنيوية التي تمسّ كرامة الإنسان في كل مكان.

ويأتي هذا الاحتفاء هذه السنة تحت شعار الأمم المتحدة لسنة 2025: «حقوق الإنسان: ركيزة كرامتنا في الحياة اليومية»، وهو شعار يذكّر بأن القيم الحقوقية ليست مجرّد مبادئ دستورية أو نصوص قانونية، بل هي جزء من تفاصيل العيش اليومي، ومعيار لمدى احترام الدول لإنسانية مواطنيها دون تمييز أو انتقائية.

على المستوى الدولي:

وفي قلب السياق الدولي الراهن، يبرز الوضع في غزة باعتباره الجرح الأكثر نزفاً في الضمير الإنساني العالمي، فما شهده الشعب الفلسطيني من دمار غير مسبوق، وقتل واسع النطاق، واستهداف للمدنيين والمنشآت الصحية والتعليمية، شكل ومازال يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان؛ فالأحداث المتواصلة في غزة تكشف عجز المجتمع الدولي عن فرض الالتزام بالشرعية الدولية، وتفضح ازدواجية المعايير التي تتعامل بها القوى الكبرى مع قضايا العدالة والحق في الحياة، وتؤكد الحاجة إلى نظام عالمي أكثر عدلاً يقف على مسافة واحدة من جميع الشعوب.

كما يظهر هذا الوضع أن حقوق الإنسان لا يمكن أن تكون قضية نسبية أو خاضعة لحسابات سياسية، فهي مسؤولية جماعية تستوجب محاسبة كل من يتورط في الانتهاكات، وضمان الحماية الفورية للمدنيين، ووقف العدوان، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف.

ولا يقتصر التدهور الدولي على غزة وحدها، بل يمتد إلى مناطق متعددة تشهد حروباً، وانهيارات اجتماعية، وتراجعاً في الحريات العامة، مع صعود أنظمة سلطوية وتنامي الشعبويات والأنظمة المانعة لحقوق المهاجرين واللاجئين، حيث ان هذا المناخ الدولي المتوتر يعكس انكماشاً مقلقاً في الالتزام العالمي بقيم المواطنة والعدالة، ويجعل شعار هذه السنة «حقوق الإنسان: ركيزة كرامتنا في الحياة اليومية» أكثر إلحاحاً؛ ذلك أن الحياة اليومية لملايين البشر باتت محكومة بالخوف والحرمان والنزوح، وسط انسحاب تدريجي لمنظومة الحماية الدولية التي كان يفترض أن تضمن الحق في الأمن والعيش الكريم وحرية التعبير والحماية من العنف والاستغلال.

ويضع هذا الواقع الدول أمام مسؤولية مضاعفة لتجديد التزامها بنظام عالمي قائم على سيادة القانون، وعلى المساواة الفعلية بين كل البشر في الحقوق والكرامة.

على المستوى الوطني:

تشدد العصبة على أن اليوم العالمي لحقوق الإنسان هو مناسبة لمساءلة السياسات العمومية ومراجعة التوجهات التي تحدّ من الحقوق والحريات، فالمكتسبات التي تحققت خلال العقود الماضية لا يمكن أن تُخفي حجم التراجع المسجَّل في عدد من المجالات، حيث ان مساحة التعبير الحر تتقلص، والصحافة المستقلة تواجه ضغوطاً متزايدة، والمتابعات والملاحقات القضائية ذات الصلة بالرأي والنشر ما تزال تُستخدم بطريقة تُفرغ النص الدستوري من مضمونه، وتجعل ممارسة حرية التعبير محفوفة بالمخاطر، وهو استنتاج تأكد بكل أسف خلال الاحتجاجات الأخيرة لشباب جيل Z، وظهرت ملامحه بوضوح مع توالي الشكايات والمتابعات التي بات يصر على تقديمها في عدد من الأقليم والمدن والجماعات رجال ونساء السلطة الترابية ضد النشطاء والمدونين والصحافيين في الأقاليم التي يسهرون على تدبير شنها .

ان استمرار الاعتقال والمتابعة في سياقات مرتبطة بالاحتجاجات الاجتماعية يُظهر خللاً واضحاً في فهم وظيفة القانون، الذي يُفترض أن يكون أداة لحماية الحقوق لا وسيلة للحد منها.

كما تستغرب العصبة للتأخر الحاصل على مستوى تفعيل التوصيات المتعلقة بالعدالة الانتقالية وتنزيل مبادئ عدم التكرار، إلى جانب غياب إرادة سياسية واضحة لإحياء مسار المصالحة الشاملة؛ كما يظل الحق في الوصول إلى المعلومة محاطاً بعراقيل متعددة تضعف الشفافية والمساءلة، وتساهم في خلق بيئة عمومية يهيمن عليها الغموض والتضليل، وتحد من قدرة المجتمع على مراقبة السياسات العمومية بشكل فعال.

 

ان من بين اكثر الخروقات غرابة تلك التي تقوم بها السلطات التابعة لسلطة وزارة الداخلية والتي تضرب في العمق حقا أصيلا يتجلى في الحق في التنظيم، حيث صار الأصل في علاقة الإدارة بالجمعيات هو الامتناع عن منحها وصولات الإيداع في تعارض واضح مع الدستور والمواثيق الدولية، وباتت الجمعيات تعاني جراء هذا التضييق غير المسبوق الذي يضر بصورة المغرب ويجعل المواطن يقف على جغرافية انطباع يسيطر عليه الإحساس بالتفاعل داخل بيئة خانقة.

ان هذ المناسبة، هي فرصة للتأكيد على أن الوضع السجني، يعد واحداً من الملفات التي تختبر بعمق مدى احترام الدولة لالتزاماتها الحقوقية، خاصة في ما يتعلق بالاعتقال الاحتياطي وظروف الإيواء والمعاملة الإنسانية. فارتفاع نسب الاكتظاظ يضغط على قدرة المؤسسات السجنية وعلى توفير حدّ أدنى من الكرامة، سواء في المساحة المخصصة للنزلاء أو إمكانيات الرعاية الصحية أو فرص الأنشطة التأهيلية. كما أن الاعتماد المفرط على الاعتقال الاحتياطي يخلق وضعاً غير متوازن يمسّ قرينة البراءة ويزيد من أعباء المؤسسات. ورغم الجهود المبذولة لتحديث البنيات وإدماج مقاربات جديدة في التكوين وإعادة الإدماج، فإن الواقع يكشف تحديات مستمرة تتطلب إصلاحاً بنيوياً، خصوصاً في مجالات الصحة النفسية، وتوفير الأطر الطبية، وتطوير آليات المراقبة المستقلة.

وفي الجانب الاجتماعي، يعاني المواطنون من تراجع القدرة الشرائية، وضعف جودة المرافق الأساسية، وتفاقم الفوارق المجالية، وارتفاع معدلات الهشاشة والفقر.

إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية هي جزء أصيل من كرامة الإنسان، وان أي إخلال بها يفسح المجال لعدم الاستقرار ويقوّض الثقة بين الدولة والمجتمع، فوضعية النساء والفئات الهشة ــ ومنهم الأشخاص في وضعية إعاقة، والأطفال، والمهاجرون واللاجئون ــ هي بالضرورة مؤشر حساس لمدى احترام الدولة لالتزاماتها الحقوقية. فالعنف المبني على النوع يشكل إحدى أكثر الظواهر المنتشرة، ويصاحبه ضعف مستويات الحماية، وقصور في آليات التبليغ والدعم القانوني والنفسي. كما أن الأشخاص في وضعية إعاقة ما يزالون يواجهون عقبات هيكلية في الولوجيات والخدمات الأساسية وفرص التشغيل. أما المهاجرون واللاجئون، بمن فيهم القادمون من دول جنوب الصحراء، فيعانون من هشاشة مزدوجة بين الحاجة الإنسانية والإجراءات الإدارية.

لقد بات من الضروري اليوم الاهتمام اكثر بالحق في العمل اللائق الذي يعد أحد أعمدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فسوق الشغل المغربي ما يزال يواجه اختلالات تضعف من قدرة العاملين على التمتع بهذا الحق بشكل فعلي. ثم ان الهشاشة المهنية، واتساع رقعة القطاع غير المهيكل، وضعف شروط السلامة داخل عدد من أماكن العمل، وعدم استقرار الدخل، كلها عناصر تجعل الفئات الشغيلة في وضع هشّ رغم الإصلاحات القانونية وبرامج الحماية الاجتماعية. كما أن ضعف آليات المراقبة وتفاوت القدرة التفاوضية بين العمال والمشغلين يحدّ من فعالية النصوص القانونية الموجودة. ولذلك تبرز الحاجة إلى مقاربة شاملة ترتكز على تعزيز الحماية الاجتماعية، وتحسين الجودة التشريعية، وتمكين النقابات والمجتمع المدني من آليات فعالة للدفاع عن حقوق العمال وضمان الاستقرار المهني والكرامة الاقتصادية.

ويتعاظم القلق من توسع ظاهرة العنف الرقمي بما يشمله من ابتزاز وتشهير واختراق للمعطيات الشخصية، ومن استخدام الوسائط الحديثة في التضييق على المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والصحافيين. هذا التمدد الرقمي غير المنظم يشكل تهديداً مباشراً للكرامة الإنسانية، ويفتح الباب أمام انتهاكات جديدة تتطلب استجابة تشريعية وقضائية فورية وفعالة.

ان الحق في بيئة سليمة هو حق من الحقوق البنيوية في منظومة حقوق الإنسان، نظراً لارتباطه المباشر بالحياة والصحة والأمن الإنساني. فالتغيرات المناخية المتسارعة، وموجات الحر والجفاف، وتدهور جودة المياه والهواء، تكشف أن الخطر لم يعد نظرياً بل يمسّ يومياً حياة المواطنين، خصوصاً الفئات الهشة التي تتحمل العبء الأكبر. ورغم التنصيص الدستوري على هذا الحق واعتماد المغرب لعدد من الاستراتيجيات الخضراء، إلا أن الفجوة بين الالتزامات والخطط من جهة، والقدرة الفعلية على الحد من التلوث والتدهور البيئي من جهة أخرى، ما تزال حاضرة. وهذا يطرح ضرورة تعزيز الرقابة البيئية، وربط السياسات العمومية بمقاربة حقوقية تجعل البيئة حقاً مضموناً وليس مجرد طموح.

إن العصبة، وهي تتابع هذا الوضع الوطني المتأثر أيضاً بالسياق الدولي المتوتر، تؤكد أن الطريق نحو مجتمع حر وديمقراطي يمر عبر حماية الحريات الفردية والجماعية، وضمان حرية الإعلام، واحترام الحق في التنظيم والتظاهر السلمي، وتوسيع الفضاء المدني، والتخلي عن المقاربات الأمنية في التعامل مع المطلب الاجتماعي. وتعتبر العصبة أن الإصلاح الحقيقي يقتضي إرساء قطيعة مع كل أشكال التضييق، والاعتراف بأن كرامة المواطن ليست منّة بل حق أصيل لا يقبل التفاوض أو الانتقاص.

ان اليوم العالمي لحقوق الانسان هو مناسبة،تحيي فيه العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان كافة المناضلين والمناضلات داخل العصبة وفي الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية، تجدد من خلاله التزامها بالدفاع عن الحقوق والحريات بلا تردد، والانخراط في كل المبادرات الرامية إلى بناء مجتمع يحترم كرامة كل فرد، ويجعل من حقوق الإنسان أساساً للحياة اليومية، كما جاء في شعار الأمم المتحدة لهذه السنة.

وتدعو ، العصبة بهذه المناسبة لمناسبة إلى إعادة الثقة في المؤسسات، وتعزيز سيادة القانون، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وإرساء آليات مستقلة للحماية، بما يضمن للمواطن المغربي مكانة تليق بكرامته داخل وطنه، كما تطالب ب:

* الانخراط في جهود المجتمع الدولي لوقف الانتهاكات في غزة والدفاع عن الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، ومناهضة كل أشكال ازدواجية المعايير.

* الإفراج الفوري عن كافة المعتقلين المرتبطين بحرية التعبير والرأي والاحتجاج السلمي، خاصة معتقلي حراك الريف والمعتقلين على خلفية المشاركة في الاحتجاجات السلمية لشباب جيل Z، ووقف المتابعات التي تستهدف الصحافيين والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان.

* مراجعة الترسانة القانونية المتعلقة بالحريات العامة، خاصة القانون الجنائي، وقوانين الصحافة والنشر، وحرية التجمع والتظاهر وحرية الجمعيات، مع ملاءمتها الكاملة مع المعايير الدولية.

* إعادة إحياء مسار العدالة الانتقالية وتفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وضمان عدم التكرار عبر إصلاحات مؤسساتية واضحة.

* وضع سياسات عمومية تُقلّص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وتحسين جودة الخدمات الأساسية وخاصة الصحة والتعليم، وتعزيز الحماية الاجتماعية.

* إطلاق استراتيجية وطنية فعالة لمكافحة العنف الرقمي والعنف المبني على النوع، وتوفير آليات حماية قانونية ونفسية للضحايا.

* تعزيز استقلالية القضاء وضمان المحاكمة العادلة، وتوفير شروط الولوج الشفاف إلى المعلومة.

* احترام حقوق المهاجرين واللاجئين وضمان حمايتهم القانونية والإنسانية، وفق الالتزامات الدولية للمغرب.

* دعم الصحافة المستقلة وضمان الحق في الوصول إلى المعلومة، وإلغاء جميع القيود غير المشروعة المفروضة على الفضاء العمومي والرقمي.

* تبني مقاربة حقوقية في صياغة السياسات العمومية تجعل من حقوق الإنسان فعلاً ركيزة للكرامة في الحياة اليومية، كما يؤكد شعار الأمم المتحدة لسنة 2025.

 

الرباط في: 10/12/2025

عن المكتب المركزي

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك