مذكرة الحزب الاشتراكي الموحد حول الإطار القانوني للانتخابات التشريعية (مدخل)

مذكرة الحزب الاشتراكي الموحد  حول الإطار القانوني للانتخابات التشريعية (مدخل)
تقارير / الثلاثاء 02 سبتمبر 2025 - 22:19 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد الشباب المجيد

عن : المكتب التنفيذي

مذكرة الحزب الاشتراكي الموحد

حول الإطار القانوني للانتخابات التشريعية

"من أجل القضاء على كل أشكال الفساد الانتخابي واحترام الإرادة الشعبية"

مدخل

يعتبر الحزب الاشتراكي الموحد – كونه حزباً وطنيا ذا مرجعية ديمقراطية وتقدمية - أن تحقيق السيادة الشعبية هو الهدف الأسمى لمشروعه المجتمعي. إن السيادة الشعبية ليست مفهوماً نظرياً جامداً، بل هي ممارسة عملية تتجسد في قدرة الشعب على اتخاذ القرارات المصيرية بنفسه أو عبر ممثلين ينتخبهم بكل حرية وديمقراطية، ليكونوا صوتاً حقيقياً لإرادته. ويتمثل هذا الطموح في الانتقال إلى نظام الملكية البرلمانية، الذي يربط القرار السياسي بصناديق الاقتراع، ويجعل جميع المسؤولين في جميع المؤسسات العمومية خاضعين لسلطة الحكومة وللمحاسبة من مؤسسة تشريعية منتخبة بكل ديمقراطية وحرية، تعبر عن إرادة المجتمع وتمكن من انخراط أكبر للرأي العام لمتابعة الشأن العام والانخراط الفعلي للمواطنات والمواطنين فيه.

إننا حين نسعى إلى دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع فإننا نؤمن بأن الديمقراطية ليست مجرد شعار يُرفع، بل هي منظومة قيم وممارسات تتطلب آليات متجددة وفعالة لضمان مشاركة المواطنات والمواطنين وتمثيل إرادتهم الحقيقية... في مشهد سياسي تبرز فيه اليوم إشكالية محورية تتمثل في تزايد الشعور بفجوة عميقة بين المواطنين والمؤسسات، وتآكل الثقة في العملية السياسية ككل، وهو ما تُظهره بوضوح نسب المشاركة المتدنية في الانتخابات، خصوصا في المدن.  ونرى أن هذه الأزمة ليست عابرة، بل هي نتاج تراكمي لعوامل متعددة، في مقدمتها الفساد وتزوير الانتخابات ، بالإضافة إلى الإحساس المتنامي بأن البرلمان لا يمثل حقيقة صوت الشعب، و أن الحكومات المتعاقبة لا تلبي احتياجات المواطنات والمواطنين، وأن معظم السياسات العمومية لا تستجيب لتطلعاتهم المشروعة.

من هذا الإطار نعتبر أن الانتخابات ليست مجرد آلية دورية لاختيار الممثلين وتقاسم المناصب والامتيازات، بل هي التجسيد الأسمى للسيادة الشعبية. التي يسعى الحزب الاشتراكي الموحد لتحقيقها؛ إنها الأداة التي تخوّل للشعب التعبير بحرية عن إرادته واختياراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الكبرى.

إن حزبنا يعتبر العملية الانتخابية المنتظمة والديمقراطية إحدى الركائز الأساسية لبناء مجتمع ديمقراطي، عادل ومستقر بأفق إشتراكي ، وإحدى أبرز رافعات تحقيق مشروعه المجتمعي. فأمام ما يواجهه المغرب والمنطقة من تحديات داخلية وخارجية متزايدة، لن يكون هناك تجاوز للأزمة المركبة والمستمرة إلا بضمان مشاركة أغلبية المواطنات والمواطنين في صنع القرار السياسي واختيار من يمثلهم في مؤسسات الحكم، وطنيا وجهويا ومحليا. هذه المشاركة الديمقراطية تعد الضمانة الوحيدة لتعزيز شعور المواطنين بالانتماء والمسؤولية، لتجاوز آثار النظام الرأسمالي ونهجه "الاستهلاكي" المدمر والذي ينتج عنه زرع الفردانية وتفكيك المجتمعات لتسهيل السيطرة عليها وتنميطها وتطويعها.

كما تُسهم العملية الانتخابية النزيهة في توفير بيئة سياسية شفافة، وتمكن المواطنات والمواطنين من مراقبة أداء حكوماتهم ومختلف مؤسساتهم المنتخبة ومساءلتها ومحاسبتها. وهو ما يساهم في تعزيز الثقة بين الدولة والمواطنات والمواطنين، ويقلل من الفساد وسوء الإدارة، مما ينعكس إيجاباً على جودة الخدمات العامة المقدمة للمواطنات  والمواطنين بصفة خاصة و على جودة الحياة بصفة عامة، فالواقع يقول بأن معظم الدول المتواجدة في أعلى قوائم مؤشرات جودة الحياة و مستويات العيش هي نفسها المتواجدة في أعلى قوائم مؤشرات الديمقراطية والحرية والاستقرار.

ومن هذا المنطلق، وأمام ما يواجهه المغرب من تحديات خارجية وداخلية، سياسيا واقتصاديا وديمغرافيا واجتماعيا، فإن نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها لم تعد مطلباً إجرائياً فحسب، بل هي الشرط الأساس لإعادة بناء العقد الاجتماعي القائم على الثقة بين المواطنين والدولة.

و بمناسبة ما ستشهد بلادنا في غضون السنة المقبلة من تنظيم انتخابات تشريعية عبر اقتراع عام مباشر لاختيار ممثلي الأمة في مجلس النواب، فإن أهمية هاته المحطة من الناحية السياسية تجعلنا نؤكد على ضرورة الإسراع بالقيام بإصلاح شامل لكل المنظومة التشريعية والقانونية  والتنظيمية المرتبطة بالعملية الانتخابية بالنظر للتحديات التي تنتظر بلدنا على مختلف المستويات السياسية، الاقتصادية و الاجتماعية، فالمغاربة يتطلعون للتغيير السياسي العميق و تجديد النخب السياسية والبرلمانية، خاصة بعد المتابعات الجنائية لعشرات البرلمانيين الحاليين، وهو الأمر الذي يوضح أن الميوعة السياسية و الفساد وصلا إلى حد العبث للوصول إلى المجالس المنتخبة وإلى مؤسسة دستورية تحظى بالأهمية القصوى في مختلف الديمقراطيات العالمية.

إننا كوطنيين غيورين على مؤسساتنا الدستورية و على صورة بلادنا و مكانتها بين الأمم، و إيمانا من مناضلات و مناضلي الحزب الاشتراكي الموحد بضرورة تطوير الممارسة الديمقراطية في بلادنا لنندرج ضمن مصاف الدول الديمقراطية وفق معاييرها الكونية، وانطلاقا من هوية الحزب وسعيه الدائم إلى دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع، ومحاربة منظومة الفساد المركب، وتكريس السيادة الشعبية من خلال إقامة مؤسسات منتخبة ذات مصداقية تعكس الخريطة السياسية الحقيقية والفاعلة باستمرار في المجتمع المغربي، وتخدم دوما وبإخلاص المصلحة العليا للوطن ومصالح الشعب؛ يؤكد الحزب أن التغيير الديمقراطي الحقيقي الذي تحتاجه بلادنا لا يمكن أن يتحقق إلا عبر إصلاح سياسي ودستوري عميق يفضي إلى دستور ديمقراطي يقر بملكية برلمانية حقيقية، ويثبت مبدأ سيادة الشعب، سواء عبر ممارستها المباشرة بالاستفتاءات، أو من خلال المؤسسات المنتخبة انتخابا حرا ونزيها.

ويرى الحزب الاشتراكي الموحد بأن إصلاح القوانين الانتخابية لا يمكن فصله عن الإصلاح الشمولي للنظام السياسي المغربي بمختلف مؤسساته التمثيلية والتنفيذية، الوطنية والجهوية والمحلية، وقوانين الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، والصحافة والإعلام، وذلك من خلال اتخاذ خطوة شجاعة وجريئة لتحقيق إصلاح نسقي ذي مدخلين دستوري وسياسي، يؤديان إلى إقامة الملكية البرلمانية وفصل حقيقي للسلط. كما يعتبر أن أي إصلاح لا يتصف بهذه الشمولية والنسقية التي تفتح أفق التعاقد السياسي التاريخي المطلوب بين الدولة والمجتمع، سيبقى مجرد إصلاح جزئي وتقني في أحسن الأحوال.

وفي هذا الإطار يؤكد الحزب أن إنجاح مختلف الاستحقاقات –برهاناتها الكبرى- لا ينفصل عن الحاجة الملحة للوطن اليوم لإحداث قطائع مع الاختيارات اللاشعبية واللاديمقراطية بغرض التقليص من الفوارق الاجتماعية والمجالية والمناطقية وضمان الكرامة للمواطن المغربي ضمن إصلاح عميق وشامل بأفق ديمقراطي مستقبلي، يتأسس على كافة شروط الديمقراطية الحقيقية، وفي مقدمتها احترام حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة وحمايتهما.. إن حاجة الوطن اليوم لتعاقد مجتمعي واضح ومعلن وشامل أضحت غير قابلة لمزيد من التأجيل، لأن التحديات ما فتئت تتعاظم يوما عن يوم. لهذا فإننا نربط الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة بالإصلاح الدستوري والسياسي العميق والشامل، الذي يوفر الإطار التشريعي والمؤسساتي الذي يسمح بانتخابات شفافة تحقق السيادة الشعبية وتقطع مع الممارسات والتجاوزات السابقة.

وأمام غياب الشروط الكاملة لتحقيق مستقبل ديمقراطي حقيقي، فإن الحزب يطرح بعض المقترحات التي يعتبرها ضرورية حتى يكون الإصلاح الجزئي المنتظر قادرا على ضمان تقدم ملموس في الاستحقاقات المقبلة لسنة 2026، والتي يتطلع الشعب المغربي إلى أن تكون شفافة، حرة ونزيهة، خالية من مظاهر التدخل لصنع الخرائط والفساد بمختلف أنواعه.

ونود أن نذكر في هذا السياق، بإن الحزب حين يقدم تصوره لمنظومة الانتخابات القادمة، يستحضر جملة من الأهداف المركزية، أبرزها: تعزيز الديمقراطية من خلال توسيع قاعدة المشاركة في الحياة السياسية، وترسيخ الثقة في المؤسسات، ومواكبة التطورات السياسية والاجتماعية في المجتمع المغربي، وضمان نزاهة وشفافية العمليات الانتخابية عبر القطع مع الممارسات غير القانونية. كما يشدد على ضرورة ضمان تمثيل أوسع لمختلف فئات المجتمع في المجالس المنتخبة، بدءا بالبرلمان الذي يطالب الحزب بتقوية أدواره حتى يضطلع بوظائفه كاملة في التشريع والمراقبة والمساءلة والمحاسبة.

وعبر هذه الخطوة، يحرص الحزب الاشتراكي الموحد على تجاوز منطق تقديم مذكرة بحلول جزئية وتقنية، ويسعى إلى تقديم مذكرة برؤية متكاملة تنطلق من العمق الوطني لمفهوم السيادة الشعبية، مروراً بالمعايير القانونية والمؤسساتية للانتخابات الشفافة، والقضاء على كل أشكال الفساد الانتخابي، وصولاً إلى مقترحات عملية تهدف إلى استعادة ثقة المواطن... إن هذه الرؤية تستند إلى المبادئ الشاملة للإصلاح الانتخابي بمقاربة تتجاوز مجرد التعديلات القانونية لتشمل الجوانب السياسية والمؤسساتية والتشريعية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك