أنتلجنسيا المغرب:لبنى مطرفي
يتربع المغرب على عرش أكبر مصدّري السردين المعلّب في العالم، بأكثر من 15 ألف طن سنوياً، ما يجعل هذا القطاع واحداً من أبرز روافع الاقتصاد البحري الوطني ومصدراً مهماً للعملة الصعبة.
غير أن هذه المكانة العالمية لا تجد انعكاساً حقيقياً على العاملين داخل القطاع، وخاصة البحّارة ومستخدمي الوحدات الصناعية، الذين يواصلون العمل في ظروف صعبة وبأجور لا توازي حجم الأرباح التي يجنيها كبار الفاعلين.
ورغم السلاسل الطويلة للإنتاج التي تبدأ من الصيد مروراً بالتصنيع وصولاً إلى التصدير، يظل المستفيد الأكبر هم ملاك المراكب البحرية وباطرونا الصيد في أعالي البحار، الذين يراكمون أرباحاً ضخمة بفضل وفرة المادة الأولية وعمليات التوجيه نحو الأسواق الدولية.
في المقابل، يتحدث العاملون عن هشاشة اجتماعية واضحة، غياب للتحفيز، وانعدام للعدالة في توزيع القيمة المضافة التي يخلقها القطاع.
هذا الاختلال يطرح أسئلة عميقة حول النموذج الاقتصادي المعتمد في الثروة البحرية، وحول مدى قدرة السياسات العمومية على حماية اليد العاملة وصون حقوقها، في قطاع يصنفه المغرب “استراتيجياً” لكنه لا يزال، بحسب مراقبين، رهينة منطق الريع البحري وتغوّل اللوبيات المسيطرة على سلاسل الإنتاج والتسويق.
ومع استمرار المغرب في تعزيز موقعه كقوة عالمية في تصدير السردين المعلّب، يزداد الضغط لإعادة النظر في منظومة توزيع الأرباح وضمان استفادة البحّارة والطبقات الشغيلة من الثروة التي يساهمون في إنتاجها يومياً، بدل أن تبقى المحصلة النهائية حكراً على قلّة تتحكم في مفاصل القطاع.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك