ثروة لا تصل إلى الشعب..أين يذهب فوسفاط المغرب ولماذا لا يستفيد المواطن من عائداته الضخمة؟

ثروة لا تصل إلى الشعب..أين يذهب فوسفاط المغرب ولماذا لا يستفيد المواطن من عائداته الضخمة؟
تقارير / الخميس 20 نونبر 2025 / لا توجد تعليقات: تهنئة بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة

أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر

يُعتبر المغرب أول مصدر للفوسفاط في العالم، ويملك أكبر احتياطي عالمي لهذه المادة الحيوية التي تدخل في صناعة الأسمدة والأدوية والمنتجات الكيميائية.

ومع ذلك، يتساءل ملايين المغاربة عن سبب غياب أي أثر مباشر لهذه الثروة على حياتهم اليومية، في ظل استمرار الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، وضعف الخدمات العمومية، وغلاء المعيشة.

في هذا التقرير نحاول تفكيك خيوط السؤال المركزي:أين تذهب مداخيل الفوسفاط المغربي؟ ولماذا لا تُترجم أرباحه إلى رفاه اجتماعي حقيقي في “مملكة محمد السادس”؟

الفوسفاط:العمود الاقتصادي الذي يبقي المغرب واقفاً

يُعد المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) أكبر مؤسسة اقتصادية في المغرب، وإحدى أكبر الشركات الوطنية في إفريقيا.

• يحقق المكتب سنوياً مداخيل بمليارات الدولارات، ويصنف ضمن أقوى الفاعلين الاقتصاديين في العالم.

• يعتمد المغرب في جزء مهم من احتياطاته المالية والعملة الصعبة على صادرات المكتب.

ورغم هذه المعطيات، لا يظهر أثر الثروة الفوسفاطية في رفاهية المواطنين ولا في مؤشرات التنمية البشرية، ما يطرح أسئلة مقلقة حول مسارات صرف العائدات.

أرباح بمليارات الدولارات وواقع اجتماعي هش

خلال السنوات الأخيرة، وصل رقم معاملات المكتب الشريف للفوسفاط إلى مستويات قياسية، مستفيداً من ارتفاع أسعار الأسمدة عالمياً.

لكن في المقابل نلمس:

• نسبة الفقر والهشاشة في المغرب ما تزال مرتفعة.

• الطبقة المتوسطة تتآكل تدريجياً.

• قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والبنيات التحتية تعاني اختلالات مزمنة.

هذا التناقض يطرح سؤالاً مشروعاً: كيف يمكن لبلد يملك ثروة عالمية أن يظل مواطنوه في وضعية اجتماعية صعبة؟

غياب الشفافية وإشكالية الصندوق الأسود للاقتصاد المغربي

أحد أبرز الإشكالات التي يثيرها الخبراء تتعلق بـغياب الوضوح في كيفية تدبير عائدات الفوسفاط:

• المكتب الشريف للفوسفاط مؤسسة عمومية، لكنها تشتغل بقواعد أقرب إلى القطاع الخاص.

• تقاريرها المالية لا تتضمن دائماً تفاصيل دقيقة حول المداخيل وأوجه الصرف.

• جزء مهم من الأرباح يذهب لتمويل مشاريع استراتيجية تابعة للدولة أو استثمارات خارجية، دون نقاش عمومي أو مراقبة برلمانية كافية.

في الوقت نفسه، يرى اقتصاديون أن الدولة تعتمد على أرباح الفوسفاط لامتصاص العجز والإنفاق السيادي، دون أن توجه جزءاً ملموساً منها لسياسات اجتماعية ذات أثر مباشر على المواطنين.

من يستفيد فعلاً؟ الأوليغارشية ودوائر القرار

يذهب كثير من النقاد إلى القول إن ثروة الفوسفاط تُستخدم أساساً للحفاظ على استقرار المنظومة السياسية والاقتصادية، بدل توجيهها لتحسين معيشة المواطنين.

فهناك:

• شركات مقربة من السلطة تستفيد من عقود ضخمة في النقل والخدمات واللوجستيك المتعلقة بالفوسفاط.

• مشاريع مرتبطة بالقطاع تُمنح لنفس الدوائر التي تستفيد من الاستثمار العمومي.

• غياب آليات ربط المسؤولية بالمحاسبة يجعل تدبير هذه الثروة الكبرى يتم في دائرة ضيقة ومغلقة.

وهكذا يظل المواطن المغربي بعيداً عن الاستفادة من أهم مصدر للثروة في بلاده.

الفوسفاط في ظل “النموذج التنموي الجديد”:وعود بلا أثر

قدمت الدولة، في أكثر من مناسبة، نموذجاً إصلاحياً جديداً، واعتبرت الفوسفاط رافعة للتنمية المستقبلية، لكن الواقع لم يتغير كثيراً حيث:

• معدل البطالة في ارتفاع.

• القدرة الشرائية في انهيار مستمر.

• الفوارق الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء تتسع بشكل مقلق.

فالمغاربة يسألون: إذا كان الفوسفاط ثروة وطنية، فلماذا لا ينعكس ذلك على دخلهم، على تعليم أبنائهم، على جودة مستشفياتهم؟

المعادلة الصعبة:ثروة وطنية بلا توزيع عادل

المشكل، كما يراه عدد من المحللين، ليس في مداخيل الفوسفاط، بل في كيفية توزيعها وأولويات إنفاقها.

ففي دولة تملك احتياطياً ضخماً من الثروات الطبيعية، يُفترض أن تُستثمر هذه العائدات في:

• إسقاط جزء كبير من الديون العمومية.

• تحسين أجور المواطنين.

• دعم الخدمات العمومية الأساسية.

• إطلاق مشاريع استراتيجية للتشغيل.

• بناء اقتصاد منتج لا يعتمد فقط على الريع.

لكن الواقع مختلف، إذ تتحول عائدات الفوسفاط إلى مصدر تمويل “للدولة المركزية” أكثر من كونها رافعة لرفاه الشعب.

ثروة تُنتج أرباحاً ولكنها لا تُنتج عدالة

ملف الفوسفاط في المغرب يعكس إشكالية أعمق تتمثل في:

وجود ثروة وطنية ضخمة تُدار في غياب النقاش العمومي والشفافية، وتُصرف بعيداً عن مصالح المواطنين الذين يفترض أن يكونوا أول المستفيدين منها.

طالما بقي تدبير هذه الثروة محصوراً في دائرة مغلقة، ستظل الهوة بين الثراء الوطني والفقر الاجتماعي قائمة، وسيبقى السؤال الجوهري مطروحاً:متى سيستفيد المغاربة فعلاً من ثروة الفوسفاط في مملكة محمد السادس؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك