مذكرة الحزب الاشتراكي الموحد حول الإطار القانوني للانتخابات التشريعية (الجزء الأول 3)

مذكرة الحزب الاشتراكي الموحد حول الإطار القانوني للانتخابات التشريعية (الجزء الأول 3)
تقارير / الأربعاء 03 سبتمبر 2025 - 14:00 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد الشباب المجيد

 عن : المكتب التفيذي

مذكرة الحزب الاشتراكي الموحد

حول الإطار القانوني للانتخابات التشريعية

"من أجل القضاء على كل أشكال الفساد الانتخابي واحترام الإرادة الشعبية"

الجزء الأول

شروط المناخ السياسي الضروري من أجل عملية انتخابية ناجحة

لعل المتابعات القضائية و الأحكام الصادرة في حق العشرات من البرلمانيين و المنتخبين خير دليل على أن انتخابات 08  شتنبر 2021 لم تفرز خريطة تمثيلية تعبر حقيقة عن إرادة الناخبين و تطلعاتهم في رفع تحديات التنمية والبناء الديمقراطي، كما أنها لم تفرز نخبا سياسية متجددة ونزيهة تعطي للبرلمان توهجه السياسي ليقوم بأدوار التشريع و المراقبة و تقييم السياسات العمومية . وهو ما يضر بشكل بالغ بصورة البلاد ويهز ثقة المواطنين والمواطنات في المؤسسات كما يضر بالمؤسسة التشريعية وبمكانتها الدستورية وترابيتها على مستوى صيانة الاختيارات الديمقراطية والسيادية للوطن.

وإذا كان المغرب قد نجح في احترام المواعيد الدستورية للانتخابات، و يعبر مسؤوليه دوما عن تطلعاتهم لرفع منسوب الثقة و تطوير نسب المشاركة السياسية لدى كافة الفئات في المجتمع عبر التأكيد على الحرص على نزاهة العملية الانتخابية، فإن الحزب الاشتراكي الموحد وإن كان يشاطر نفس الطموحات، فهو يؤكد بقوة على ضرورة وضع شروط تعاقد مجتمعي جديد بين الدولة و المجتمع لإعادة بناء الثقة كشرط أساسي وضروري من أجل وضع لبنات عملية انتخابية ديمقراطية وشفافة ترفع من شأن المغرب بين الأمم وتقوي جبهته الداخلية أمام ما ينتظره من تحديات ورهانات، ويعيد ثقة المواطنين في الانتخابات وفي العمل السياسي بشكل عام، هذه الثقة التي اهتزت بفعل عدة عوامل نذكر منها:

•تكاثر حالات الفساد السياسي وتضارب المصالح خارج أي منطق، وتزايد استغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية. وهذه الظواهر لا تؤثر فقط على مؤشرات الثقة في الأحزاب السياسية بصفة خاصة وفي الفعل السياسي بصفة عامة، بل تؤدي أيضًا إلى تآكل الثقة في مؤسسات الدولة نفسها.

•استمرار زواج السلطة والمال وما نتج عن هذا الزواج من فساد واستبداد، عدا عن تأثيره على نزاهة العملية الانتخابية برمتها. وما تصريحات بعض المتابعين بقضايا الفساد - والتي تتكلم بشكل مباشر عن وجود شبكات مكونة من ممثلي السلطة وأصحاب المال، واستخدام الموارد المالية للتأثير على النتائج الانتخابية وضمان ولاءات سياسية عبر الأعيان والوسطاء وشبكاتهما- إلا دليل على تفشي الفساد الانتخابي مما يجعل من الصعب على الأحزاب السياسية الديمقراطية أن تقنع المواطنات و المواطنين بالمشاركة  واسترجاع الثقة في ظل هذه الظروف.

•تطور التحالف الفج للسلطة والمال في ظل الأغلبية الحكومية الحالية وانتقالها من مجرد أداة لتشكيل الخريطة السياسية إلى قوة ضاربة للتأثير في السياسات العمومية بشكل عام حيث يتم تغليب المصلحة الفردية والاقتصادية على حساب الخدمات العمومية و إن كانت استراتيجية - كما يجري منذ سنوات في قطاعات كالمحروقات و العقار و التعليم و الصحة و الفلاحة و الصيد البحري و التشغيل -.. ويتجلى هذا بوضوح في تغول الخوصصة وطنيا وجهويا ومحليا، مع تغليب مصالح وامتيازات القطاع الخاص على حساب السياسات العمومية التي تعطي الأولوية للصالح العام.

•تعاظم سياسة القمع والتنكيل التي تواجه بها الدولة الحراكات الاجتماعية في الريف وزاكورة وجرادة وفيكيك وغيرها من المناطق المهمشة، والتي تمثل صرخة قوية من الشعب المغربي المطالب بالحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة الفعلية. فقد شهدت هذه الحراكات اعتقالات ومتابعات لعدد كبير من الناشطين الميدانيين، رغم سلميتها ومشروعية مطالبها، وكذا مستوى الوعي السياسي الكبير الذي عبر عنه المشاركات والمشاركون فيها. و هو ما يطرح سؤالا حول الهدف الحقيقي من ارتفاع القبضة الأمنية القمعية، عوض التجاوب مع مطالبها العادلة والمشروعة؟؟. وإذ يسجل الحزب الاشتراكي الموحد اعتزازه بمستوى الوعي السياسي الكبير الذي عبر عنه شباب الحراك، فهو يعتبر أنه كان من الممكن أن يشكلوا البديل لمرشحين أبانوا عن فشلهم وفسادهم وأن يمثلوا مناطقهم خير تمثيل وأفضل بكثير من مستوى معظم المنتخبين الحاليين في تلك المناطق العزيزة من الوطن.

•تفشي الاعتقال السياسي والمتابعات والمحاكمات ضد كل الآراء والأقلام الحرة كالصحفيين والباحثين والمدونين وأيضا الجمعيات والتنظيمات المستقلة عن تأثير السلطة والمال مما يؤثر بشكل سلبي على المجتمع بأسره. الأمر الذي جعل المواطنة والمواطن يتردد في التعبير بحرية عن آرائه ومطالبه. مما يقوي حالة الإحباط ويغذي فقدان الثقة في المؤسسات.

•التعامل الممنهج بعنف مع جل الحراكات القطاعية التي عرفتها جل القطاعات كالتعليم والصحة والعدل وغيرها، ودور هذا القمع في إضعاف مصداقية الأحزاب والنقابات الجادة والنزيهة ومنظمات المجتمع المدني المستقلة والملتزمة مما يؤثر سلبا على التعبئة للمشاركة في الانتخابات.

•توجه الدولة إلى تعديل القوانين والمساطر التي تمكن الجمعيات والمجتمع المدني من لعب دور رقابي كأداة من أدوات ربط المسؤولية بالمحاسبة، في اتجاه الحد من آليات الديمقراطية التشاركية على قلتها وتقييد الأدوار الاقتراحية والتشاركية للفاعلين السياسيين وللمجتمع المدني.

•اعتماد وإعادة تدوير نفس الوجوه السياسية والانتخابية في مناصب المسؤولية وطنيا ومحليا، رغم كل ما راكمته من فشل وكوارث تدبيرية أو فضائح أخلاقية.

•التحكم في المشهد الإعلامي بشكل عام، مع بعض الاستثناءات، والتبعية المطلقة لمعظم وسائل الإعلام الخاصة لنفوذ زواج السلطة والمال، وإغلاق الباب أمام النقاش الجاد والتعددي في الإعلام العمومي، مع التغييب المتعمد لأصوات الباحثين والخبراء والأصوات الحرة في مقابل تشجيع التبني النمطي للمواقف الرسمية في مختلف القضايا الداخلية والخارجية.

•حضور توجه إعلامي على المستوى الوطني والمحلي مبني على سردية سلطوية وأمنية تمجد وتعزز من صورة الفاعل الأمني وممثلي السلطات المركزية والمحلية، وبالمقابل تبخس دور الفاعل السياسي بشكل عام والمنتخبين بشكل خاص، وتعمل على تعزيز فكرة أن كل الفاعلين السياسيين سواء ودون المستوى لتكرس بذلك العزوف ولتبقى الأوضاع على ما هي عليه.

•تغييب النقاش حول ضرورة الانتقال الديمقراطي والعبور نحو ضفة الديمقراطية، مع استمرار تدهور الخدمات العامة بشكل عام نتيجة تفكيك القطاع العام و تشجيع القطاع الخاص و استمرار تقهقر المستوى المعيشي واتساع دائرة الفقر والفوارق الاجتماعية على نحو غير مسبوق، في ظل إجهاد مائي، نتيجة لتراكمات تدبيرية كارثية واختيارات تخدم التصدير عوض الحفاظ الأمن الغذائي والمائي للبلاد إضافة للعوامل المناخية،  التي لم يعرف المغرب مثيلا له طيلة تاريخه العديد من السنوات.

هذا التراجع السياسي يتأكد ويظهر بشكل ملموس في التصنيف المتأخر للمغرب في جل المؤشرات الدولية المتعلقة بالديمقراطية و الشفافية و حقوق الإنسان، نذكر على سبيل المثال لا الحصر :

•الشفافية الدولية (مؤشر الفساد): حسب تقرير عام 2024، حصل المغرب على درجة 37 من 100 واحتل المرتبة 99 من بين 180 دولة.

•التنمية البشرية (مؤشر التنمية البشرية): حسب تقرير التنمية البشرية لعام 2024، احتل المغرب المرتبة 120 من أصل 191 دولة.

•مؤشر الديمقراطية: في تقرير مؤشر الديمقراطية لعام 2024 الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU)، احتل المغرب المرتبة 91 من بين 167 دولة.

•حرية التعبير والصحافة: في تقرير حرية الصحافة لعام 2025 الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود (RSF)، احتل المغرب المرتبة 120 من بين 180 دولة.

•مؤشر الفجوة بين الجنسين : يحتل المغرب المرتبة 137 من أصل 148 في مؤشر الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي الدولي World Economic Forum

هذه الأوضاع أدت وتؤدي إلى إحباط كبير لدى المواطنات والمواطنين، حيث يشعر الكثيرون بأن أصواتهم لا قيمة لها وأن التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتوزيع العادل للثروة غير ممكن. كما يؤدي هذا الإحباط إلى تراجع مهول في نسبة المشاركة في الانتخابات، ويزيد من منسوب عدم الثقة في النظام السياسي. فعندما يفقد المواطنات والمواطنون الأمل في قدرة الانتخابات على إحداث التغيير الذي يأملون فيه ينتقلون إلى نوع من اللامبالاة، ويتفاقم بالتالي العزوف عن المشاركة السياسية. فإحجام المواطنين والمواطنات عن صناديق الاقتراع ليس سببه نقصا في الوعي، بل هو نتيجة مباشرة لاستفحال الاستبداد والتسلط والفساد واستمرار تبني الدولة لسياسات لاشعبية ولاديمقراطية تزيد من الفوارق الطبقية وترفع من نسب البطالة.

لهذه الأسباب يربط الحزب الاشتراكي الموحد نجاح أي استحقاق انتخابي بضرورة إحداث انفتاح سياسي حقيقي، يترجم بإجراءات وتدابير ملموسة وليس مواثيق شرف معتبرا أن هذا الانفتاح شرط أساسي لاستعادة ثقة المواطنات والمواطنين التي تآكلت نتيجة "الأزمة المركبة التي تشهدها البلاد". من هنا جاءت نظرتنا إلى إصلاح العملية الانتخابية كرافعة من رافعات الإصلاح النسقي المطلوب وليست مجرد إجراء تقني وجزئي لإعادة بناء الثقة وترجمة الإرادة الشعبية إلى سيادة شعبية.

وفي هذا السياق يرى الحزب الاشتراكي الموحد أن أحد المداخل الأساسية لإعادة بناء الثقة هو التقدم نحو الانتقال الديمقراطي وترجمة الإرادة الشعبية إلى سيادة شعبية مع إحداث القطائع مع الاختيارات التي فاقمت من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلادنا. وفي صلب هذه القطائع يأتي مطلب إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم معتقلي الحراك الشعبي بالريف والصحافيين والمدونين ومعتقلي حرية الرأي والتعبير، وإيقاف المضايقات وإسقاط المتابعات والأحكام عن المناضلات والمناضلين والمتابعات والمتابعين بسبب آرائهم ومواقفهم ومناهضي التطبيع، و عدم حرمانهم من حقوقهم السياسية بما فيه الحق في الترشح و التصويت في كل العمليات الانتخابية، كخطوة رمزية وعملية في آن واحد، يُقصد بها إرسال إشارة قوية إلى الشعب بأن هناك إرادة جدية وصادقة في فتح حوار سياسي حقيقي وتجاوز مرحلة الاستبداد. هذا الموقف يعكس قناعة الحزب بأن أي إصلاح إجرائي للانتخابات لن يحقق مصداقية حقيقية ما لم تتم معالجة الأزمة السياسية من جذورها.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك