مذكرة الحزب الاشتراكي الموحد حول الإطار القانوني للانتخابات التشريعية (الجزء الأول 1. 2)

مذكرة الحزب الاشتراكي الموحد  حول الإطار القانوني للانتخابات التشريعية (الجزء الأول 1. 2)
تقارير / الأربعاء 03 سبتمبر 2025 - 08:00 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد الشباب المجيد

  عن : المكتب التنفيذي                               

                                مذكرة الحزب الاشتراكي الموحد

حول الإطار القانوني للانتخابات التشريعية

"من أجل القضاء على كل أشكال الفساد الانتخابي واحترام الإرادة الشعبية"

الجزء الأول

الرؤية السياسية للحزب الاشتراكي الموحد حول الانتخابات

 

1. الانتخابات كمدخل للإصلاح السياسي والنقاش المجتمعي الموسع والمنفتح

إن معضلة الانتخابات في المغرب منذ أول انتخابات جماعية سنة 1960 كانت معضلة سياسية أكثر منها قانونية بسبب سعي السلطة السياسية للتحكم في الخريطة السياسية بمختلف من خلال حرصها الدائم فرز نتائج انتخابية على المقاس وإن كانت لا تعبر عن الإرادة الشعبية الحقيقة.

وإذا كنا نسجل أن مجريات الصراع المتواصل بين السلطة السياسية والحركة الوطنية الديمقراطية قد ساهمت في تحقيق تقدم ملموس على المستوى القانوني بتخفيض سن التصويت إلى 18 سنة- وإقرار نمط الاقتراع اللائحي النسبي - والورقة الفريدة - واعتماد معيار السكن كمعيار أساس للتسجيل في اللوائح الانتخابية؛ إلا أنه بالمقابل استمرت العديد من الاختلالات التي تؤثر على نزاهة الانتخابات وشفافيتها من قبيل: إشراف وزارة الداخلية –بعيدا عن رئاسة الحكومة- على الانتخابات والحياد السلبي والتحكم في التقطيع، فتمرست هذه الوزارة لزمن طويل على التزوير والتحكم المسبق في النتائج، بالإضافة إلى قصور نمط الاقتراع اللائحي النسبي المعتمد عن تجسيد التنوع والتعدد السياسي بسبب صغر الدوائر الانتخابية وقلة عدد المقاعد الانتخابية بكل دائرة مما يجعلها في واقع الحال أقرب لنمط الاقتراع الأحادي الفردي مما يشجع الفساد والمفسدين  والأعيان..

إن هذه الاختلالات وغيرها في المنظومة القانونية تقلص فرص الطموح لإجراء انتخابات مجسدة للإرادة الشعبية الفعلية، مما يقتضي السعي الفعلي والعملي لمعالجتها لتعزيز المكتسبات الحاصلة على مستوى القوانين الانتخابية منذ سنة 2002.

في هذا السياق، يجدد الحزب الاشتراكي الموحد التأكيد بأن إصلاح قوانين الانتخابات المغربية لا ينفصل أبدا عن الإصلاح الشمولي للنظام السياسي المغربي من خلال الإقدام الشجاع على إحداث إصلاح نسقي ذي مدخلين دستوري وسياسي يؤديان إلى نظام الملكية البرلمانية وفصل حقيقي للسلط. ويعتبر الحزب أن أي إصلاح لا يتصف بهذه الشمولية والنسقية التي تفتح أفق التعاقد السياسي التاريخي المطلوب، سيبقى إصلاحا جزئيا وتقنيا في أحسن الأحوال.

ولجعل لحظة التحضير لتعديل القوانين الانتخابية فرصة حقيقية للنقاش المجتمعي الموسع عبر وسائل الإعلام العمومية، والاستماع لمختلف الأصوات والآراء على قدم المساواة. يدعو الحزب إلى جعل هذه المحطة فرصة سانحة للاستعادة الثقة ولترسيخ المواطنة والتربية على تنمية الحس الديمقراطي لدى مختلف شرائح المجتمع. وتوعية المغاربة بأهمية الاستشارات الانتخابية لإقناعهم بالانخراط فيها بحماس.. واستثمار الإعلام في التوعية بالإسهام في محاربة كافة مظاهر الفساد والإفساد، وحماية النتائج من التلاعب. وبالتالي عدم الاكتفاء بالنقاشات المغلقة بين الأحزاب ووزارة الداخلية وكأن الانتخابات ليست شأن عاما، وليست شأن المجتمع برمته ولذا وجب فتحها أمام النقاش العام و توسيع المشاورات حولها.

إننا في الحزب الاشتراكي الموحد نعتبر أن فتح مشاورات مع الأحزاب حول الانتخابات القادمة، خطوة إيجابية لكنها ستبقى محدودة جدا إذا لم تنفتح على آراء:

1 - المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي

2- مؤسسة وسيط المملكة

3-المجلس الوطني لحقوق الانسان

4- مجلس الجالية المغربية بالخارج

5- الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة

6- المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي

7- الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري

لقد منح الدستور المغربي للهيئات والمؤسسات المذكورة أعلاه، وطبقا للفصول (151، 152، 161، 162، 163، 164، 165، 167، 170)، اختصاصات مهمة في مجال إبداء الرأي، وتقديم المشورة، للحكومة والبرلمان في القضايا التي تدخل ضمن اختصاصاتها. ونعتبر أن رأيها أثناء الإعداد لمشاريع القوانين الانتخابية سيكون مفيدا للتطوير المرغوب فيه.

كما نعتبر أن الانفتاح على آراء ومقترحات جمعيات المجتمع المدني وخاصة الجمعيات النسائية والحقوقية ضروري. يتلاءم مع مقتضيات الدستور المغربي، وفلسفته، وما رسمه من أدوار واختصاصات لتلك المؤسسات والهيئات، كما يدخل ضمن قواعد الديمقراطية التشاركية. مما يتيح تفعيل القواعد الدستورية حتى لا تبقى مجرد قواعد جميلة بدون أثر فعلي على أرض الواقع.

وبما أن الشأن الانتخابي شأن عام، ولا ينحصر في المشاورات بين الأحزاب ووزارة الداخلية فقط، ولذلك فإننا نقترح توسيع الاستشارة لتشمل المواطنين والمواطنات عبر إعداد استمارة عمومية، لمعرفة رأيهم في عملية تنظيم انتخابات حرة، ونزيهة، وشفافة، وديمقراطية، والاستماع الى مقترحاتهم. ونحن نعتقد أن استبعاد المواطنين والمواطنات في الماضي من الإدلاء برأيهم/ن في مشاريع القوانين ومنها القوانين الانتخابية، خلق فجوة عميقة بين المواطنات والمواطنين والدولة. وبما أن الدستور المغربي تطرق لبعض آليات الديمقراطية التشاركية، فإننا نعتبر استشارة المواطنين والمواطنات بخصوص مشاريع القوانين الانتخابية جزء من هذه الديمقراطية، وفرصة للحوار مع المجتمع حول طبيعة مؤسساته الانتخابية، وخطوة تصالح المواطن مع السياسة. ونرى أن خطوة من هذا الحجم والنوع، ستقلص نسبة العزوف الانتخابي، وستشعر المواطن والمواطنة بأدواره، وأهمية رأيه. إن الحوار بين المواطن ودولته هو أرقي أشكال الحوار، وهو صمام أمان، وبالحوار وتبادل الرأي، يمكن إيجاد الحلول والمخارج لانتخاب مؤسسات نزيهة وديمقراطية، ومحاصرة الفساد والمفسدين، والحد من المتاجرة بالأصوات وبيع الأوهام للمواطنين والمواطنات.

 

2.                                                                                      أسباب تراجع المشاركة السياسية وسبل تجاوزها وأهمية تجديد النخب.

إن الإشكال الجوهري للانتخابات في المغرب إشكال سياسي بسبب تدخل الجهاز الإداري وتحكمه في العملية الانتخابية بدءا من وضع اللوائح الانتخابية إلى إعلان النتائج واضطراره مرارا للتدخل المباشر لتغيير نتائج صناديق الاقتراع، وإن كانت هذه الممارسة تراجعت منذ تسعينات القرن الماضي بسبب الصراع السياسي الذي خاضته القوى الديمقراطية ومعها شرائح شعبية واسعة احتجاجا على العبث بالإرادة الشعبية، فقد حلت محلها أشكال أخرى من التدخل كتوجيه الناخبين من طرف الأجهزة الإدارية خصوصا جهازي المقدمين والشيوخ الذين يمارسون ضغوطا مختلفة على الناخبين لفرض التصويت على مرشحي الأحزاب المسنودة من طرف السلطة، إضافة إلى الحياد السلبي للسلطة وعدم مواجهتها للخروقات والاختلالات التي تعرفها مختلف الاستحقاقات الانتخابية خصوصا منها استعمال المال بكثافة لشراء الذمم والتأثير على إرادة الناخبين وهو ما يؤدي إلى إفراز مؤسسات منتخبة لا تجسد الإرادة الفعلية للناخبين والناخبات

ومن أبرز نتائج هذه الممارسات تنامي السخط وسط المواطنات والمواطنين، وتفاقم ظاهرة العزوف عن المشاركة السياسية، وفقدان الثقة في المؤسسات المنبثقة عن مختلف الاستحقاقات... فنسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 2016 لم تتعد 43 %، بينما بلغت 50.35 % سنة 2021 وهذه الزيادة في المشاركة ما بين الاستحقاقين لا تعكس تحولا في المشاركة السياسية بقدر ما هي ناتجة عن تزامن الانتخابات التشريعية لسنة 2021 مع الانتخابات الجماعية التي عادة ما تعرف قوة في التعبئة وحدة في التنافس بين المرشحين أكثر من الانتخابات التشريعية. كما أن نسبة المشاركة المعلن عنها لا تعكس الواقع الفعلي اعتبارا للاختلالات التي تعرفها اللوائح الانتخابية من خلال التسجيلات المتكررة وعدم التشطيب على المتوفين وفاقدي الأهلية؛ دون أن ننسى أن نسبة المشاركة تعتبر ضعيفة للغاية في المدن الكبيرة حيث تلامس في بعضها بالكاد 20 % من الناخبات والناخبين المسجلين في اللوائح الانتخابية هذا دون الحديث عن الملايين غير المسجلين في اللوائح أصلا.

إن هذه النسبة المتدنية للمشاركة في الانتخابات خصوصا في المدن الكبرى تعتبر رفضا صريحا وواضحا للعملية الانتخابية برمتها، وهو ما يتطلب معالجة سياسية تضمن مصالحة المواطنات و المواطنين مع الشأن  السياسي، المصالحة التي نعتبر في الحزب الاشتراكي الموحد أن مدخلها الفعلي هو تعزيز وترسيخ الديمقراطية بالبلاد واحترام الحريات والحقوق، وبالتالي فلا مناص من إجراءات ملموسة لخلق تعبئة شعبية واسعة وتوفير مناخ الحرية و الديمقراطية لإجراء انتخابات تضمن مشاركة واسعة، ولن يكون الأمر كذلك إلا بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتعزيز حرية التعبير والقطع مع النهج المتبع في التضييق على حرية الرأي ووقف المتابعات القضائية للصحفيين و المدونين والمدونات وكل الأصوات الحرة.

ولتحقيق شروط الثقة هذه والاطمئنان لمصداقية الانتخابات، نرى أن  إحداث هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات وتمتيعها بكافة الصلاحيات للإشراف على العمليات الانتخابية -بدءا من وضع اللوائح الانتخابية مرورا بتلقي الترشيحات ثم الحملة الانتخابية وتشكيل مكاتب التصويت والإشراف على عمليات الاقتراع وصولا إلى إعلان النتائج- من شأنه تحقيق مصالحة المواطنين والمواطنات مع صناديق الاقتراع ودفعهم للمشاركة الإيجابية في مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي سيشهدها المغرب سنتي 2026 و2027.

ولتحصين النصوص القانونية والعمليات الانتخابية وحمايتها من كل تجاوز فإن الحزب الاشتراكي الموحد يؤكد على ضرورة الاعتراف بحق الجميع، أحزابا ونقابات وأفرادا وهيئات المجتمع المدني، في الطعن بالقوانين الانتخابية ومراسيمها أمام المحكمة الدستورية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك