من غينيا إلى المغرب..رحلة "أرخص عسل في العالم" وفرصة ذهبية للتجار

من غينيا إلى المغرب..رحلة "أرخص عسل في العالم" وفرصة ذهبية للتجار
تقارير / السبت 19 يوليو 2025 - 21:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي

في قلب جبال دَلابا، الواقعة شرق العاصمة كوناكري، وعلى مقربة من مدينة مامو، تنتج الأسر القروية هناك واحدًا من أنقى أنواع العسل الطبيعي في إفريقيا. هذا العسل يُستخرج من خلايا نحل برية أو شبه مروّضة تعيش وسط غابات طبيعية خالية من أي تدخل كيميائي، ويُباع بثمن لا يكاد يُصدّق: 30 درهمًا مغربيًا للتر فقط (أي أقل من 3 دولارات!).

فرصة نادرة للتجار المغاربة

هذا السعر المغري يضع أمام التجار المغاربة، خاصة الشباب والمبتدئين، فرصة ذهبية لولوج سوق تجارة العسل الحر، بدون الحاجة لرأس مال ضخم. فعند شراء العسل بالجملة مباشرة من المصدر، وتغطية تكاليف النقل والتعبئة، يمكن إعادة بيعه بالمغرب بهامش ربح معقول، دون إثقال كاهل المستهلك.

وتشير تقديرات ميدانية إلى أن سعر التكلفة الشامل للتر الواحد من العسل المستورد من غينيا لا يتجاوز 70 إلى 90 درهمًا بعد احتساب تكاليف الشحن والتعليب، وهو ما يسمح ببيعه بأقل من 150 درهمًا، مع الحفاظ على ربح محترم.

عسل حر 100%.. والطبيعة شاهدة

العسل المنتج في جبال دَلابا يُعتبر عضويًا بطبيعته، حيث لا يُستخدم أي مبيد أو تغذية اصطناعية للنحل، ما يجعله عسلًا خامًا وغنيًا بالأنزيمات والفيتامينات. سكان المنطقة يعيشون على تربية النحل كأسلوب حياة، ويتعاملون معه باحترام وطرق تقليدية متوارثة.

هذا ما يجعل الكثير من الخبراء يعتبرونه من أنقى أنواع العسل في القارة السمراء، رغم غياب التسويق والدعاية الإعلامية.

من التحايل إلى الجشع.. أزمة "العسل المغشوش" بالمغرب

رغم هذه الفرص، يشتكي المستهلك المغربي من الارتفاع المهول في أسعار العسل المعروض في الأسواق، حيث يُباع اللتر الواحد بأثمنة تتجاوز أحيانًا 400 إلى 500 درهم، دون أن يكون مضمون الجودة أو المصدر.

عدد من المستهلكين صرّحوا أن العسل المتداول بكثرة في الأسواق غير طبيعي، بل يتم خلطه بمحلول سكري أو مواد مضافة، ويتم تسويقه على أنه "عسل حر" بثمن خيالي، وسط غياب شبه تام للمراقبة الصارمة أو شهادات المنشأ.

دعوة إلى تجارة عادلة

الرسالة التي بدأت تتصاعد على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا من طرف مغاربة زاروا غينيا أو اشتغلوا في مجال التجارة، واضحة:

"بغيتو تربحو، ربحو، لكن بلا ما تظلمو الناس".

الدعوة هنا ليست ضد التجارة، بل ضد من يستغل جهل المستهلك ويُقدّم عسلًا مغشوشًا بثمن مبالغ فيه. المطلوب هو خلق نموذج تجارة عادلة، يربح فيها التاجر دون أن يُنهك جيب المواطن، خصوصًا وأن العسل منتوج يُستهلك في العلاج والتغذية الصحية.

المغرب وغينيا.. إمكانيات شراكة واعدة

في ضوء العلاقات المغربية الإفريقية المتنامية، وفتح خطوط تجارية جديدة مع غرب إفريقيا، يُمكن أن تصبح غينيا كوناكري أحد مصادر العسل الخام للمغرب، ضمن رؤية تعاون جنوب-جنوب، تُشجع على المبادلات النزيهة والمستدامة.

ومن شأن دعم المبادرات الشابة في هذا المجال أن يخلق فرص شغل جديدة ويُخفف من هيمنة "الكارتيلات" التجارية على قطاع العسل.

 لا للعسل الذهبي المغشوش

الواقع يكشف أن الذهب الأصفر لا يجب أن يكون حكرًا على الأثرياء. فالعسل، بما له من فوائد علاجية، يجب أن يكون متاحًا للجميع.

ويبقى الأمل في تجار نزهاء، يُعيدون الثقة إلى السوق، ويُساهمون في نشر وعي استهلاكي وصحي جديد، بعيدًا عن الجشع والمغالاة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك