أنتلجنسيا المغرب:الربان
في نداء بيئي وإنساني موجه لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، دعت منظمة "غرينبيس" البيئية الدولية الحكومات، وعلى رأسها المغرب، إلى التحول العاجل نحو أنظمة غذائية محلية ومستدامة تُراعي التقاليد الزراعية لصغار الفلاحين والمجتمعات الأصلية، وتُعطي الأولوية لتوفير الغذاء للسكان بدلاً من خدمة أرباح الشركات الزراعية الكبرى.
دعوة لإصلاح عميق لأنظمة الإنتاج الغذائي
حذّرت المنظمة من أن النماذج الغذائية الحالية المعتمدة على الزراعة الصناعية، والإنتاج الضخم الموجه للتصدير، تُسهم بشكل مباشر في تدهور التربة، واستنزاف المياه، وفقدان التنوع البيولوجي، وزيادة الانبعاثات الكربونية.
وقالت إن العدالة المناخية والبيئية لن تتحقق دون مراجعة جذرية لسياسات الغذاء في المنطقة، ووضع الإنسان والبيئة في صُلب المعادلة.
غذاء تقليدي بلمسة بيئية: فرصة اقتصادية واجتماعية
تُشدد "غرينبيس" على ضرورة العودة إلى المعارف التقليدية التي راكمها صغار المزارعين لعقود، من تقنيات زراعية محلية، واستهلاك موسمي، وممارسات أقل تلويثًا.
كما دعت إلى إعادة الاعتبار للأغذية المحلية التي تنسجم مع النظم البيئية وتُسهم في تقليص الاعتماد على الاستيراد، مع تعزيز السيادة الغذائية.
هذا التوجه لا يُحقق فقط التوازن البيئي، بل يُعزز فرص الشغل في العالم القروي، ويُقلص الفجوة بين المدن والقرى، خاصة في دول تعاني من تفاوتات مجالية متفاقمة مثل المغرب.
الزراعة الصناعية تُهدد الموارد الطبيعية الهشة
المنظمة انتقدت اعتماد بلدان المنطقة على زراعة موجهة نحو الربح، كثيفة الاستخدام للمبيدات والأسمدة، ومُستنزفة للماء، خصوصًا في ظل:
تصاعد أزمة ندرة المياه في دول مثل المغرب والجزائر وتونس.
وتزايد حرائق الغابات والتصحر في مناطق واسعة من شمال إفريقيا.
وحذّرت "غرينبيس" من أن الاستمرار في هذا النهج الإنتاجي يُهدد الأمن الغذائي للأجيال القادمة، ويدفع بالمنطقة نحو أزمات مركبة: بيئية، اجتماعية، واقتصادية.
نحو نظام غذائي عادل ومنصف
في بيانها، شددت المنظمة على ضرورة أن تُصمم السياسات الزراعية والغذائية لتُحقق:
عدالة مناخية: عبر تقليص البصمة الكربونية للقطاع الزراعي.
عدالة اجتماعية: من خلال دعم الفلاحين الصغار بدل تهميشهم.
عدالة اقتصادية: تضمن للمجتمعات الريفية عائدًا عادلًا من إنتاجهم.
كما دعت إلى الحد من تدخل الشركات الزراعية الكبرى في تحديد سياسات الإنتاج، وفرض الشفافية في سلاسل الإمداد، وتشجيع استهلاك الغذاء المحلي بدل المستورد.
الغذاء هو ثقافة وهوية، وليس سلعة فقط
في ختام تقريرها، ذكّرت "غرينبيس" بأن الغذاء ليس مجرد سلعة اقتصادية، بل جزء من ثقافة وهوية الشعوب.
وأن تهميش المعارف الزراعية التقليدية، وتحويل الغذاء إلى أداة للربح فقط، يُؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي والثقافي في آن واحد.
ودعت إلى دعم مبادرات السيادة الغذائية، وتحويل الأسواق المحلية إلى فضاءات لعدالة بيئية واجتماعية، عوض أن تكون مجرد امتداد لسلاسل الاستغلال الزراعي العالمي.
هل يتحرك المغرب في الاتجاه الصحيح؟
في السنوات الأخيرة، اتخذ المغرب خطوات مهمة نحو تحديث الزراعة وتعزيز الأمن الغذائي، لكنه لا يزال مُطالبًا، وفق توصيات "غرينبيس"، بـ:
تعزيز الزراعة المستدامة والمروية بمياه مُعاد تدويرها.
دعم الفلاحين الصغار تقنيًا وتمويليًا.
تشجيع الاستهلاك المحلي البيئي داخل المدن.
تحقيق نظام غذائي عادل ومتوازن لم يعد مجرد خيار بيئي… بل ضرورة استراتيجية لضمان مستقبل الأجيال المقبلة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك