العصبة المغربية تدق ناقوس الخطر وتطالب بتشريعات تليق بمغرب الحقوق والحريات

العصبة المغربية تدق ناقوس الخطر وتطالب بتشريعات تليق بمغرب الحقوق والحريات
تقارير / الثلاثاء 01 يوليو 2025 - 18:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا

في رسالة مفتوحة موجهة إلى رئيسي مجلسي النواب والمستشارين وكافة الفرق البرلمانية، توفرت "أنتلجنسيا المغرب" على نسخة منها، وبمناسبة اليوم العالمي للعمل البرلماني، خاطبت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان المؤسسة التشريعية بلهجة صريحة محذّرة من "تراجع مقلق" في أدائها الرقابي والتشريعي، مطالبة بضرورة إعادة الاعتبار للبرلمان كمؤسسة دستورية يفترض أن تحمي الحقوق وتُعلي من قيمة الحريات.

العصبة اعتبرت أن المناسبة الأممية محطة تأمل لمراجعة دور البرلمان في تعزيز الثقة وحماية الديمقراطية، داعية إلى تجاوز الحسابات الحزبية الضيقة، ومقاومة التغوّل التنفيذي، والقطع مع ضعف التكوين الحقوقي والإرادة السياسية الباهتة.

وقالت العصبة في مراسلتها إن البرلمان فقد شيئًا من بريقه كسلطة مستقلة، مشيرة إلى أن القوانين التي يصادق عليها لا تعكس دائمًا نبض المجتمع ولا تحمي فعليًا الحقوق المنصوص عليها في الدستور والمواثيق الدولية.

ودعت إلى تسريع إخراج القوانين التنظيمية المؤجلة، ومراجعة قانون الجمعيات، ومواءمة التشريعات الوطنية مع الالتزامات الدولية، مطالبة بإلغاء النصوص الزجرية التي تُقيّد حرية الرأي والتعبير، مشيرة إلى أن قانون الصحافة والنشر لم يعد ينسجم مع روح حرية التعبير التي تتطلع لها الأجيال الجديدة.

ونددت العصبة بتغييب المجتمع المدني من الفضاء البرلماني، داعية إلى إرساء قنوات مؤسساتية للتواصل مع المنظمات الحقوقية، وإشراكها فعليًا في بلورة السياسات التشريعية، بل واقترحت إحداث "كرسي حقوقي" داخل البرلمان.

كما حذرت من حملات التضييق والتشهير التي تطال المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم بعض النواب أنفسهم، معتبرة أن الدفاع عن فلسطين والشعوب المضطهدة يجب أن يكون من صلب مواقف البرلمان المغربي. وختامًا، أعلنت العصبة استعدادها التام للحوار والمؤازرة التقنية والترافعية، مؤكدة أن السياسة لا تكتمل إلا إذا كانت صوتًا لمن لا صوت لهم.

نص المراسلة كاملا :

رسالة مفتوحة إلى رئيسي مجلسي البرلمان والفرق البرلمانية


من : العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان

السيد : رئيس مجلس النواب،

السيد : رئيس مجلس المستشارين،

السيدات والسادة : رؤساء الفرق والمجموعات البرلمانية بالغرفتين.

تحية احترام وتقدير،

بمناسبة تخليد اليوم العالمي للعمل البرلماني الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 يونيو، تتشرف العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بمخاطبتكم عبر هذه الرسالة المفتوحة، انطلاقاً من قناعتها الراسخة بأن المؤسسة البرلمانية تمثل صلب البناء الديمقراطي، وضمانة مركزية لحماية الحقوق والحريات، وأداةً رقابية وتشريعية حيوية لترسيخ دولة الحق والقانون.

إن هذا اليوم الأممي يُعد مناسبة للتأمل في أدوار البرلمانات في تعزيز الحكامة والعدالة والشفافية، ويحث على تقوية جسور الثقة بين المواطنين وممثليهم المنتخبين. ولأنكم تمثلون سلطة دستورية مستقلة تشرّع باسم الشعب، وترصد السياسات العمومية، وتسائل الحكومة عن التزاماتها الدولية والوطنية، فإن المسؤولية الملقاة على عاتقكم في مجال حقوق الإنسان هي مسؤولية تاريخية ومزدوجة: مسؤولية تشريعية، ومسؤولية سياسية وأخلاقية.

وإذ تسجل العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بعض المبادرات التشريعية والرقابية الإيجابية، فإنها تدعوكم – بكل احترام – إلى الارتقاء بأداء المؤسسة التشريعية إلى مستوى الانتظارات المجتمعية، في ظل ما تشهده بلادنا من تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة، وما يتخللها من تراجع في بعض المؤشرات الحقوقية.

إن قضايا الحريات العامة، وحرية التعبير، والحق في التنظيم، والعدالة الاجتماعية، وضمانات المحاكمة العادلة، وحقوق المرأة والطفل والأشخاص في وضعية إعاقة، ومناهضة التعذيب، وحماية المدافعات  والمدافعين عن الحقوق، يجب أن تكون في صلب أجندة العمل البرلماني، لا فقط من باب التفاعل مع الظرفيات، بل من منطلق الالتزام العميق بالمرجعية الكونية لحقوق الإنسان كما نص عليها الدستور والمواثيق الدولية.

إننا كمنظمة حقوقية وكباقي الجمعيات الحقوقية الجادة وإذ نتابع عن كثب سير عمل مجلسي البرلمان، نعبر لكم بكل أخوية ومسؤولية تاريخيّة عن قلقنا إزاء تراجع هذه المؤسسة الدستورية المحورية، ضمن كل منظومة ديمقراطية، في الدفاع عن حقوق المواطنات والمواطنين. فالبرلمان الذ يمثل سلطة دستورية مستقلة يفترض أن تكون حامية للحقوق، يبدو من خلال متابعتنا  للواقع التشريعي والرقابي أنه يسجل تراجعًا مقلقًا في أدائه على مستوى حماية حقوق الإنسان. ويعود ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها:

        •       غلبة الحسابات السياسية والحزبية الضيقة؛

        •       ضعف الاستقلالية عن السلطة التنفيذية؛

        •       ضعف التكوين الحقوقي للعديد من البرلمانيين؛

        •       غياب الإرادة السياسية لإعطاء قضايا الحقوق والحريات أولوية حقيقية.

 

ومن منطلق دورنا كجمعية حقوقية وطنية مستقلة، نوجه إليكم هذه الدعوة النابعة من غيرة وطنية ومسؤولية نضالية، إلى:

 

1. تعزيز الوظيفة التشريعية في اتجاه حماية الحقوق والحريات:

        •       تسريع إخراج القوانين التنظيمية المتأخرة، و تطوير الحق في تقديم العرائض والملتمسات، ومراجعة قانون الجمعيات، بما يكرّس حرية التنظيم الفعلي.

        •       ملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب، وتطهير التشريع الجنائي من النصوص الفضفاضة التي تقيّد حرية التعبير وتلجم الأفواه المعبرة عن رأيها بالعقوبات السالبة للحرية، وتتعارض مع مضمون قانون الصحافة والنشر (المرجو الاطلاع على المذكرة الترافعية التي وضعتها العصبة بين ايديكم سنة 2022)؛

 

2. تفعيل الوظيفة الرقابية من أجل مساءلة السياسات العمومية:

        •       تخصيص جلسات مساءلة ومتابعة دورية لأداء الحكومة في مجال احترام الحقوق والحريات.

        •       مساءلة القطاعات الوزارية حول حرية التعبير، التمييز، الاعتقال التعسفي، حرمان الجمعيات من الوصل القانوني، وحرمان المواطنين من الولوج العادل للعدالة والخدمات العمومية…؛

        •       دعم دور الهيئات المستقلة (خاصة بعد الهجوم الممنهج الذي باتت تتعرض له هذه المؤسسات من قبل بعض أعضاء الحكومة) من خلال الاستماع لتقاريرها وتوصياتها ومواكبتها تشريعياً؛

3. فتح المؤسسة التشريعية أمام المجتمع المدني:

        •       مأسسة علاقات التعاون بين الفرق البرلمانية والمنظمات الحقوقية عبر آليات إنصات وهيئات استشارية دائمة، وتنظيم لقاءات دورية، ولما لا التفكير في تخصيص كرسي حقوقي، يفسح فيه المجال للجمعيات الحقوقية للتواصل المباشر مع ممثلي الأمة؛

        •       تنظيم منتديات دورية مشتركة حول قضايا الحقوق والحريات بمشاركة الفاعلين المدنيين والجامعيين والضحايا؛

        •       تسهيل مشاركة الجمعيات في تقديم الملتمسات التشريعية ومواكبتها تقنياً وقانونياً؛

4. الدفاع عن القضايا الحقوقية العادلة وطنياً ودولياً:

        •       رفع الصوت البرلماني دفاعاً عن ضحايا الانتهاكات أياً كان مصدرها.

        •       الترافع داخل المنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية من أجل قضايا حقوق الإنسان، والدفاع عن الشعوب المضطهدة في فلسطين وغيرها.

        •       حماية حرية المدافعين عن حقوق الإنسان من التضييق، بما في ذلك النواب والفاعلون المدنيون الذين يتعرضون لحملات تشهير وتهديد.

السيدات والسادة رئيسي المجلسين ورؤساء الفرق والمجموعات وأعضاء البرلمان،

إننا في العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان نؤمن بأن البرلمان لا يُقاس فقط بعدد القوانين التي يصادق عليها، بل بمدى جرأته على مواجهة انتهاك الحقوق، واستقلاليته في مساءلة الحكومة، والتزامه بفتح قنوات الحوار مع المجتمع؛ وقد آن الأوان لبرلمان يليق بالمواطن، لا فقط بالدستور، لبرلمان يعيد للسياسة معناها النبيل، وللمسؤولية التشريعية وزنها الحقيقي.

إننا إذ نراسلكم اعتباراً للمسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتقنا، واستحضارها للقيم الوطنية المطوقين، نحن وأنتم، نؤكد لكم استعدادنا للتعاون معكم من أجل خدمة الوطن والمواطنين وتعزيز قيم حقوق الإنسان كما هي منصوص عليها في المواثيق الدولية وفي الدستور المغربي، ونضع انفسنا رهن إشارتكم للقاء بكم، وبسط أمامكم ورقة تتضمن بالتفصيل ملاحظاتنا كجمعيّة حقوقية حول العمل البرلماني المناصر للحقوق والحريات.

مع خالص الاحترام والتقدير،

عن المكتب المركزي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك