أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي
رغم الإصلاحات والتصريحات الرسمية الداعية إلى تمكين المرأة، لا يزال المغرب يصارع لإغلاق الفجوة بين الجنسين، وفق ما كشفه تقرير المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2025، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
فبعد سنة من الترقب، حافظت المملكة على مركزها المتأخر، محتلة الرتبة 137 من أصل 148 دولة، بمعدل عام لم يتجاوز 0.628 نقطة.
موقع مقلق مقارنة بالمتوسطين العالمي والإقليمي
أظهر التقرير أن المغرب لا يزال متأخراً عن المعدل العالمي الذي بلغ 68.5%، بل ويتراجع عن متوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي سجل 61.7%. وبذلك يواصل المغرب تموقعه في مؤخرة الترتيب ضمن منطقة لا تزال تعاني من تحديات عميقة في تحقيق المساواة بين الجنسين.
مؤشر المشاركة الاقتصادية: الحلقة الأضعف
جاء أداء المغرب الأسوأ في مؤشر المشاركة الاقتصادية والفرص، حيث احتل المرتبة 143 عالمياً. نسبة الإغلاق لم تتجاوز 40.6%، ما يعكس استمرار هشاشة مشاركة النساء في سوق الشغل، وندرة وجودهن في المناصب العليا والقيادية، فضلاً عن استمرار التفاوت الكبير في الأجور.
وتُظهر هذه الأرقام أن السياسات العمومية وبرامج الإدماج لم تُحدث الأثر المرجو بعد، خصوصاً في القطاعات الاقتصادية التقليدية التي تهمين فيها الذكورية المؤسسية على مراكز القرار.
تحصيل علمي جيد..لكن دون أثر في سوق العمل
على صعيد التحصيل العلمي، حقق المغرب نسبة إغلاق بلغت 95.5%، ما منحه المرتبة 114 عالمياً. هذا المعطى يؤكد أن الفجوة في التعليم بين الذكور والإناث تكاد تكون مغلقة، خاصة في مراحل التعليم الأساسي والثانوي، لكن مفارقة واضحة تطفو على السطح: الولوج إلى التعليم لا ينعكس بالضرورة على تمكين المرأة اقتصادياً أو سياسياً.
الصحة والبقاء: مكاسب هشة
رغم تحقيق نسبة إغلاق في حدود 96.2% في مؤشر الصحة والبقاء، لم يتجاوز ترتيب المغرب المرتبة 136، ما يدل على استمرار بعض الفوارق في مؤشرات مثل العمر المتوقع عند الولادة، والرعاية الصحية للنساء الحوامل، وجودة الخدمات الصحية في المناطق الهشة.
ويشير خبراء إلى أن غياب عدالة مجالية في الخدمات الصحية يؤثر بشكل مباشر على مؤشرات النوع الاجتماعي، خصوصاً في المناطق القروية.
التمكين السياسي: حضور نسائي محدود
حقق المغرب 22.9% فقط من التمكين السياسي المنشود، ليحل في المرتبة 91 عالمياً. وعلى الرغم من ارتفاع نسبة النساء في بعض المؤسسات التمثيلية، كالبرلمان والمجالس الجماعية، إلا أن التمثيل لا يزال بعيداً عن مستوى اتخاذ القرار الفعلي في الجهاز التنفيذي والإداري.
وتبقى الحكومة الحالية مثالاً على هذا التفاوت، حيث لا تمثل النساء سوى نسبة ضئيلة من الحقائب الوزارية، كما تظل المناصب العليا في الإدارات والمؤسسات العمومية حكراً في الغالب على الرجال.
آيسلندا في الريادة..والمغرب ضمن الأواخر
للسنة السادسة عشرة على التوالي، حافظت آيسلندا على الصدارة كأفضل دولة في تحقيق التكافؤ بين الجنسين، بإغلاق أكثر من 90% من الفجوات. كما حلت كل من فنلندا والنرويج في المراكز الثلاثة الأولى. في المقابل، يظل المغرب ضمن العشر دول الأخيرة في التصنيف، مما يستدعي وقفة تقييم شاملة للسياسات الحالية، وفق ما يشير إليه التقرير.
الرسالة واضحة: إصلاحات عميقة أم اتساع الفجوة؟
يُجمع المتتبعون أن تجاوز هذا الوضع يتطلب انتقالاً من السياسات الرمزية إلى إصلاحات هيكلية تشمل سوق الشغل، والتعليم المهني، وآليات التعيين في مناصب القرار، إلى جانب مراجعة الثقافة المؤسسية التي لا تزال تُقصي النساء بشكل مباشر أو غير مباشر.
فرغم الخطاب السياسي الإيجابي، تبقى الأرقام والمؤشرات العالمية مرآة حقيقية لواقع النساء في المغرب. والمؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين لسنة 2025، يُعد دليلاً صارخاً على أن المساواة ما زالت وعداً مؤجلاً في المملكة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك