أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي
أصدر جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني (BND) تقريراً سرياً تم تسريبه عبر مصادر إعلامية أوروبية، يكشف عن فضيحة مالية مدوية تمس أعلى هرم السلطة في الجزائر.
التقرير، الذي حصلت عليه جهات دولية وبدأ يتداول في الأوساط السياسية والإعلامية الأوروبية، يتضمن معطيات دقيقة حول أموال مهربة وممتلكات مسجلة بأسماء 12 مسؤولاً جزائرياً رفيع المستوى، على رأسهم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ورئيس أركان الجيش السعيد شنقريحة.
تفاصيل خطيرة وأرقام صادمة
بحسب التقرير الألماني، فإن حجم الأموال التي تم تهريبها من الجزائر خلال العقد الأخير من قبل هؤلاء المسؤولين يتجاوز 21 مليار يورو، موزعة بين حسابات مصرفية في سويسرا، ولوكسمبورغ، وألمانيا، وبلجيكا، فضلاً عن استثمارات عقارية ضخمة في باريس وجنيف ولندن.
وكشف التقرير أن للرئيس تبون شخصياً حسابات نشطة في كل من بنك "UBS" السويسري وبنك "Deutsche Bank" الألماني، مسجلين بأسماء شركات وهمية تعود ملكيتها الفعلية له ولأفراد من عائلته. ويبلغ مجموع الأموال المودعة باسمه وعائلته حوالي 3.8 مليار يورو.
أما الفريق أول السعيد شنقريحة، فتم رصد تحويلات مصرفية متكررة لحسابات في بلجيكا والنمسا بقيمة إجمالية تناهز 2.9 مليار يورو، إضافة إلى عقارات فاخرة في ضواحي فيينا وبرلين جرى اقتناؤها عبر شركات واجهة يديرها وسطاء فرنسيون ومغاربة.
شبكة تهريب محكمة التنظيم
يؤكد تقرير الـ BND أن عمليات التهريب تمت عبر شبكة منظمة تضم محامين دوليين، ومدراء بنوك خاصة، ومستشارين ماليين في شركات أوفشور مسجلة في جزر الكايمان والباهاما. وقد استُعملت هذه الشبكة لتحويل الأموال من صفقات مشبوهة مرتبطة أساساً بقطاع الطاقة، والتسلح، والبنى التحتية، نحو ملاذات آمنة.
ويشير التقرير إلى وجود تعاون ضمني بين بعض المسؤولين الجزائريين ومسؤولين أوروبيين، سهّلوا عمليات تبييض الأموال لقاء عمولات، في انتهاك صارخ للقوانين الأوروبية المنظمة لمراقبة حركة رؤوس الأموال.
الجزائر تحت مجهر المؤسسات الدولية
هذه المعطيات الخطيرة دفعت مؤسسات رقابة مالية أوروبية، على رأسها هيئة "تراكفين" الفرنسية، إلى المطالبة بفتح تحقيق دولي مستقل في ممارسات الفساد بالجزائر، حيث يتم الآن إعداد ملف كامل لرفعه إلى البرلمان الأوروبي. كما تنظر هيئات الشفافية المالية في تفعيل آليات تجميد أصول بعض المسؤولين الجزائريين المتورطين.
ويحذر التقرير من أن استمرار تهريب الأموال بهذا الشكل يُهدد الاقتصاد الجزائري المنهك أصلاً، ويقوض أي جهود للإصلاح أو التنمية، خاصة مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة واحتقان اجتماعي متصاعد في البلاد.
تبون وشنقريحة في مأزق داخلي ودولي
ورغم محاولة الإعلام الرسمي الجزائري التغطية على التسريبات، إلا أن الضغوط الدولية تتصاعد على النظام الحاكم، في ظل صمت رسمي مطبق من الرئاسة الجزائرية والمؤسسة العسكرية. وذكرت مصادر إعلامية ألمانية أن الحكومة الألمانية لم تنفِ مضمون التقرير، ما يضع تبون وشنقريحة في موقف حرج دولياً، ويفتح الباب أمام مطالب شعبية متجددة بفتح تحقيقات داخلية واسترجاع الأموال المنهوبة.
خلاصة القول، يمثل تقرير جهاز الـ BND الألماني ضربة قوية لصورة النظام الجزائري دولياً، خاصة في ظل تزايد المطالب الشعبية بإنهاء الفساد وإرساء حكم ديمقراطي شفاف. فهل ستتحرك الجهات القضائية داخل الجزائر وخارجها لمحاسبة المتورطين؟ أم أن شبكات الفساد ستحصن نفسها مجدداً في ظل تواطؤ داخلي وصمت دولي؟ الأيام المقبلة ستكون حاسمة في كشف مستقبل النظام السياسي الجزائري وسط عاصفة من التسريبات والمحاسبة المحتملة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك