أنتلجنسيا المغرب:وصال . ل
في لحظة رمزية اختلط فيها عبق التاريخ
برؤية المستقبل، ترأست صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم احتفالاً مهيباً
بالذكرى الثلاثين لتأسيس المرصد الوطني لحقوق الطفل، في قلب العاصمة الرباط. هذه
المناسبة لم تكن مجرد تظاهرة بروتوكولية، بل محطة مفصلية أعادت تسليط الضوء على
المسار الطويل الذي قطعته المملكة دفاعاً عن الطفولة، تحت قيادة سامية لصاحب
الجلالة الملك محمد السادس، الذي جعل من حماية الطفل جوهر السياسات العمومية وأساس
البناء المجتمعي.
الاحتفال افتُتح بعرض فني مؤثر مزج
بين الجسد والإحساس في رقصة معاصرة، حملت عنوان "نضال المرصد من أجل حقوق
الطفل"، جسّد فيها الفنانون الشباب على الخشبة معاناة الطفولة وأحلامها، كما
عبّروا برشاقة الحركة وقوة التعبير عن الإنجازات التي تحققت منذ إحداث المرصد، في
مشهد لامس الوجدان وهزّ الضمائر الحاضرة.
وشكلت الرقمنة واحدة من اللحظات
البارزة في الحفل، حيث أُعلن رسمياً عن إطلاق أول تطبيق رقمي للدفتر الصحي للطفل،
في خطوة ثورية تهدف إلى تقريب المعلومة الصحية من الأسر، وتسهيل تتبع نمو الأطفال
وحمايتهم من الهشاشة. هذا التحول الرقمي الذي تم برعاية الأميرة للا مريم، يعكس
وعياً استباقياً في جعل التكنولوجيا في خدمة الطفولة، لا سيما في مجالات الوقاية
والتتبع والتربية الصحية المبكرة.
ولم يقف الحفل عند حدود الرمزية، بل
مضى نحو الفعل الميداني عبر توقيع ثلاث اتفاقيات استراتيجية تهم الصحة النفسية
للأطفال، تكوين الفاعلين، وتعزيز المشاركة المؤسساتية. كل اتفاقية كانت ترجمة
فعلية لإرادة سياسية عليا ترمي إلى تمتين شبكة الحماية حول الطفل المغربي، وضمان
إشراكه في صناعة القرارات التي تهمه، في انسجام مع المواثيق الدولية ومقتضيات
الدستور المغربي.
الجانب الإنساني طغى على اللحظة حين
قامت الأميرة للا مريم بتوشيح ثلاث شخصيات بصمت تاريخ المرصد بعطاءات نوعية،
أبرزهم الوزيرة نادية فتاح، والوزير الأسبق مولاي إسماعيل العلوي، والفاعلة
الميدانية أمينة وارد، التي خلدت أزيد من ثلاثين عاماً في خدمة قضايا الطفولة. هذه
اللحظة كانت اعترافاً صريحاً بقيمة التفاني والإخلاص، في زمن تتنازع فيه القيم
وتعلو فيه الضوضاء.
الرباط، في هذا اليوم، لم تكن مجرد
عاصمة سياسية، بل تحولت إلى منبر أممي لقضية إنسانية نبيلة. حضور وازن لوزراء
ومسؤولين وشركاء وطنيين ودوليين، إضافة إلى الأطفال البرلمانيين من مختلف جهات
المملكة، أضفى على الاحتفال طابعاً وطنياً شاملاً وأعطى إشارة قوية إلى أن المغرب،
تحت رعاية ملكه، ماضٍ بعزم نحو تمكين الطفل من العيش الكريم، والتعليم السليم،
والصحة الشاملة، والمشاركة الواعية في صنع مستقبله.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك