أنتلجنسيا المغرب:أبو ملاك
وسط أجواء مشحونة بأسئلة مصيرية حول
واقع التكوين الصحي، وفي ظل اختلالات مزمنة تهدد النجاعة البيداغوجية للمعاهد
العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، انعقد لقاء حاسم يوم 15 ماي 2025 بين
اللجنة الوطنية لأساتذة وموظفي هذه المعاهد ومديرية الموارد البشرية بوزارة الصحة.
اللقاء، الذي وصف
بـ"التمهيدي"، لم يكن عادياً، بل حمل معه إشارات قوية لتغيير ممكن في
علاقة الوزارة بنقابة مناضلة تُصر على جعل الحوار قاعدة لا استثناء، حيث تم التطرق
إلى ملفات استعجالية تمس جوهر الحكامة، وتعطيل المجالس الداخلية، وغياب أرضية
قانونية واضحة تسند مهام هذه المؤسسات التي تقف اليوم على مفترق طرق.
وقد كشف البلاغ الذي توصلت به
"أنتلجنسيا المغرب" أن النقابة، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية
الديمقراطية للشغل، لم تكتف بنقد الوضع القائم، بل تقدمت بمقترحات نوعية تُعيد
الاعتبار للبعد الأكاديمي والبحثي داخل هذه المعاهد، وفي مقدمتها مشروع إنشاء
مكتبة وطنية لعلوم التمريض مرفوقة بمنصة رقمية حديثة، تُمكن من تجويد التكوين،
وتحصين المسار العلمي للأساتذة والطلبة على حد سواء.
الوزارة من جهتها، عبّرت على لسان
مديرها عن "استعداد مبدئي" لعقد لقاءات متواصلة، دون أن تخفي صعوبة
تفعيل عدد من المطالب في ظل بطء الآليات الجهوية، ما يؤكد أن الصراع المؤسساتي لا
يزال قائماً وإن خفّت حدّته مؤقتاً.
وإذا كان اللقاء قد خلص إلى التزامات
أولية من طرف الوزارة بشأن فتح باب الترشيحات، وضمان الشفافية، ووضع مذكرة تؤطر
التداريب الميدانية، فإن وفد النقابة شدد بالمقابل على ضرورة إقرار موعد قار
لامتحانات الولوج، وإعادة النظر في الامتحانات الشفوية لضمان مصداقيتها. غير أن
المحك الحقيقي لهذه التفاهمات سيظهر لاحقاً في اللقاءات القادمة التي يُفترض أن
تحسم قضايا عالقة، من قبيل ملف الأساتذة الباحثين، والوضعية المالية، ومدة
التمرين. فهل نحن أمام بداية مسار إصلاحي جدي، أم مجرد جرعة تهدئة ظرفية لتفادي
انفجار القطاع من الداخل؟.
نـص البــلاغ كامــلا:
بلاغ بخصوص
اجتماع اللجنة الوطنية ل ISPITS مع وزارة الصحة
في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها
المنظومة الصحية الوطنية، وما تعيشه المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة
من تحديات بنيوية وبيداغوجية، ومن منطلق مسؤوليتنا النقابية والتاريخية في الدفاع
عن حقوق الشغيلة الصحية داخل هذه المؤسسات انعقد لقاء تنسيقي أولي يوم الخميس 15
ماي 2025 بمقر مديرية الموارد البشرية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، جمع بين
السيد مدير الموارد البشرية، ووفد يمثل اللجنة الوطنية لأساتذة وموظفي المعاهد العليا
للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بالمغرب عن النقابة الوطنية للصحة المنضوية تحت
لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.
وقد خصص هذا اللقاء لمناقشة مجموعة من
الملفات ذات الطابع الاستعجالي، وفي مقدمتها مأسسة الحوار الاجتماعي على مستوى
المعاهد، انسجاما مع مقتضيات الفقرة الخامسة من المذكرة المتعلقة بإحداث اللجان
داخل المؤسسات التابعة للوزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
وقد ثمن السيد المدير، في مستهل
اللقاء، الأدوار الريادية التي تضطلع بها المعاهد العليا في تكوين الأطر الصحية
ونوه بالمجهودات المتواصلة لأساتذتها وموظفيها، معبرا عن استعداد الوزارة لعقد
سلسلة من اللقاءات التشاركية أولها مبرمج يوم 21 ماي 2025، وذلك من أجل مناقشة
قضايا الحكامة وتطوير التكوين البيداغوجي، في إطار شراكة قائمة على قوة اقتراحية
فعالة ومسؤولة.
وقدم وفد اللجنة النقابية تشخيصا
دقيقا لمجموعة من الاختلالات المرتبطة بالحكامة داخل عدد من المعاهد، منها تعطيل
مجالس المؤسسات غياب هيكلتها الكاملة، عدم تفعيل اللجان الدائمة والمؤقتة، وغياب
قانون داخلي مؤطر السير عمل هذه المجالس.
وفي نفس السياق، شدّد الوفد النقابي
على ضرورة إعادة تقييم وتحيين القانون الداخلي للمعاهد، وتكييفه مع المستجدات التي
يعرفها قطاع التكوين الصحي، مع اعتماده في الجريدة الرسمية على غرار القانون
الداخلي لمعاهد التكوين في الميدان الصحي سابقا IFCS
، وذلك بهدف إضفاء الحجية القانونية لها.
وفي مبادرة نوعية، اقترح وفد النقابة
الوطنية للصحة إحداث مكتبة وطنية لعلوم التمريض وتقنيات الصحة، مع أرضية رقمية
مرافقة، تعنى بتوفير المراجع العلمية، ودعم التكوين الأساسي للطلبة، وتعزيز البحث
العلمي للأساتذة، بما يتماشى مع المنظور البيداغوجي الجديد القائم على الكفاءات.
وقد تم تقديم الخطوط العريضة لهذا المشروع الطموح كأرضية أولية قابلة للتطوير في
إطار شراكة مستقبلية.
وفي تجاوب مع مطلب النقابة بشأن فتح
باب الترشيح لشغل مناصب المسؤولية داخل المعاهد، أكد السيد المدير أن مسطرة
الترشيحات ستفعل في أقرب الآجال، بما يضمن الشفافية وتكافؤ الفرص، ويُعيد الحيوية
للإدارة بالمعاهد. كما تم التطرق إلى إشكال التداريب الميدانية للطلبة بالمؤسسات
الاستشفائية، حيث شدّد وفد النقابة على ضرورة
توفير عدد كاف من أماكن التدريب،
ومراعاة خصوصيات التخصصات. وقد تعهد السيد المدير بإصدار مذكرة تنظيمية وطنية تؤطر
هذه التداريب لضمان تكافؤ الفرص بين الطلبة وتحديد الحقوق والواجبات بشكل واضح.
وفي ختام اللقاء، نبه الوفد إلى ضرورة
برمجة امتحانات الولوج في بداية السنة الجامعية، ضمانا لانطلاقة بيداغوجية منظمة،
وتفاديا لحالة الارتباك الإداري والأكاديمي. كما شدد على أهمية إعطاء الامتحان
الشفوي المصداقية اللازمة للانتقاء لما له من قيمة في تقييم قدرات المترشحين.
وفي رده، أوضح السيد المدير أن تأخر
تنظيم المباريات راجع إلى تأخر اللجان الجهوية في تحديد الحاجيات مطمئنا الوفد بأن
امتحانات الولوج المقبلة ستنظم قبل نهاية شهر أكتوبر 2025، في أفق العودة إلى
البرمجة العادية.
وفي ختام اللقاء، تم الاتفاق على
تعميق النقاش في لقاءات لاحقة، لمواصلة معالجة القضايا العالقة، وعلى رأسها ملف
الأساتذة الباحثين، مدة التمرين، والوضعية الإدارية والمالية، في أفق بلورة حلول
منصفة.
وعاشت النقابة الوطنية للصحة صامدة،
مناضلة، ومدافعة عن كرامة وحقوق العاملين بالمعاهد.
النقابة الوطنية للصحة CDT
المنسق الوطني - المهدي غيور
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك